المُسيّرات والأدوات الإيرانية في اليمن.. إنها حرب "الحزب" و "الحرس"!
- المخا، الساحل الغربي، كتب: المحرر السياسي:
- 02:32 2022/02/26
طيلة السنوات الماضية كان "حزب الله" اللبناني الأداة الكبرى التي استثمرتها إيران لتنفيذ أجنداتها وتأجيج الاضطرابات وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وذراعها العسكرية التي استخدمتها لإحكام سيطرتها على اليمن مثلما استخدمتها في لبنان وسوريا والعراق لإثارة القلاقل داخلها.
جاءت الاعتداءات الإرهابية الأخيرة، باستخدام طائرات مفخخة، على الأعيان المدنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تزامنا مع تدمير الدفاعات السعودية المزيد من الطائرات المفخخة باتجاه جنوب المملكة وبعد سلسلة من الهجمات والاعتداءات المشابهة، في سياق تصاعد الهجمات الإرهابية العابرة والاستخدام الإيراني الموجه والممنهج للمليشيات الحوثية وتزويدها بتقنيات وقدرات استخدام وتشغيل طائرات الدرون أو ما تشير إليها الأدبيات العسكرية الأحدث بـ"الأسلحة المتسكعة" بما تمثله من تهديد وخطورة نتيجة لتقاصر الصناعات الدفاعية العسكرية حتى لدى الولايات المتحدة عن مواجهة النوع الطارئ من التهديدات بأسلحة صغيرة الحجم لم تدخل في حسابات وكفاءة الرادارات والأنظمة الدفاعية المعقدة. وتعاني الولايات المتحدة والتحالف الدولي في العراق بصورة متزايدة من هذه النوعية نفسها من الأسلحة.
"أيادي وخبراء الحزب والحرس"
وعلى الرغم من التقارير الاستخباراتية التي أكدت وجوداً فاعلاً لمقاتلي "حزب الله" في محافظات يمنية عدة، منذ بدء الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية وانطلاق عاصفة الحزم، فإن هذا الحزب الإرهابي اللبناني ظل ينفي هذا الأمر، لكن الأمر لم يعد سراً وبات مكشوفاً لدى الحكومة اليمنية التي أعلنتها صراحة منذ سنوات حول تدخل "حزب الله" في اليمن، وأرسلت عدداً من مذكرات الاحتجاج للحكومة اللبنانية المرهونة للحزب الإرهابي، لكنها لم تتخذ أي موقف أو إجراء لمنع تدخل الحزب المستمر في تأجيج الصراع في اليمن وتهديد أمن المنطقة.
إقرأ أيضاً:
- أسماء وكيانات.. شبكة "فيلق القدس" لتمويل الحوثيين
- الإمارات تدعو الحلفاء إلى بناء "درع" لمواجهة خطر الطائرات المسيّرة
- هجمات الحوثيين وبيادق الحرس الثوري.. لماذا تعتبر حرب الطائرات بدون طيار بالوكالة سلاح إيران المفضل؟
بدأ الحزب الإرهابي اللبناني منذ العام 2015م بدعم من "الحرس الثوري الإيراني" في إرسال عدد من عناصره تحت مسمى "خبراء" لتدريب الحوثيين، بل إنه وفي جميع ما يسميه "حزب الله" بجبهات القتال، ينكشف فيها وجود عناصر كانت بيانات الحزب تشير إلى تسميتهم "خبراء"، وهذا ما أعلن عنه الحزب قبل أن يعترف بمشاركته الفعالة في الحرب السورية، والأمر نفسه في العراق، حيث أعلن الحزب حينها أن مجموعة من "الخبراء" موجودة لتقديم المساعدة الاستشارية لـ"الحشد الشعبي".
"سلطة القرار"
تولى "حزب الله" منذ بدء تواجد عناصره في اليمن، السيطرة على القرار الحوثي وإدارة الحرب ضد اليمنيين، حيث ثبت تورطه بتقديم الدعم الشامل للحوثيين في عديد من المجالات، منها: التخطيط العسكري، حيث يقدم الحزب الخطط للحوثيين في العمليات العسكرية، مستفيداً من تجربته في سوريا، كما يقدم الدعم للحوثيين في مجال التدريب العسكري، خاصة فيما يخص العبوات والصواريخ المضادة، والطائرات المسيّرة، والعمليات العابرة للحدود.
"التصنيع الحربي"
ويقوم مهندسون من الحزب بتدريب الحوثيين في ما تسميه المليشيا "التصنيع الحربي" حيث يتم إعادة تركيب الطائرات الإيرانية المسيّرة التي يتم إيصالها للحوثيين من إيران عبر العديد من المنافذ البحرية وعبر عدة مسارات للتهريب، وهذه المسيرات تطلق من مطار صنعاء لاستهداف أماكن حيوية في السعودية.
