حوار - جمال شمسان مدير مديرية المقاطرة: هيجة العبد خارجة عن الجاهزية وطريق الكدحة رئة ثانية لتعز المحاصرة
- تعز، الساحل الغربي، ضيف الله الصوفي:
- 02:10 2023/01/29
- طريق هيجة العبد ممر ريفي تحولت بفعل حصار الحوثي إلى شريان رئيس لتعز
- توقف هيجة العبد يعني توقف شريان تعز
- طريق الكدحة رئة ثانية لتعز المحاصرة
منذ البدايات الأولى للحرب، وحصار مليشيا الحوثي لمدينة تعز تحولت هيجة العبد إلى ممر رئيس يربط المدينة بالعاصمة المؤقتة عدن.. هذا التحول جعلها تتحمل فوق إمكانيات الطريق، ما تسبب بخروجها العديد من المرات عن الصلاحية، وكثيرة هي قصص المعاناة الإنسانية في طريق ضيقة، وعرة وجبلية.
اليوم وبعد مرور ثمانية أعوام من حصار المنافذ، يحاول الساحل الغربي، قراءة تفاصيل طريق الموت، كما يسميها البعض.. في هذا الحوار، يجيب جمال شمسان، مدير مديرية المقاطرة بتعز، عن جملة من الاستفسارات التي تتعلق بهيجة العبد.
* هيجة العبد.. تحولت منذ البدايات الأولى للحرب إلى شريان رئيس لملايين المدنيين؛ لكنها اليوم تبدو بأسوأ حالاتها.. اشرح لنا ما الذي جرى؟
** الحديث يطول عن طريق هيجة العبد، وما حل بها من خراب ودمار.. أعتقد الجميع يعلم أن هذه الطريق أنشئت كممر ريفي؛ لكن الحرب وحصار الحوثي حول الهيجة إلى شريان رئيس لتعز، يربطها بكل المحافظات، ويخدم تنقلات المواطنين، ودخول الاحتياجات التموينية المختلفة منذ سبع سنوات.. هذا التحول انعكس على أهلية الطريق لاستمرار مرور مئات المركبات المختلفة والشاحنات الكبيرة على مدار الساعة، بالتالي خرجت عن الجاهزية لأنها ممر ريفي لا تتحمل ذلك الكم الهائل من المركبات التي أحدثت الدمار والخراب.
* يرى البعض أن سوء حالة الطريق، يرجع إلى مرور عدد من السيارات والشاحنات يوميًا، الأمر الذي جعل هيجة العبد تتحمل فوق طاقتها.. ما تعليقك؟
** هيجة العبد تحملت فوق طاقة الطريق، ما سبب لها الخراب والدمار، وخروجها عن الصلاحية لأكثر من مرة.. تضررت من مختلف النواحي، حدثت تكسرات للاسفلت، وتفتت الصبيات الاسمنتية بفعل الشاحنات الكبيرة.. كما تضررت إثر انعدام الحماية، وتساقط الصخور أثناء مواسم الأمطار، وانسداد العبارات والدتشات، لتتحول الطريق إلى مجرى مائي يزيد من خرابها باستمرار.
إقرأ أيضاً:
- ملف خاص - لماذا "الكدحة - البيرين" انتصار تعز على الحصار؟.. قصة "هيجة العبد": شريان حياة محفوف بالموت (تحقيق مصور)
- أشغال مشروع كسر الحصار عن تعز تنتقل إلى وضع طبقة الأسفلت في طريق استراتيجي
- بالصور والفيديو (2) - تتوغل أعمال إنجاز مشروع كسر الحصار عن تعز
- بالصور: تقدم حثيث لأشغال مشروع كسر الحصار عن تعز (الكدحة -البيرين)
* هيجة العبد مرت بالعديد من مراحل التأهيل والصيانة خلال السنوات الماضية؛ لكن ثمة مشكلات برزت إلى السطح، وتسببت بتوقف المشروع.. هل لك أن تشرح لنا تفاصيل مرحلتي التأهيل؟
** في الحقيقة السلطة المحلية بالمديرية، وبدعم المحافظ، قامت بالتواصل مع رئاسة الوزراء، ووزارة الأشغال العامة، ليجري التدخل في إعادة تأهيل الطريق عبر تمويل صندوق صيانة الطرق، وبتكليف مؤسسة الطرق الريفية فرع التربة على أساس أن يتم التأهيل عبر عدة مراحل، لكن للأسف الشديد المؤسسة المنفذة امكاناتها محدودة جدًا، وليست لديها القدرة على العمل بالجودة المطلوبة.. في البداية باشرت عملها بالمرحلة الأولى، وأسهمت في زيادة خراب الطريق؛ وذلك بتكسير الطبقة الاسفلتية، وبعض الصبيات وتركتها دون صيانة.. وبالرغم من الشكوى التي رفعت إلى الجهات الممولة وصندوق الطرق بأن المؤسسة غير قادرة على إنجاز المشروع، ولدينا تقارير لمهندسين، ومشرفين في السلطة المحلية إلا أنه للأسف أعادوهم العمل بمرحلة ثانية بعد 4 شهور ولم تعمل بهذه المرحلة سوى 60 مترًا.
زادت معاناة الناس وعملوا وقفات احتجاجية واستضافوا قنوات ووسائل إعلام حاولت نقل الواقع بصورة وصلت رسائل كثيرة لقيادة الحكومة، حيث تم تكليف الصندوق بعمل مناقصة محدودة لأسبوعين، وبدأ العمل بها كمرحلة ثالثة مصنف ولديه امكانية، وتم إنجاز المرحلة الثالثة في أجزاء بسيطة من الطريق، مسافة لا تتجاوز 2 كيلو ونصف صبيات واسفلت.. وبالمقابل تُركت الأماكن الصعبة التي هي اليوم مدمرة بشكل كامل، وخطيرة.
