الكاظمي يفكك مراكز القيادة لإخضاع الحشد الشعبي لسلطته

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/05/18

منبر المقاومة – متابعات:يسعى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى تفكيك مراكز القيادة الحالية في قوات الحشد الشعبي وإعادة توزيع الأدوار داخل هذه المؤسسة، كي تكون مؤهلة للخضوع إلى القيادة العامة للقوات المسلحة، كسائر الصنوف العسكرية والأمنية الأخرى، وفقا لمصادر مطلعة في بغداد.
 
وذكرت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن الزيارة التي قام بها الكاظمي إلى مقر هيئة الحشد يوم السبت، كادت تفشل قبل موعدها بساعات قليلة، وذلك بعدما تأكد فالح الفياض الذي يشغل حتى الآن منصب قائد الحشد الشعبي وعبدالعزيز المحمداوي “أبو فدك” قائد أركان الحشد، من أنهما مشمولان بخارطة التغييرات الجديدة.وكشفت المصادر أن الفياض رفض الحضور في استقبال الكاظمي يوم السبت، ما هدد بإفشال الزيارة، لكن أطرافا عديدة تدخلت لإتمامها.وجاءت زيارة الكاظمي بعد أيام من أحاديث متقاطعة عن نية الكاظمي حل هيئة الحشد الشعبي أو إعادة هيكلتها أو استبدال قيادتها، لكن رئيس الوزراء العراقي عبّر يوم السبت عن التزامه بالإبقاء على هذه القوة والاستفادة منها.كما جاءت الزيارة أيضا في وقت كشفت فيه مصادر دبلوماسية في بغداد أن ملف الحشد الشعبي والسيطرة عليه، سيكون من بين أهم بنود مفاوضات العراق والولايات المتحدة المنتظرة الشهر القادم، حيث سيعاد رسم ملامح العلاقة بين البلدين، بعد مرحلة من الشد والجذب.وقال الكاظمي “إننا مقبلون على صولة نهائية لاجتثاث تنظيم داعش الذي يحاول إعادة تنظيم فلوله”، مؤكدا أن “مقاتلي الحشد الشعبي في مقدمة الذين ينفذون هذه الصولة إلى جانب إخوانهم في الجيش وبقية القوات”.وحذر الكاظمي “من وجود بعض الأصوات النشاز التي تحاول إيجاد فجوة بين الحشد وبين الدولة”، قائلا إن “هذا التشكيك يجب أن يتوقف”.وشدد على “دعمه للحشد في إطاره القانوني والرسمي، ووعد قيادة الحشد الشعبي بزيارات مقبلة للاطلاع على احتياجاتهم وتنسيق العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي”.وفي حركة لافتة، ارتدى الكاظمي قبل مغادرته مقر الهيئة الزي الرسمي للحشد الشعبي، في إشارة إلى تبنيه الكامل لهذه القوة المثيرة للجدل.وتقول مصادر إن تحركات الكاظمي في هذا الاتجاه تترجم خطته لـ”الاحتواء البارد” لمراكز التوتر في البلاد، وعلى رأسها ملف الحشد الإشكالي، الذي يشاع على نطاق واسع أن العديد من فصائله الضاربة تأتمر بأوامر إيران طيلة حقبة ولاية رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي.ويتحدث أعضاء في فريق الكاظمي عن نية تفكيك قيادة الحشد الشعبي الحالية، عبر تحويل الفياض إلى مستشار أمني رمزي لا يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية، فضلا عن إزاحة “أبوفدك” من الواجهة، لصالح شخصيات أخرى موالية للمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني ورئيس الوزراء العراقي.وتوضح المصادر أن رفض الفياض المشاركة في استقبال الكاظمي خلال زيارته يوم السبت إلى مقر هيئة الحشد، يرتبط بإدراكه أن حقبة وجوده على رأس إدارة هذه القوة في طريقها نحو النهاية، مشيرة إلى أن ارتداء زي الحشد من قبل الكاظمي خلال الزيارة يؤذن بوضع رئيس الوزراء يده على هذه القوة.وقام الكاظمي بزيارة مقر هيئة الحشد، بعد سلسلة زيارات إلى مقرات تشكيلات عسكرية أخرى، الأمر الذي كشف عن أولويات رئيس الوزراء الجديد، التي تتعلق الآن بإحكام قبضته على الملف الأمني، عقب تنصيب عثمان الغانمي الذي يوالي السلك الحكومي بشكل كامل ويقع فعليا خارج دائرة النفوذ الإيراني، وزيرا للداخلية.