مصادرة الممتلكات.. حملة حوثية كبيرة لنهب المناوئين
- عدن ، (العرب) :
- 11:23 2022/02/25
الإجراءات الحوثية الأخيرة تمثل دفعا لمستوى جديد من تكريس ثقافة العنف والصراع التي تنتهجها هذه الميليشيات الخارجة عن القانون.
شرعت الجماعة الحوثية في تنفيذ سلسلة من الإجراءات قال سياسيون وباحثون يمنيون إنها تمثل مرحلة جديدة من التصعيد الحوثي على النطاق الداخلي وتسهم في تعميق الانقسام المجتمعي في اليمن وتعزز القبضة الحديدية للميليشيات المدعومة من إيران في مناطق سيطرتها.
وأعلن الحوثيون الأربعاء رسميا عن تدشين ما أسموه "اللجنة الرئاسية المكلفة باستكمال الإجراءات القانونية بحق المتورطين في الخيانة حملة الحجز التحفظي على ممتلكات المرتزقة المنخرطين في صفوف العدوان من أبناء ذمار".
وقالت مصادر يمنية إن الحملة بداية لحملة كبيرة ممنهجة تستهدف سرقة كل ممتلكات المناوئين للجماعة الحوثية أو الملتحقين بصفوف الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا. ونقلت وكالة الأنباء التابعة للحوثيين عن القيادي في الجماعة محمد البخيتي قوله إن "هذه الإجراءات جاءت بعد استنفاد كافة الوسائل لإقناع المتورطين في الخيانة للعودة إلى جادة الصواب"، مشيرا إلى أن "التدشين سيبدأ من منزل شقيقه علي البخيتي الذي سيتم حصر أمواله بعد والده ومصادرتها".
وكان الحوثيون قد سيطروا منذ الانقلاب في سبتمبر 2014 على الكثير من القطاعات الاقتصادية المملوكة للقطاع الخاص، وفرضوا عليها “حارسا قضائيا” بهدف شرعنة عمليات النهب المنظمة التي طالت ممتلكات قيادات سياسية وعسكرية معارضة لهم، أصدرت محاكم تابعة للجماعة أحكاما بمصادرة أموالهم.
تطور خطير
وفي تعليق على الإجراء الحوثي الذي طاله شخصيا قال القيادي الحوثي السابق علي البخيتي في تصريح لـ"العرب" إن الحوثيين "بعد استيلائهم على ممتلكات من وردت أسماؤهم في القوائم التي أصدروها ضدّ من يعملون مع الحكومة الشرعية بدأوا في استهداف حتى من يعارضهم بالحرف والكلمة ولو كان معارضًا للحكومة الشرعية".
إقرأ أيضاً:
- "أمهلني الحوثيون أياماً للعودة أو أفقد بيتي".. حجز ومصادرة منازل جديدة في المحويت وصنعاء
- تغاريد غير مشفرة: حاميها حراميها..
- "الحرامي" هو "الحارس" الحوثي.. منهوبات بـ 4 مليارات دولار
- "نحن في الشارع وبيتنا مغصوبة".. سطو حوثي على منازل المدينة السكنية لمصنع البرح (وثيقة)
ووصف البخيتي الإجراءات الحوثية بأنها "تطور خطير في سلوك الجماعة يؤكد أن سياسة مصادرة الممتلكات ستكون منهجية لكل من لا يروق للحركة، كما أنه يوضّح أنها في ضائقة مالية ولذلك تسعى بأيّ شكل لجمع المال للجبهات ولو بالنهب"، لافتا إلى أن الجماعة تعاني من نقص شديد في استقطاب المقاتلين وهو ما دفعها للسعي خلال الأيام الأخيرة إلى إصدار قانون للتجنيد الإجباري، حيث سيتم تحت هذا القانون "ابتزاز الكثير من اليمنيين، إما بالتوجه إلى الجبهة أو تقديم المال والرشاوى لمشرفي الحركة".
واعتبر باحثون سياسيون يمنيون أن الإجراءات الحوثية الأخيرة التي شملت إطلاق حملة لمصادرة ممتلكات المناوئين للحوثي والبدء بعملية تجنيد إجباري في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة دفع لمستوى جديد من تكريس ثقافة العنف والصراع التي تنتهجها الميليشيات الحوثية، مستفيدة من طول فترة الحرب وعدم القدرة على حسم المواجهات العسكرية معها.
سياسة ممنهجة
وصف الباحث السياسي اليمني همدان العليي الإجراءات الحوثية، بأنها تندرج ضمن سياسة ممنهجة بدأتها الجماعة منذ سيطرتها على المدن من صعدة وصولا إلى بقية المناطق وهي سياسة تهدف في الأساس، إضافة إلى أبعادها اللصوصية، إلى إضعاف كتل القوة المجتمعية والسياسية الرافضة لهذه الجماعة وإفقارها.
وأضاف العليي أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات يعد وسيلة أيضا لإبعاد القوى الرافضة للحوثيين بشكل كامل ومطلق بما يشبه شكلا من أشكال التهجير أو ما يمكن وصفه بالإبادة السياسية والمجتمعية للذين يخالفون نهج الميليشيات.
وأكد أن "التجنيد الإجباري نتيجة طبيعية لسلوك هذه الميليشيا وفكرها باعتبارها جماعة قائمة على الحرب وعلى القتال ولا يمكن أن تستكين وهي أصلا جُبلت على مسألة جمع المقاتلين وفق مبادئها القائمة على تكريس العنف".
أيديولوجية عصبوية
وعن المنطلقات الثقافية والأيديولوجية لهذه الممارسات الحوثية القائمة على اجتثاث الآخر والتنكيل به ونهب ممتلكاته، وإخضاع المجتمع لخدمة أهداف الجماعة من خلال التجنيد الإجباري، أكد الباحث اليمني ثابت الأحمدي أن الميليشيا الحوثية "جماعة عصبوية أيديولوجية متطرفة، وكل عنصر فيها هو رجل حرب بالطبع والتطبّع، لذلك هي جماعة تعتاش على الحروب، وتوظف كل شيء لصالح الحرب".
ولفت الأحمدي إلى أن سياسة نهب ممتلكات المخالفين لها جذر تاريخي قديم في سلوك الحركة وأسلافها، حيث "بدأت مثل هذه الممارسات بشكل ممنهج منذ يحيى حسين الرسي المؤسس الأول للجماعة حين غزا صنعاء، واقتدى به أتباعه فيما بعد، فما من إمام إلا وسطا على ممتلكات الناس الخاصة، لتعزيز سلطته المالية والسياسية؛ وقد حوّلوا المساجد والمدارس إلى ثكنات عسكرية للحرب، بل وكل مقدرات الدولة".
وتابع "أما التجنيد الإجباري فراجع إلى أدبياتهم الفقهية التي تقرر أن الإمام إذا خرج على الناس شاهرا سيفه داعيا لنفسه، فليس بوسع الناس إلا الاستجابة لدعوته والانضواء تحت رايته، ومن لم يطع الدعوة فدمه وماله وعرضه حلال، وكتبهم الفقهية تمتلئ بمثل هذه الفتاوى، وبالتالي فحين يستبيحون اليوم أموال اليمنيين ودماءهم فإنما ينطلقون من قاعدة فقهية توارثوها من أدبياتهم الدينية".