استمررنا بمتابعة المرحلة الرابعة، حيث تواصلت الحكومة بصندوق الإعمار السعودي، وتم الاتفاق لاستكمال الطريق بشكل كامل، وتم عبرهم (صندوق الإعمار) استكمال الإجراءات، والإعلان عن تنفيذ شركة الفيصل، والتي رسا عليها عمل التأهيل ب20 مليون ريال، ووضعت حجر الأساس.. ولم يتم مراعاة تأهيل الطريق البديل -كربة الصحى- لاستقبال مرور الشاحنات وهو ما سبب تأخير التنفيذ بهيجة العبد.
تحملت قيادة صندوق الطرق برئاسة المهندس معين الماس مهمة تمويل تأهيل طريق كربة الصحى، وشركة الخضيري تقوم بتأهيله، وتسببت الأمطار الموسمية بتأخير العمل؛ لكن الأمور تجري على قدم وساق من أجل إنجاز المشروع بصورة مكتملة، إذ يتبقى فترة بسيطة لا تجاوز الشهرين بالكثير لافتتاح طريق كربة الصحى، وتحويل حركة المرور عبرها، وإغلاق الهيجة لبدء أعمال الصيانة، والتأهيل الكامل للطريق بحدود 8 كيلومترات.
* يتوقع كثيرون خروج الطريق عن الصلاحية، نظرًا لتوقف أعمال الصيانة.. كيف ترى ذلك؟
** طريق هيجة العبد هي خارج الجاهزية، وتحولت بسبب الخراب والدمار الذي حل بها خلال السنوات الماضية إلى طريق ترابية وجبلية، باستثناء المنطقة التي تم تأهيلها عبر المرحلة الثالثة، لا تتجاوز 2 كيلومتر؛ بينما المسافة المتبقية من الطريق كلها ترابية.. هذه الطريق يتضرر منها الكثير من الناس، فإلى جانب معاناة المسافرين، هناك مدنيون يسكنون بالقرب من الهيجة، يعانون من أمراض مزمنة كالربو وغيرها من الأمراض التنفسية.. إضافة إلى ذلك كثرت حوادث السير، وصارت العديد من السيارات تتواجد في الهيجة لسحب السيارات والمركبات في الأماكن الأكثر وعورة.
للأسف الشديد، سائقو الشاحنات الكبيرة المحملة فوق طاقتها عشرات الأطنان من النيس والأحجار والإسمنت والحديد لم يراعوا التخفيف من الحموالات للتخفيف على الساكنين بالقرب من الطريق، علمًا أن الحمولات الزائدة هي من أحدثت كل هذا الخرب بطريق هيجة العبد.
* تكثر نداءات أهالي المناطق القريبة من طريق الهيجة، بما في ذلك أبناء مديرية المقاطرة.. يدعون السلطات والمنظمات الإنسانية بسرعة معالجة الطريق، والاهتمام بها.. كيف تفسر هذا الصمت الحكومي الغريب؟
** نداءات واستغاثة المواطنين كان لها الدور الأكبر في توصيل رسائل إنسانية لقيادة الحكومة بأهمية عمل حلول لهذا الطريق الذي يعد شريان تعز، حيث لاقت تلك الوقفات والأخبار وبمساندة الإعلام بمختلف وسائله المرئية والمكتوبة.. اشترك الجميع في إيصال رسائل للمسؤولين في اتخاذ القرار وإيجاد التمويل.. مهما كانت متابعاتنا كسلطة محلية فهي بسيطة مقارنة بالحملات الإعلامية التي كانت أكثر مساعدة لنا في تجاوب الحكومة.. ورغم تأخر الاستجابة أو العمل بنظام المراحل إلا أن المرحلة القادمة من تأهيل الطريق عبر صندوق الإعمار ستكون بمثابة حلول جذرية للمعاناة، وتأهيل شامل لطريق هيجة العبد.
* من المسؤول الأول خلف توقف إصلاحات طريق هيجة العبد؟
** المسؤول الأول خلف توقف إصلاحات طريق هيجة العبد هي الجهات ذات العلاقة بالطرق، وزارة الأشغال وصندوق صيانة الطرق بسب:
- مراعاة أهمية الطريق وضرورة تأهيلها بشكل كامل دون تجزئة بمراحل.
- عدم مراعاة تأهيل الطريق البديل قبل بدء العمل في الهيجة للضرورة، وصعوبة تأهيل الهيجة ومرور المركبات.
- عدم اختيار المنفذ المؤهل في المرحلتين الأولى والثانية.. وعدم التقييم للعمل بإيجاد استشاري ذي كفاءة ونزاهة في الرفع بصورة شفافة..
- عدم التجاوب مع السلطة المحلية عند المتابعة بضرورة سرعة تنفيذ المراحل وأيضا اشراكها في الرقابة على الأعمال من خلال كبار المهندسين.
* ماذا لو توقف طريق هيجة العبد؟
** توقف هيجة العبد، يعني توقف شريان تعز؛ ولا بد من إيجاد دعائم لاستمرار الحياة للمدينة المحاصرة.. ورغم كل ما حل بالهيجة إلا أنها ما زالت تساعد المحافظة.. وكذلك طريق كربة الصحى ستكون في خدمة تعز، وستكون الطريقان -كربة الصحى، هيجة العبد- بمثابة رئة لتعز، فيما الرئة الأخرى هي طريق الكدحة البيرين التي دشنها العميد طارق صالح، استجابة لمعاناة تعز الإنسانية.