الذكرى الأولى للعميد حسين عبدالمغني.. سيرة بطل من ديسمبر صنعاء إلى أكتوبر الدريهمي

  • المخا، الساحل الغربي، كتب : عبدالسلام القيسي
  • 09:11 2021/10/04

في مثل هذه اليوم، منذ سنة مضت، فاضت روحه إلى السماء.. صعد إلى الأعلى يرتب الجنة للقادمين من مواطن الشرف، لم يمُت، بل ارتقى من الفناء إلى الخلود، وهاكم هو في الأعلى يرتب شريعة الفداء، بروحه.  
 
"عبدالمُغني" ثانٍ للجمهورية
 
إنه المغني، اسمه حسين، لقبه مقتبس من سردية الهمة الأولى لليمن الجمهوري، وأنت تتذكره لا بد لخيال علي عبدالمغني أن يمر في حواسك، شهيد تعرفونه وشهيد ترونه بمنجز الجمهورية.
 
شهيد مغني أطلق أول رصاصة بصدر الكهنوت الإمامي، وشهيد مغني أطلق رصاصه بوجه الكهنوت الذي عاد مرة أخرى، وكما قُدِر للمغني الأول الشهادة وهو يوتد الجمهورية الفتية قبل ستين سنة استشهد حسين في هذا التاريخ من العام المنصرم وهو يستعيد ويوتد الجمهورية. 
 
 
ستون سنة، بدم الأول تأسست الجمهورية، وبدم الثاني نستعيد الجمهورية، هذا قدر الرجال الذين امتثلوا بكل جوارحهم للنداء الخالد ولاستغاثة الوطن الكبير، يهبون دمهم في كل مرة.
 
لله ما أزين هذه الشجرة، شجرة فارعة تمتد من أعلى إلى أسفل، من السماء إلى الأرض، شهداء في خلد الله والوطن، من صنعاء إلى مأرب حيث مثوى الشهيد علي عبدالمغني إلى الحديدة حيث وشى حسين المغني بدمه التربة السمراء إلى المخا حيث ينام، ينام مجازاً، فروحه تعيش.
 
سردية بطل
 
روحه حلت بهؤلاء، بي أنا، بكم، برجال الجبهات، بحراس أشاوس وبواسل أفذاذ يسطرون ويعسجدون معنى ومبنى كرامة البلاد في كل ناحية، كل الرجال يتحدون به، ويمتزجون بعظمته.
 
الشهداء ناموس الملاحم، تذكرة عبورنا إلى جنة الأرض وهي بلاد ممتدة من أعلى جبل إلى أخفض بحر، وجنة أخرى تنتظر كواسر القيمة الأولى للشهادة.
 
يكفي أن نحكي سرديته في الحديدة، وهي أجل سردية، هي الجواب الأمثل للتساؤل الأزلي بين البشر، هل تموت من أجلي؟
 
لكن لا بد أن نحكي بداياته..
 
سألت البلاد: هل تموت من أجلي؟
 
نعم، أموت، أجاب حسين المغني..
في صنعاء أموت، وعاش، وفي الساحل أموت وعاش، حياته سردية، بل سرديات، مؤهلاته قصة مكتملة عن وطن وجدارة فلقد كان المغني ابن الأمن المركزي، وسأحكي لكم سيرته واعذروني لو أطلت، فالشهيد المغني يستحق، يستحق ذلك.
 
 
عدت إلى سيرة المغني، أردت تبجيد الروح التي غادرتنا ولملمة الحزن الذي لف الساحل والجبل بنص، وتجسيد الفرادة بلحن نغنيه في صنعاء عما قريب بميدان السبعين حيث ترعرعت الحمية الجمهورية لديه بمبنى الأمن المركزي الذي يحاذي ميدان العظمة وقادتني سيرته إلى نشأته الأولى، لقد تعلم حسين في مدرسة الحورش وهنا نجد، تمام الجد، مبتدأ ثورية حسين المغني فالحورش أحمد هو مناضل جمهوري قبل بزوغ الجمهورية ومات إعداما بأمر من الطاغية أحمد حميد الدين، وسميت المدرسة باسمه، وفيها تعلم المغني فنون النضال فمن لمته دماء واحدة مع علي عبدالمغني مثل المغني ودرس في مدرسة سميت تيمناً بالحورش لن يكون إلا بندقية بوجه الإمامة التي قتلتهما ثم قتلته، أعلام الله. 
 
 
التحق المغني بالأمن المركزي سنة خمسة وتسعين من القرن المنصرم بعد تحقيق الوحدة بسنوات خمس، وفي العاصمة صنعاء كتب اسمه بالرقعة المحاكة من دم الثوار، وترقى في عام تسعة وتسعين وقبل الألفية الجديدة بعام فقط إلى رتبة ملازم يلتحق بالحربية وعين عام 2005 أركان حرب فرقة صاعقة بالأمن المركزي، وهكذا توالت المهام بكاهله، ومن قيادة كتيبة إلى أخرى في الأمانة كان الصاعق المغني على موعد مع اختباره الأول، وهل روح علي عبدالمغني تسري فيه وهل تعاليم الحورش نبتت بقلبه.
 
