بايدن يعيد تقييم العلاقة مع السعودية بعد رفض طلباته

  • عيسى نهاري | independentarabia
  • 10:43 2022/10/12

"وول ستريت جورنال": الرياض اعتبرت مساعي واشنطن لتأجيل خفض الإنتاج "مناورة سياسية"
 
 
ما إن مرت ثلاثة أشهر على زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، التي ساعدت في تخفيف حدة الخلاف بين البلدين، حتى عاد التوتر إلى العلاقات بين الرياض وواشنطن، بعد قرار دول تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل في اليوم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني).
 
إذ لم تكتف إدارة بايدن بالتنديد بإعلان "أوبك"، والتعهد بمواجهة "سيطرة" المنظمة على سوق الطاقة، بل صعدت من لهجتها ضد السعودية، وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، إن الرئيس بايدن يعتزم الشروع في "إعادة تقييم" العلاقات السعودية - الأميركية، بالتزامن مع دعوات أعضاء في الكونغرس الأميركي إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
رفض طلبات أميركية
 
وفيما تتوالى ردود الفعل الأميركية المستاءة من خفض الإنتاج، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء 11 أكتوبر (تشرين الأول)، عن أن المسؤولين الأميركيين تواصلوا مع نظرائهم في السعودية وبعض دول الخليج، قبل أيام من اجتماع "أوبك+"، وطلبوا تأجيل خفض الإنتاج شهراً واحداً، إلا أن الطلب الأميركي قُوبل بالرفض.
 
وقالت الصحيفة الأميركية، نقلاً عن مصادر لم تسمها، إن الرياض اعتبرت الطلبات الأميركية "مناورة سياسية" من قبل إدارة بايدن لتفادي أي تطورات قد تسهم في إضعاف موقف الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي، التي يأمل الحزب من خلالها في الحفاظ على أغلبيته في الكونغرس، ويأتي خفض دول "أوبك+" حصص إنتاجها الشهر المقبل ليزيد الضغط على الرئيس بايدن وحزبه الذي يعتبر احتواء ارتفاع أسعار الوقود والتضخم من القضايا الرئيسة لحملته والمؤثرة بشكل مباشر في الناخبين.
 
وحذر المسؤولون الأميركيون، وفق الصحيفة، من أن خفض الإنتاج سوف يُفهم باعتباره اصطفافاً سعودياً مع روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وهو ما حملته ردود الفعل الغاضبة من أعضاء في الكونغرس الأميركي رفضوا تأكيدات "أوبك+" والمسؤولين السعوديين بأن القرار ليس مدفوعاً بغايات سياسية.
 
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن طلب واشنطن تأجيل خفض الإنتاج شهراً واحداً كان "سيعني خفض الإنتاج في الأيام التي تسبق الانتخابات النصفية، حتى لا يكون هناك تأثير كبير على محافظ المستهلكين قبل التصويت".
 
وأفادت بأن المسؤولين الأميركيين انخرطوا، أخيراً، في محادثات مكثفة لإقناع السعودية بتأجيل خططها من دون جدوى، مشيرة إلى أن "مسؤولي البيت الأبيض أجروا عدة مكالمات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما تحدثت وزيرة الخزانة جانيت يلين مع وزير المالية السعودي محمد الجدعان. وبعد قرار "أوبك+"، قال مسؤولون أميركيون، إنهم فوجئوا بحجم الخفض، إذ اعتقدوا أن الخفض لن يتجاوز المليون برميل في اليوم.
 
من جانبها، نفت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أن تكون جهود إدارة بايدن مدفوعة بحسابات سياسية. وقالت، "من الخطأ تماماً ربط هذا بالانتخابات الأميركية. الأمر متعلق بتأثير هذا القرار قصير النظر على الاقتصاد العالمي".
 
في المقابل يؤكد المسؤولون السعوديون أن قرار "أوبك" فني واستباقي لضمان عدم حدوث انهيار في أسواق الطاقة، خصوصاً في ظل التوترات السياسية في العالم. وأوردت "فايننشال تايمز" في وقت سابق، أن دول "أوبك" تهدف من خلال خفض الإنتاج إلى توفير طاقة احتياطية تعوض أي نقص محتمل في صادرات النفط الروسية.
 
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في مقابلة مع "فوكس نيوز"، إن قرار "أوبك+" لا يستهدف الولايات المتحدة، ورفض تحميل بلاده مسؤولية ارتفاع أسعار الوقود، مشيراً إلى أن الارتفاع نتيجة لنقص عدد المصافي النفطية في الولايات المتحدة. وأضاف، "أعتقد أن هذه التصريحات العاطفية هي جزء من الانتخابات النصفية، فالسعودية لا تسيس النفط أو القرارات المتعلقة به".
 
وتابع، "الفكرة القائلة إن السعودية ستفعل ذلك لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة أو للمشاركة السياسية بأي شكل من الأشكال ليست صحيحة على الإطلاق"، مشيراً إلى أن "أوبك+" زادت حصص الإنتاج خلال معظم العام، إلا أن "الرياح المعاكسة للاقتصاد العالمي" دفعت دول التحالف إلى خفض الإنتاج هذه المرة.
 
