سكان الأحياء الشرقية بتعز لـ"منبر المقاومة": مليشيات الحوثي حولت حياتنا إلى جحيم – (تحقيق)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/06/21

تعز – منبر المقاومة – فيصل الشارحي:مع ساعات الصباح الأولى من شهر أبريل الماضي، كانت الأجواء في حي الشماسي الواقع شرق مدينة تعز هادئة، إذ خفت عمليات قنص المليشيات الحوثية للسكان، لكن جدران المنازل كانت تحمل أثار طلقات الرصاص وندوب القذائف.
 
أما السكان فقد أستغلوا تلك الأجواء للخروج من منازلهم، للتزود بالمؤن قبل ان تعاود ضراوة القنص من جديد.خطوط التماس المباشرة بين القوات الحكومية ومليشيات الحوثي لا تفصلها سوى أمتار قليلة ورغم أن تلك الأحياء ظلت ساحات إشتباكات دموية بين الطرفين منذ عام 2015، إلا إن 20 بالمائة من سكانها فضلوا البقاء فيها، لعدم امتكلاكهم الأموال التي تتيح لهم الإنتقال إلى مناطق أخرى.تقول إمرأة في العقد الخامس من العمر لـ"منبر المقاومة" - رفضت الكشف عن إسمها خشية الإنتقام - أن السكان فضلوا البقاء رغم القصف ورصاصة القناصة، فهم لا يمتلكون ما يعينهم على إستئجار منازل بعيده عن المعارك.تضيف بحسرة، أن السكان يستخدمون الممرات الضيقة بين الأحياء للدخول والخروج منها صباحا، قبل أن تستعر المعارك ظهرا، إذ يتبادل أفراد الجيش مع عناصر الحوثي القذائف الصاروخية، فيما يستهدف قناصة المليشيات التابعة لإيران كل شي يتحرك في أزقتها.فقدت تلك المرأة أحد أبنائها بعد إن تعرض بداية العام 2019 لرصاصة قناص حوثي، كما أصيب زوجها بطلقة قناص حوثي في قدمه بعد أشهر من تعرض إبنه لطلقة مميتة مما جعله يعيش بعاهة مستديمة. في أحد الأزقة كان المخلافي، وهو رجل في الستين من العمر يتكي على عكاز لمساعدته على السير ، إذ أصيب بطلقة قناص في الساق في العام 2016، ذروة الإشتباكات العنيفة.لقد كان أمام عائلته آنذاك، خيارا وحيدا لإبقائه على قيد الحياة، المخاطرة بنقله إلى المستشفى رغم زخات الرصاص وإشتداد القصف.يصف ذلك الرجل الذي اكتفى باعطاء لقبه فقط، أن الحياة أصبحت لا تطاق وأنها أشبه بالجحيم تمام، إذ تنعدم خدمات المياه والكهرباء والرعاية الطبية والمواد الغذائية."اشتباكات عنيفة"طيلة سنوات الحرب، كانت الأحياء الشرقية القريبة من منطقة الحوبان، عرضة للقصف، فهي قريبة من معسكر الأمن المركزي الواقع تحت سيطرة مليشيات الحوثي، إضافة إلى مواقع عسكرية أخرى تقع بالجهة المقابلة لتلك الأحياء القريبة من فرزة صنعاء، فضلا عن المئات من الجنود التابعين للحكومة والذي يتخذون الأحياء للإحتماء بها.ذلك كان عاملا آخر في جعل القذائف تتساقط على تلك الأحياء كالمطر، الأمر الذي جعل المدنيين اشبة بالسجناء الذين يقضون عقوبة قاسية دون أن يلتفت أحد لمعاناتهم.ووفقا للمخلافي، فإن عشرات الأشخاص لقوا حتفهم، والبعض منهم دفنوا تحت الركام، فيما أصيب العديد منهم بإصابات بالغة، لا تزال تحمل مآسي السكان تلك الأحياء حتى اليوم.لا توجد إحصائيات دقيقة، بعدد الضحايا، لإحجام المنظمات عن الدخول إلى تلك الأحياء، نظرا لخطوة الوضع فيها. "شراء حاجيات"خلال تجولنا في تلك الأحياء شاهدنا أربعة أشخاص يحملون أرغفة الخبز ومياه معدنية، لقد كانوا يحثون الخطى للوصول إلى منازلهم قبل الثانية عشرة ظهرا، وقد كانوا في عجلة من أمرهم، فقناصة مليشيات الحوثي تستيقظ في تلك الساعات من الوقت وتستهدف السكان بلا رحمة.خلال النصف الثاني من العام 2019 توقف حدة المعارك بشكل نسبي، واتاح ذلك التوقف، للسكان بإدخال الواح الطاقة الشمسية إلى منازلهم، إذ يعمدون إلى إغلاق نوافذهم بقطع القماش السميكة، منعا لتسلل الضوء إلى الخارج حتى لا تكون عرضة لقذائف الهاون، حيث يتعمد عناصر المليشيات إلى إستهداف المنازل المضائة بالقذائف.مئات المباني دمرت، وبعضها تعرض لأضرار فادحة، وهي شاهدة على ضراوة المعارك وإجرام مليشيات الحوثي بحق سكان تلك الأحياء طيلة الأعوام الماضية.تقييد حركة الصحفيينعندما طلبنا من القوات الحكومية السماح لنا بالتجول في تلك الأحياء لمعرفة وضع السكان، فضل جنديان مرافقتنا.قال احدهم مكتفيا باعطاء إسمه الأول "محمد " الأحياء الشرقية لمدينة تعز هي الآن قلب الحرب في المدينة وقد شهدت خلال الأعوام الماضية، اكثر تلك المعارك دموية.يضيف، أن المواجهات كانت في مرات كثيرة تأخذ شكل القتال المباشر وجها لوجه، وأن العداء بين الطرفين وصل مرحلة متقدمة من الكراهية، لقد كان كل فريق يحاول الإنتقام من الآخر لأنه يرى أنه مسؤول عن مقتل أصدقائه وقد حاول الإنتقام لهم.يضيف معرفا عن نفسه، بأنه أحد سكان الحي نفسه الذي يتواجد فيه، وقد التحق للعمل في صف القوات الحكومية كجندي، " لقد بات هذا المكان مقدس لنا فقد روته دماء أهالينا وأصدقائنا وبالتالي يجب الدفاع عنه".جميع منازل تلك الأحياء مدمرة بعضها بشكل كلي، والبعض الآخر بشكل جزئي، وقد هدمت أجزائها العلوية بشكل يعبر عن مدى ضراوة الاشتباكات، حيث هجر 80 بالمائة من السكان وأجبروا على مغادرة منازلهم، ولم يتبقى فيها سوى نسبة ضئيلة وهم محدودي الدخل الذين لا يمتلكون المال الكافي للذهاب إلى أحياء أخرى تعتبر آمنة.
 

ذات صلة