هل يمكننا التغلب على هوسنا على «تويتر»؟

  • جين كوستون
  • 09:36 2022/05/09

بدأت في استخدام حسابي على «تويتر» في يونيو (حزيران) 2008، وبعد 14 عاماً على تلك المنصة، بات لدي الكثير من المشاعر حيال ذلك. فرغم أن «تويتر» مفيد بالنسبة لي، فإنني دائماً ما أتساءل عن السبب الذي يجعلني أراه كذلك.
 
من الواضح أن الكثير من الأشخاص الآخرين لديهم آراء بشأن «تويتر» أيضاً، خاصة بعد أن أعلنت الشركة اعتزامها بيع منصتها لإيلون ماسك مقابل 44 مليار دولار تقريباً. فكر العديد من زملائي في صحيفة «التايمز»، وهم أيضا مستخدمون للمنصة، في ماهية «تويتر» وكيف سيكون حالها. وبعد بحث سريع في «أخبار غوغل»، أدركت أن الكُتاب والمحررين في كل المنافذ الإخبارية الأميركية قد أثاروا نفس الأسئلة تقريباً... (وأدرك أنني أساهم في هذا التسونامي، لكن لدي سبب وجيه في هذا).
 
ربما تكون أيضاً من مستخدمي «تويتر» ولديك أفكارك ومشاعرك الخاصة. يعني هذا أنك جزء من مجموعة محددة ومحدودة للغاية من الناس؛ جميعهم يقومون بالتغريد عبر المنصة.
 
غالبية الناس لا يستخدمون النظام الأساسي أو يهتمون به كثيراً. وقد وجد استطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث عام 2021 أن 77 في المائة من البالغين الأميركيين لا يستخدمون «تويتر». ووفقاً لهذا الاستطلاع، لا يزور غالبية أولئك الذين يقومون بالتغريد الموقع يومياً. ووجدت دراسة أجرتها المؤسسة ذاتها في عام 2021 أيضاً أن 97 في المائة من التغريدات يجري إنتاجها بواسطة أعلى 25 في المائة من مستخدمي «تويتر»، الأشخاص الأكثر نشاطاً على المنصة. الحقيقة هي أن «تويتر» لا يهم بقدر ما نعتقد نحن المستخدمين.
 
أحد الأسباب المحتملة لمنح «تويتر» وزناً كبيراً هو أننا نعتقد أنه يلعب دوراً مهماً في الانتخابات، لكن هذا مفهوم خاطئ آخر. فبالنسبة لملايين الأشخاص على المنصة، فإن السياسة ليست حتى السبب الأهم لوجودهم هناك؛ إذ وفقاً لمركز «بيو»، فقد شكلت المناقشات حول السياسة الوطنية عدداً صغيراً بشكل ملحوظ - 13 في المائة فقط - من التغريدات منذ بضع سنوات.
 
ربما يجب على هؤلاء المغردين أن يعيدوا التفكير في سبب قيامنا بذلك وكيف نقوم به. يمكن أن يكون «تويتر» مصدراً إخبارياً ومكاناً نتحدث فيه عن الحياة الواقعية، لكنه ليس بالمكان الذي تجري فيه الحياة. نحن بحاجة إلى وضع «تويتر» وتغريداتنا في نصابها الصحيح.
قد يبدو الأمر غير معقول، لكن عندما انضممت إلى «تويتر» في عام 2008 فعلت ذلك من أجل الاستمتاع. كان موقع «تويتر» في بدايته يدور حول إخبار الأشخاص، ماذا يتناولونه على الغداء وكنا نتحدث عن البرامج التلفزيونية المفضلة. والأهم بالنسبة لي، أنه كان مكاناً أتحدث فيه عن الرياضة.
 
أحب الرياضة على موقع «تويتر»، وهو مجتمع من الجمهور وكتّاب الرياضة والرياضيين. إنه أيضاً اندماج «الميمات» والأفكار المرتبطة بالرياضة والاقتباسات المختلفة. فهواة الألعاب الرياضية على «تويتر» يتفاعلون مباشرة مع اللعب كما لو كنا جميعاً في حدث رياضي ضخم واحد يفقدنا عقولنا بشكل جماعي.
 