وفيما تصعد الإدارة الأميركية وعدد من أعضاء الكونغرس ضد السعودية ويتهمونها بالوقوف مع روسيا، تؤكد الرياض أن قرار "أوبك" ليس سياسياً. وتجنبت السعودية ودول خليجية الانحياز لطرف على حساب آخر في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، إلا أنها أكدت مراراً ضرورة اللجوء إلى حل سلمي يضع حداً للحرب، وعرضت الرياض الوساطة على الطرفين منذ أشهر ونجحت الشهر الماضي في تأمين صفقة تبادل أسرى بين موسكو وكييف. 
 
ردود فعل متباينة 
 
ورداً على خطوة "أوبك"، الأسبوع الماضي، أعلن مشرعون أميركيون عن خطط لإعادة تقديم مشروع قانون من شأنه تعليق مبيعات السلاح إلى السعودية.  كما أيد أعضاء من الحزبين مشروع قانون من شأنه أن يسمح لوزارة العدل إقامة دعاوى قضائية ضد منظمة "أوبك" بتهمة الاحتكار وتحديد الأسعار بشكل غير قانوني.
 
وفي موقف مخالف لبعض ردود الفعل الداعية في واشنطن إلى استهداف العلاقات السعودية - الأميركية، كتب جيسون غرينبلات مبعوث دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط سابقاً، في مقالة بعنوان "السعودية والإمارات ليستا دولتين تابعتين للولايات المتحدة"، قائلاً إن قرار "أوبك+" يضر بالولايات المتحدة، لكن "لا يمكننا تجاهل حقيقة أن هذه الدول لديها مصالحها واستراتيجياتها الوطنية".
 
وأشار غرينبلات إلى أن السعودية والإمارات وغيرهما تمتلك خططاً محلية لتغيير بلدانهم، وتتميز بضخامتها وكلفتها الكبيرة، ولذلك "ليس لدينا الحق في إخبارهم بتجاهل خططهم وبيع أصولهم القيمة لنا بأسعار مخفضة".
 
وانتقد المسؤول السابق الدعوات التي تنادي بإنهاء التحالف مع الدولتين الخليجيتين لكونها غير مجدية للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن العلاقة معهما توفر مصالح متبادلة للطرفين، إذ تستفيد الولايات المتحدة من وجود قواتها ومعداتها في المنطقة. وقال "دعونا لا نتظاهر بأننا نضع مصالح الدول الأخرى قبل مصالحنا. وبالمثل، لا ينبغي لنا أن نطالب الدول الأخرى بتقديم مصالحنا على مصالحها".
 
خيبة أمل أميركية
 
وكان الرئيس الأميركي أعرب، الخميس الماضي، عن خيبة أمله في شأن الخطط التي أعلنتها دول "أوبك+" لخفض إنتاج النفط، وقال إن الولايات المتحدة تدرس البدائل المتاحة لديها. 
 
وذكر المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض بريان ديس، أن واشنطن تدرس السحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي بعد قرار دول "أوبك+"، مشيراً إلى أن نقص إمدادات النفط لا يزال تحدياً كبيراً.
 
وتشعر إدارة بايدن بالقلق في أعقاب خفض إنتاج النفط بشكل مفاجئ من جانب تحالف "أوبك+"، وسط مخاوف من ارتفاع أسعار الوقود قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر، وإنهاء سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس.
 
السعودية من جانبها أشارت إلى أنه "إذا أرادت الولايات المتحدة مزيداً من النفط في الأسواق فعليها أن تبدأ في زيادة إنتاجها". 
 
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مقابلة مع"شبكة بلومبيرغ" بعد قرار "أوبك+"، إن الضغط الأميركي من أجل فرض سقف لأسعار النفط الروسي يثير حالة من الضبابية بسبب "نقص التفاصيل وعدم الوضوح" حول كيفية تنفيذه.
 
ولم يكن قرار خفض الإنتاج للسعودية وحدها، إذ جاء قرار "أوبك+" الذي اتخذ في فيينا بالإجماع، كون أعضاء منظومة "أوبك"، لا يملكون اتخاذ قرارات أحادية الجانب وبسبب أن السعودية، تعتبر رئيساً لتحالف "أوبك+"، اعتقدت الولايات المتحدة أن دوافع منظمة "أوبك"، للإصرار على عدم رفع إنتاج النفط هي جيوسياسية، إلا أن القيادة السعودية أكدت أن ما تقوم به المنظمة ضروري لكل الدول المصدرة للنفط حتى الدول التي خارج منظمة "أوبك+".
 
واتفق أعضاء أوبك+، في ختام اجتماعهم، الأربعاء الماضي 5 أكتوبر 2022، على خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يومياً في نوفمبر، وتمديد "إعلان التعاون" حتى نهاية 2023، على أن يتم عقد الاجتماعات الوزارية كل 6 أشهر، فيما ستجتمع لجنة المراقبة الوزارية لـ"أوبك+" كل شهرين لمتابعة مستجدات السوق.
 

 

ذات صلة