ومن ثم، بكل جلال، كان الجلال
 
رجال ديسمبر
 
كان من أبطال ديسمبر
المغني الأول من أبطال وشهداء سبتمبر والمغني الثاني من أبطال وشهداء ديسمبر، يا للمجد!!
 
وكتب الشهيد صالح ورفيقه الزوكا والرجال من كل مدينة رواية أخرى منها بزغت كل الأحلام ولم تنته، وكان الشهيد حسين المغني أحد الذين قاتلوا في العاصمة مع صالح إلى جانب طارق وانحازوا لخيار اليمنيين وللحقيقة، الرجال الذين انتفضوا، آنذاك، طينتهم مختلفة، وحفنتهم أخرى، وهم بين وحوش الهدم والدم يقررون ويقتحمون، كما لم يفكر أحد، أسوار الظلامية المشبعة بالروح السوداء وفازوا من حيث ظن الجميع هزموا، فازوا بغرس الأحلام التي أثمرت من الثنية إلى شارع صنعاء بالحديدة..
 
الأمنيات التي تتعالى بجماجم هؤلاء الرجال وأن تصرخ لا في وجه كل من دنوا وظنوا أن نعم حيلة اليمني للتعبير عن جمهوريته تاركاً خلفه كل شيء، مدينة يحبها وقربى يقدسهم وخلفه غبار الخسارة إلى وجهة مترعة بالضباب الكثيف وصفحة عصية على الفهم وقراءة الحدث القادم لولا أن للقوادم أياماً حبلى بطوارق كسروا باب التردد ودخلوا من باب أوسع مما نتصور جمهورية اليمن الثانية التي تشكلت بديسمبر وتكاملت حتى اللحظة، به وبكل أمثاله.
 
تمكن مغادرة الأمن المركزي في السبعين رغم حصار المليشيات ترك صنعاء كلية -بعد يوم من بقائه متخفياً- مجتازاً الجبال والوهاد _ إلى دمت وهناك تبرعمت بذرة الملحمة وأدرك كسواه بداية تشكيل حراس الجمهورية في معسكر بئر أحمد بعدن وعانى كما حكى، من قبل، ليصل أخيراً ويلم روحه بروح رفاق الجمهورية بمعسكر بئر أحمد في عدن، وتسلم قيادة الكتيبة التاسعة بمعسكر بئر أحمد، وتعين من هناك قبل الانطلاق الجبار إلى ساحل اليمن الغربي كقائد للشرطة العسكرية وقبل تحرير الساحل لإيمانهم بقوة القلب الخالص ومقدرة الطوارق على دحر مليشيات الكهف.
 
من سيرة المغني
 
بلسان الجميع تتوالد حكاية المغني، رفاقه في عصب يحدثونك، عن أيام الأسبوع التي قضوها معاً ورفاق العودة إلى المخا والبداية للنضال، يحدثونك عن بطولته في معركة تحرير البرح، ثم تسليمها للعمالقة، ثم قفزه إلى الخوخة وتسلمه مهام حماية الجاح فبكل شبر على ثرى الساحل للمغني حكاية، بكل خطوة له تضحية.
 
 
حوصر في الجاح لثلاثة أيام مع رفاقه، تغلب معهم وبهم على الحصار والجوع حتى فك عنهم وشارك بتحرير الدريهمي وتسلم حماية مصنع إخوان ثابت بعد تحريره من أبطال اللواء الأول حراس جمهورية وبذل نفسه للمعركة، كقائد للأمن وجندي في الجيش وكرجل مستحيل أفشل كل أذرعة الخلايا النائمة وكل أحابيلهم تمزقت بتفانيه لتأسيس مرحلة مجيدة، وقد تعلم من الخسارات كيف يسد الخسارات وأخذ درساً من صنعاء لمعركة العودة إلى العاصمة صنعاء لولا الشهادة، يرتقي المغني إلى غرفة الشهداء، يطير. 
 
المقاتل الباسل
 
لا أنسى تشْييعه، مضت خلف جثمانه البزات والنجمات وهم أشد فرحاً بما حققه الأبطال بعد المعركة في الدريهمي وحزناً على فقد المقاتل الباسل حسين عبدالمغني، ولكن العزاء أنه أوجد الشموخ، زرع الشجاعة ثم رحل وتركنا خلفه نبكي فالبكاء آخر المواثيق مع الرجال، وآخر واجب لهم ومعهم، نبكي وكذلك نفرح، نبجد ونعسجد البطولة بدموع البكاء والشموخ والشجاع الأول والأخير، المغني. 
 
الفاتحة إلى روح الشهيد وكل شهداء ديسمبر وشهداء الساحل الغربي واليمن الكبير الجليل.

 

ذات صلة