"شبكة عابرة"
كذلك يقوم الحزب الإرهابي بشراء الأسلحة لمليشيا الحوثي من مصانع وتجار أسلحة من أمريكا اللاتينية، ويعمل على تهريبها لهم عبر إفريقيا وصولا إلى الضفة الأخرى من البحر الأحمر قبل نقلها بواسطة قوارب صيد إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، عدا الأسلحة التي تمر عبر بحر العرب من إيران، كما يرسل الحزب الإرهابي عناصر من مليشيا الحوثي إلى لبنان لتدريبهم في معسكرات تابعة له في البقاع الشمالي والجنوب اللبناني.
تورط متزايد
في 5 مايو 2015، بدأ الحوثيون تحت إشراف "حزب الله" بقصف أهداف على الحدود السعودية، حيث كانت بداية باستخدام قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، لكنهم زادوا تدريجياً مستوى هجماتهم باستخدام صواريخ وقذائف ذات شحنات متفجرة أكثر وزناً وأطول مدى، ولفتت "فورين بوليسي" الأمريكية، في تقرير نشرته سابقاً، إلى دور واسع النطاق لـ"حزب الله" في اليمن، حيث قالت إن "حسن نصر الله هو العقل المدبر لمعظم ما حدث على الحدود السعودية-اليمنية".
دلائل قاطعة
ومؤخراً كانت الدلائل القاطعة التي عرضها تحالف دعم الشرعية في اليمن، تثبت للعالم بما لا يدع مجالاً للشك تورط "حزب الله" في اليمن واستخدامه مطار صنعاء لاستهداف السعودية، حيث أظهرت الصور التي عرضها التحالف، عناصر من "حزب الله" وهي تدرب مليشيا الحوثي على إطلاق المسيّرات، مما يؤكد حقيقة أن الحزب الإرهابي أرسل خلال السنوات الماضية بدعم من "الحرس الثوري الإيراني" عدداً من عناصره لتدريب الحوثيين.
وعرض التحالف جانباً من فيديو يكشف عن تحويل مطار صنعاء لقاعدة عسكرية، حيث أظهر أحد مقاطع الفيديو قيادياً في ميليشيا حزب الله، وهو يتحدث إلى القيادي الحوثي أبو علي الحاكم، بشأن السيطرة على محافظة الحديدة وسواحل البحر الأحمر، وفي مقطع آخر يظهر القيادي في حزب الله وهو يقوم بتركيب متفجرات في طائرة مسيرة قبل إطلاقها نحو أهدافها، وذكر التحالف العربي أن الحادثة كانت في مطار صنعاء.
وفي الفيديو يشير القيادي في حزب الله أثناء حديثه إلى أن «الحرب السورية قاربت على الانتهاء، والمجاهدين (المليشيات الموالية لإيران) أغلبهم سيأتون إلى اليمن».
ويضيف القيادي في مليشيا حزب الله، «البحر الأحمر هو طريق وصول الدعم، وإذا خسرنا البحر سنخسر الدعم ولن يتمكن المجاهدون من الوصول إلينا، لقد بدأنا نرتب صفوفنا ونحشد المجاهدين إلينا».
قدرات إيرانية
وتتفاخر إيران علانية بقدرات طائراتها وتقدم ادعاءات شائنة حول قدراتها، حيث تزعم أن طائراتها المسيّرة يمكنها التحليق آلاف الكيلومترات وقادرة على تسليح بعضها بالصواريخ، وبالرغم من أن الطائرات المسيرة ليست سلاحًا ينتصر في الحروب، إلا أنه يمكنها تنفيذ هجمات دقيقة على العروض العسكرية، والمطارات، والمنشآت النفطية والناقلات عندما تكون مبرمجة مسبقاً بمجموعة من الإحداثيات.
وقد أرسلت إيران أعدادًا كبيرة من الطائرات المسيرة إلى أدواتها في اليمن، كما تقوم بوضع مسيراتها في البحر، على متن سفن وقوارب سريعة تابعة للحرس الثوري الإيراني، ويمكن أن تشكل هذه الطائرات المسيّرة تهديداً على أمن المنطقة والخليج وعلى ناقلات النفط ومواقع الغاز الطبيعي أيضًا.
... تهاون دولي
إن لتلك الاعتداءات التي تهدد أمن المنطقة والإقليم والأمن الدولي يحتم على المجتمع الدولي مواجهة الحقيقة ومسؤولياته لفرض وتشديد العقوبات وأخذ الإجراءات الرادعة، علاوة على حق وواجب كافة دول المنطقة والدول العربية تفعيل العمل والجهد الجماعي للوقوف في وجده التوغل الإيراني الذي يفخخ ويهدد أمن واستقرار البلاد العربية ومصالحها الاستراتيجية والأمن المشترك.