محمد.. طفل أعاقته قذيفة حوثية وأفقدته مستقبله (قصة إنسانية)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/08/09

خاص - منبر المقاومة - عبدالصمد القاضيمنذ اقتحام مليشيات الحوثي لمدينة تعز، تتردد على ألسنة سكان المدينة، واسر ضحايا قصفها الاجرامي على مختلف الاحياء السكنية حكايات لقصص مأساوية أبطالها أطفال المدينة ونسائها وكل وصلت اليه هذه الجرائم.
 
الطفل محمد باسم الاكحلي(12عاما) أحد ضحايا القصف المدفعي على المدينة، حيث فقد طرفه السفلي وما تبقى من مستقبله بفعل قذيفة عشوائية اطلقتها المليشيات الحوثية على حي الضبوعة وسط مدينة تعز، بداية العام 2016. والده باسم ياسين الاكحلي، يسرد لـ "منبر المقاومة" جريمة الحوثيين التي تسببت في اعاقة دائمة لطفل لم يعرف الحياة بعد، ويضيف: الحوثية جماعة إرهابية تمارس أبشع الجرائم لاشباع رغباتها، وهي على استعداد تام لإراقة دماء المواطنين دون ذنب، لن ننسى قذيفتهم الدموية حين سقطت امام منزلي بحي الضبوعة وسط مدينة تعز يوم الثلاثاء 16/3/2016 وطفلي محمد عائد من بقالة الحارة وبيده جعالة تحتوي على بعض الحلوى، كان محمد لم بتجاوز ثمانية اعوام حينها لتفاجئه قذيفة من نوع هورزر اطلقتها ملشيات الحوثي، تبعثرت اشلاءه وتتطايرت حياته وسيطرت رائحة البارود وغبار القذيفة على الحي، من شدة الانفجار اهتز المنزل، لكن ارتجاف قلبي كان أعظم من كل ذلك، بكل صوتي انادي، محمدددددددددددد! تكاد الحيطان تتكسر، خرجت مغيراً على الضحايا وخرج معي القليل من سكان الحي، كانوا جميعاً متخوفين من استهداف مدفعي آخر، كعادة الملشيات، محمد تغطى جسده بالغبار لم ألاحظ جروحه، اصبت بالعمى لا أرى شيء تحسست نبصات قلبه، بينما الاخرين يعتنوا بطفلين آخرين اصيبوا بشظايا خفيفة بالرأس والجسد فالطفل لؤي موسى عمره عشر سنوات وعزيز كمال 12عاما اصابتهم خفيفه ولم يفقدوا وعيهم لكن ولدي اغمي عليه، حملناهم في باص اجرة لاسعافهم إلى مستشفى الثورة بتعز، دخل محمد غرفة العمليات وهو يفقد الكثير من الدم، والاطباء في حاله هسترياء، المشفى شبه ممتلئ بالجرحى من مختلف الاحياء السكنية شباب وأطفال ونساء، والاكسجين شبه منعدم، مليشيات الحوثي كانت قد منعت دخول اسطوانات الاكسجين من منفذ الدحي، فهي أتت إلى تعز لغرض الموت والقتل، والدته فور وصولها المستشفى اغمي عليها وهي تصرخ ولدي مات لم أستطع اقناعها أنه مازال على قيد الحياة، وبعد عمليتين وربط للاوردة، لم يتمكن الأطباء من تجميع فتات العظم المتآكل بالكامل ليقرروا بتر القدم الأيمن من أعلى الركبه، وقعت وبصمت على ذلك بإبهامي ودموع عيني.وبنفس عميق متذكرا الماضي، يواصل حديثه: ماذنب طفل عمره 8 سنوات يحمل عكاز رجل تجاوز 80 عام من عمره، ويحمل كل تفاصيل المعاناة، خرج محمد من المشفى ليدخل في اكتئاب وضيق لا يطاق، يبكيني سؤاله حين يقول، كيف سأذهب للمدرسة حين تعود؟ وأنا حاملاً بيدي عكاز بدل الدفاتر؟؟؟واحيانا يقول: يا بابا لو افتتحت المدرسة أخاف أروح وتجي قذيفة تقتلنا مثل طفل حارتنا فريد شوقي!!!يتوقف الأب الموجوع بأوجاع طفله قليلا ثم يواصل حديثه والألم يعتصر قلبه: عملت جاهداً لتيسير طفولته وطمس معاناته، وقررت وأسرتي السفر به إلى صنعاء للعلاج والتعليم وتركيب طرف صناعي للتخفيف من آلامه، وبعد سفرنا إلى صنعاء رفضت ادارة مستشفى الثورة استقبال حالته بمبرر أن التقارير الطبية صادرة من مدينة تعز، وانه تعرض للاصابة وسط المدينة ويعتبر ذلك سببا يتعذر به المشفى عن استقبال الحالة. حاولنا عبر معاريف لنا بصنعاء متنقلين بين مستسفيات الجمهوري والعسكري و 7 يوليو لكن تشابهت الردود، حاولت إعادته بمدارس صنعاء لكن ولدي رفض ذلك ولم يتقبل بسبب حالته الجسدية والنفسية، ولم نتمكن من تركيب طرف صناعي الا بعام 2018 بمركز الأطراف بتعز لكن من يعيد لنا محمد،فمنذ تلك القذيفة وحتى اليوم ومحمد يتذكر صوتها وهول الفاجعة وكيس جعالته، تلك القذيفة غيرت مسار حياته بنسبة كبيرة. يقول الطفل محمد: ما يقارب خمسة أعوام مضت وأنا أحمل قدم صناعي تارة وعكاز تارة اخرى، تبقى ثلاثة اعوام لأشيخ فقد عشت طفولتى ثمانية أعوام وعكس ذلك خمسة أعوام وما سيأتي من العمر سيكون حملاً ثقيلاً على عاتقي، لم تأخذ القذيفة قدمي فحسب، بل أخذت طفولتي وشبابي وتهدم مستقبلي، لم تعد المدرسة هوايتي كلما أفتح عيني أرى قذيفة واصيح حتى أغلق عيني لأنام وأسمع صوت القذائف والصراخ حتى أصحو من منامي كل شيء حولي أراه متفجرات وضحايا. أريد أن اخرج من هذا العالم المتوحش وينتهي المجرمين وقتلة الأطفال (الحوثين) نريد أن نحيا كحياة الآخرين.
 

ذات صلة