بين السياسة والكرة.. شجاعة الصرخة الصامتة للمنتخب الإيراني

  • (أ ف ب):
  • 10:54 2022/11/23

كان أول ظهور للمنتخب الإيراني في نهائيات كأس العالم بقطر حديث الإعلام الدولي الاثنين، ليس بسبب خسارته الثقيلة أمام نظيره الإنكليزي، ولكن بسبب صمت اللاعبين المعبر عند عزف النشيد الوطني لبلادهم.
 
كرويا تلقى المنتخب الإيراني لكرة القدم صفعة قوية من نظيره الانجليزي في ظهوره الأولبمونديال قطر 2022 عندما سقط بسداسية قاسية، في خسارة أعادها مدرّبه البرتغالي كارلوس كيروش إلى ضغط "الظروف المحيطة باللاعبين". دخل الإيرانيون المباراة على استاد خليفة الدولي في الدوحة الاثنين (22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022)، عازمين على تسجيل موقف من الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية، فامتنعوا عن أداء النشيد الوطني في خطوة جاءت بعد مناقشات وبقرار "جماعي"، كما أشار سابقاً لاعبه علي رضا جهانبخش.
وتشهد إيران منذ قرابة شهرين، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها بالقواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية. باتت تلك الاحتجاجات من بين التحديات الأكبر لنظام الجمهورية الإسلامية منذ ثورة العام 1979، مع مقتل نحو 378 شخصاً في حملة لقمعها وفقاً لمنظمة حقوقية. ذلك الضغط تزامن مع مشاركة "تيم ملّي" فيكأس العالم، وبات محط أنظار ومطالبات من الجماهير الإيرانية لاتخاذ موقف حاسم من الاحتجاجات والسلطات التي استقبلت الفريق قبل التوجّه إلى الدوحة.
 
بلا نشيد وبلا احتفال بهدفين لم يغنيا من جوع أمام الإنكليز، كان الجمهور الإيراني الحاضر في الملعب منقسماً. مشجّعة تجهش بالبكاء، وآخرون يرفعون أعلام مؤيدة للاحتجاجات والنساء، وبعض يهتف "آزادي آزادي" أي حريّة باللغة الفارسية، وقسمٌ أتى من أجل كرة القدم فقط.
 
 
بين الساسية والكرة 
 
من بين هؤلاء خالد (28 عاماً) الذي قال إن "لا أحد يتحدث عن السياسة عندما تلعب فرنسا. هذا ليس حدثاً سياسياً. نحن هنا لدعم لاعبينا الذين عملوا بجد للوصول إلى هنا". رأيٌ لا يشاركه إياه سام (34 عاماً) الذي جاء من سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة مع أصدقائه، مرتدين قمصاناً كتب عليها بالفارسية "مرأة، حياة، حرية"، وهو شعار المتظاهرين في إيران. يقول سام إن "هذه المباراة (أمام إنكلترا) هي فرصة لنا لدعم الناس الذين يضحون بأرواحهم من أجل الحرية".
 
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تهافتت الدعوات إلى الجمهور الإيراني الحاضر في الملعب للهتاف أيضاً باسم أميني في الدقيقة 22 من المباراة. مسعود هاشمي (44 عاماً) يؤكد أيضاً أنه كان حزيناً، وآخر عرّف عن نفسه باسم "مو" أعرب عن "سعادته لامتناع اللاعبين إلقاء النشيد الوطني. لو فعلوا ذلك، فهم سيظهرون دعمهم للحكومة. إنهم أناس عاديون، مثلنا. وهم يتعرّضون لضغط هائل". وذلك الضغط كان محور حديث كيروش في مؤتمره الصحافي بعد المباراة.
 
سُئل البرتغالي عن الخسارة القاسية 6-2 للمنتخب في باكورة مبارياته ضمن منافسات المجموعة الثانية، فقال من وجهة نظر فنية أولاً إن ذلك سببه "الفرق الواضح في المستوى وبالخبرة وبالسرعة (عند اللاعبين الإنكليز)". لكنه ما لبث أن حمّل على الجماهير الإيرانية، التي بدا أنها أطلقت صافرات استهجان لدى دخول سردار آزمون بديلاً في ربع الساعة الأخير من المباراة، ما أكد انقساماً جماهيرياً. وأوضح كيروش إن "الظروف المحيطة باللاعبين ليست الأفضل. هم بشر ولديهم أطفال ولديهم أحلام أن يلعبوا للبلد والناس، وأنا فخور بهم وبما فعلوه". وأضاف لكن "في العام 2018 كان لديهم دعم الجماهير الإيرانية. اليوم لا. أدعو المشجعين إلى دعم المنتخب وإلا فليعودوا إلى البلاد. إذا لم يكونوا هنا لدعم الفريق فلا داعي لتواجدهم".
 
وأردف المدرّب الذي يقود إيران مونديالياً للمرة الثالثة "مهما فعل اللاعبون أو قالوا يريدون قتلهم، وهم لا يريدون إلا أن يلعبوا كرة القدم. اتركوهم يمارسون كرة القدم. ذلك لا يعني أنه ليس لدينا آراء، ولكن لها وقتها". ومن المؤكد أنها ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي سيكون في المنتخب الإيراني تحت الأضواء.
 

 

ذات صلة