الأشخاص الحقيقيون موجودون على «تويتر»، منهم مشرعون وصحافيون ومشاهير وأساتذة جامعة - ويتحدثون غالباً عن أشياء حقيقية، ويتفاعلون مع وحشية الشرطة في أميركا، والحرب في أوكرانيا، والتضخم، وتمرد 6 يناير (كانون الثاني). نحن نتحدث مع بعضنا البعض، وكذلك نشهد المحادثات بين الأشخاص الأقوياء – وأحياناً ندخل في تلك المحادثات. يمكن أن يكون ذلك رائعاً، بحسب نيت سيلفر، المؤسس والكاتب ومؤسس موقع «FiveThirtyEight»، ذكر في «تويتر» أن «تفاعلات النخبة مع النخبة هي التي تجعل (تويتر) مميزاً».
لكن هذه هي وجهة نظري: يمكن أن تكون تفاعلات «النخبة مع النخبة» التي تُجرى على «تويتر» مفيدة وملهمة، ويمكن أن تحفز الأشخاص على اتخاذ إجراءات حقيقية، ولكن السياسة عبر الإنترنت تؤتي ثمارها فقط عندما تكون مرتبطة بالجهود غير المتصلة بالإنترنت، أي بأرض الواقع. لكن الهوس بـ«تويتر» فقط هو مجرد السير في طريق خاص.
 
بإمكان «تويتر» أيضاً تشويه الواقع السياسي. إذا كنت تقضي الكثير من الوقت على تلك المنصة، فمن المرجح أنك ترى أشخاصاً آخرين يغردون كثيراً، وهي مجموعة لا تمثل الحياة الحقيقية. لذلك قد تبالغ في تقدير عدد الأشخاص الذين يدعمون، على سبيل المثال، تعبئة المحكمة العليا والتقليل من عدد الأشخاص الذين لا يصوتون على الإطلاق... لم ألتق مطلقا، على سبيل المثال، بشيوعيين ماركسيين في الحياة الواقعية، لكنهم يصرخون علي «تويتر» كثيراً. يمكن أن يكون مستخدمو «تويتر» أيضاً أكثر سلبية من عامة السكان، إذ تنتشر السلبية على المنصة بشكل أسرع مما تنتشر الإيجابية. من المرجح أيضاً أن يكون مستخدمو «تويتر» الأميركيون ديمقراطيين، وهؤلاء الديمقراطيون أكثر ليبرالية من الديمقراطيين الذين لا يستخدمون «تويتر» في هذا الشأن.
 
أحياناً يفسح موقع «تويتر» نفسه المجال لفئة «المنغمسين في الإنترنت» بشكل مؤسف، والذي أشرت إليه قبل سنوات على أنه انغماس عميق في ثقافة الإنترنت والاعتقاد بأن الأحداث في هذا الوسط - مثل الموضوعات الشائعة على «تويتر» والمنشورات الفيروسية على «فيسبوك» - مهمة جداً في العالم غير المتصل بالإنترنت. لم يكن فوز دونالد ترمب في عام 2016 بسبب حسابه على «تويتر»، ولكن كما جادلت من قبل، كان من ضمن أسباب خسارته في عام 2020 هو تركيزه وهوسه بموضوعات الإنترنت. وربما لم يكن يعنيه ما يهم الناس الذين يميلون للتصويت له (الاقتصاد، والجريمة، وما إلى ذلك).
 
إيلون ماسك متصل بالإنترنت أيضاً. فكما يتضح من سلوكه غير المقيد على «تويتر»، وإهانة أعضاء مجلس الشيوخ بشكل عشوائي والقول إنه سيضيف الكوكايين إلى مشروب الكوكاكولا مجدداً، فهو أيضاً شخص مهم لعمله خارج الإنترنت. من المحتمل أن يكون لشركتيه «تسلا»، و«سبيس إكس» تأثير أكبر بكثير على الطريقة التي يعيش بها الأشخاص كل يوم أكثر من «تويتر». يمكن أن تستمر «تويتر» لعشر سنوات أخرى ويمكن أن تذهب بسهولة إلى طريق «ماي سبيس». هل تذكر «ماي سبيس»؟ (أول موقع تواصل اجتماعي أميركي، أنشئ عام 2003 ثم تلاشى). وفيما يتعلق بأفكاره بشأن المكان الذي يجب أن يأخذ إليه «تويتر»، يبدو ماسك، بالنسبة لي، مثل شخص ثري جداً مخطئ بشأن ما تعنيه حرية التعبير في سياق منصة خاصة، ولكن مهلاً، فلديه شركة على هذا الصعيد.
 
أعتقد أن رد الفعل على صفقة ماسك لشراء «تويتر» ربما يكون أكثر دلالة. إذا كنت تعتقد أن شراءه نذير شؤم أو مؤشر لبدء عمل «لجنة الحقيقة والمصالحة» للتحقيق فيما يسمى التلاعب الذي حدث في السابق في الموقع، فربما لا يتعلق الأمر بإيلون ماسك. ربما يتعلق بك أنت كمستخدم.
 
* خدمة «نيويورك تايمز»
 

ذات صلة