ويقول مراقبون إن السيطرة على الحشد الشعبي، أو الجزء الأكبر من قوته، لا تتطلب أكثر من سيطرة الحكومة على ملف رواتب مقاتليه، الذي وقع لسنوات عدة تحت سيطرة زعماء ميليشيات موالية لإيران.ويقول مقاتلون في الحشد الشعبي إن زعماء ميليشيات موالية لإيران يقتطعون منذ 2018 جزءا من رواتب أفراد هذه القوة بشكل تعسفي، ويحولونه إلى حسابات خاصة، وسط عجز حكومي واضح عن مراقبة هذا الملف أو التدخل فيه.واستخدمت هذه الأموال التي تقدر بملايين الدولارات لتمويل أنشطة عسكرية خارجة عن القانون بتوجيهات إيرانية، مثل عمليات استهداف مقر السفارة الأميركية في بغداد بالصواريخ والهجمات المستمرة على مواقع عسكرية عراقية تستضيف قوات أميركية.وكشفت مصادر دبلوماسية في بغداد أن ملف الحشد الشعبي والسيطرة عليه، سيكون من بين أهم بنود مفاوضات العراق والولايات المتحدة المنتظرة الشهر القادم، حيث سيعاد رسم ملامح العلاقة بين البلدين، بعد مرحلة من الشد والجذب، انتهت إلى توتر غير مسبوق في تعاملات بغداد وواشنطن في عهد حكومة عبدالمهدي.ومع وصول الكاظمي إلى منصب رئيس الوزراء، يعتقد مراقبون أن الولايات المتحدة استعادت هيمنتها على الملف العراقي، مقابل تراجع واضح في الدور الإيراني، بسبب العقوبات الأميركية ذات الطابع الاقتصادي على طهران، والتي عمقت آثارها جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط.وتقول المصادر إن الكاظمي انتزع تعهدا صريحا من زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وزعيم حركة النجباء أكرم الكعبي، وهي جميعها ميليشيات مقربة من الحرس الثوري الإيراني، بالكف الكلي عن أي أعمال سلبية داخل العراق، بما في ذلك مهاجمة مصالح واشنطن وقواتها العسكرية، مقابل تجنيبها أي عمليات أميركية عدائية.وتشرح المصادر أن هذا التعهد سيكون حاضرا على طاولة المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الشهر القادم، في ظل حاجة الكاظمي إلى وضع داخلي مستقر، يمكّنه من مواجهة أعباء الأزمة الاقتصادية الخانقة، الناجمة عن هبوط أسعار النفط.وقال مراقب سياسي عراقي إذا كان الكاظمي قد قرر أن يبدأ ماراثون الإصلاح من نقطة الحشد الشعبي فإنه يكون بذلك قد اختار واحدا من أكثر ملفات الفساد تعقيدا في العراق. وهو ما يمكن أن ينذر بوقوع صدام بينه وبين شخصيات، تعتبر حتى هذه اللحظة من رموز المقاومة بسبب ولائها لإيران وهي تملك ما لا يستهان به من أسباب القوة التي تؤهلها لتعكير صفو المرحلة التي يعتقد البعض أنها ستكون لحظة تحول في طبيعة النظام الذي أقيم بعد الاحتلال.ولا تعتمد التهدئة التي اختارها الكاظمي سبيلا للتفاهمات على التسويات القديمة بناء على التغيرات التي تشهدها المنطقة في ظل انكفاء إيراني لم يكن متوقعا.لذلك يمكن القول إن في إمكان رئيس الوزراء أن يوجه ضرباته إلى المناطق التي يعتقد أنها لم تعد مؤثرة أو فاعلة في العملية السياسية.وشدد المراقب العراقي في تصريح لـ”العرب” “إذا كان الكاظمي مصمما على احتواء الحشد الشعبي باعتباره جزءا من القوات المسلحة العراقية فإن ذلك يتطلب إجراء الكثير من التغييرات التي ستطال قيادات الحشد، وبالأخص زعماء الميليشيات الذين يصرون على استقلالية تنظيماتهم مكتفين بما يحصلون عليه من أموال سائبة”.وأوضح “صحيح أن المهمة التي يتصدى لها الكاظمي ليست يسيرة، غير أنها في الوقت نفسه ليست مستحيلة في ظل شعور بعض قيادات الحشد بالإحباط نتيجة تغير المعادلات المحلية الإقليمية بسبب الضائقة المالية التي يعاني منها العراق وإيران معا”.وأضاف “إذا نجح الكاظمي في احتواء الحشد وسيطر إلى حد ما على جزء من السلاح غير القانوني فإن خطواته التالية في اتجاه تطهير مؤسسات الدولة من مواقع القوى ستتم بسلاسة غير متوقعة؛ فالحشد بميليشياته الفالتة هو العقبة التي تحول دون البدء في استئناف الحياة المدنية”.
 

ذات صلة