مُغْنِي الجمهورية الثانية.. تنجب إب "مُغْنِي" لكل مرحلة
- المخا، الساحل الغربي، كتب/ عبدالسلام القيسي:
- 08:58 2020/11/10
كان علي عبدالمغني، ابن إب، روح الجمهورية الأولى في سبتمبر المجيد، ولا تُذكر تلك الانبثاقة الجبارة إلا وكان للشاب من أهالي السدة محافظة إب مجمل الحدث، كونه الضابط الثائر والشهيد الذي مات دفاعاً عن وليدة الأمة العربية ضد فلول الكهنوت في محافظة مأرب، وهو الضابط العربي الذي هز موته قلب عبدالناصر فبكى، وفقدته صنعاء فارتعدت القاهرة..
كالعادة، -ابن عم الشهيد الأول علي عبد المغني- حكاية تعيد مغني القرن الأول إلى الواجهة، وتذكرنا الدم بالدم والطير بالطير بالأولى الذين عسجدوا طريق التابعين من الرجال بالفداء لنستلهم أرواحهم ونحن نشد أرواحنا قبل رواحلنا إلى صنعاء، وقبل رحلتنا، وددت إخباركم أن المغني الأخير، في الثالث من أكتوبر، ارتقى شهيداً بجبهة الدريهمي.
لكل جمهورية "مُغْني"
ككل أحرار اليمن فراراً بالوطن بين قلوبهم غادر حسين المغني صنعاء إلى حيث لمتهم عدن بعد انتفاضة الشهيد صالح وخلف العميد طارق صالح الذي عوهد من الرجال في صنعاء ولحقوا بأثره النبيل وعاهدهم على الكر من بوابة أخرى لإنقاذ اليمنيين، وكان هذا الرجل في زمن بلا نوعية هو نوعيتنا المرسومة بسحنات عشرات آلاف الفدائيين من مفرق الوطن وأخمصه، فالموت في سبيل الجمهورية أنبل الأقدار، وقدر المغني الشهادة
عدت إلى سيرة المغني، أردت تبجيد الروح التي غادرتنا ولملمة الحزن الذي لف الساحل والجبل بنص وتجسيد الفرادة بلحن نغنيه في صنعاء عما قريب بميدان السبعين، حيث ترعرعت الحمية الجمهورية لديه بمبنى الأمن المركزي الذي يحاذي ميدان العظمة، وقادتني سيرته إلى نشأته الأولى، لقد تعلم حسين في مدرسة الحورش وهنا نجد، تمام الجد، مبتدأ ثورية حسين المغني فالحورش أحمد هو مناضل جمهوري قبل بزوغ الجمهورية ومات اعداما بأمر من الطاغية أحمد حميد الدين، وسميت المدرسة باسمه، وفيها تعلم المغني فنون النضال فمن لمته مدينة واحدة مع علي عبدالمغني مثل إب ودرس في مدرسة سميت تيمنا بالحورش لن يكون إلا بندقية بوجه الإمامة التي قتلتهما ثم قتلته.
التحق المغني بالأمن المركزي سنة خمسة وتسعين من القرن المنصرم بعد تحقيق الوحدة بسنوات خمس، وفي العاصمة صنعاء كتب اسمه بالرقعة المحاكة من دم الثوار وترقى في عام تسعة وتسعين وقبل الألفية الجديدة بعام فقط إلى رتبة ملازم يلتحق بالحربية، وعين عام 2005 أركان حرب فرقة صاعقة بالأمن المركزي، وهكذا توالت المهام بكاهله ومن قيادة كتيبة إلى أخرى في الأمانة كان الصاعق المغني على موعد مع اختباره الأول وهل روح علي عبدالمغني تسري فيه وهل تعاليم الحورش نبتت بقلبه.
في ديسمبر تبدأ كل الأحلام
كتبت أثير النشمي الروائية السعودية قبل عشر سنوات رواية محببة عنوانها في ديسمبر تنتهي كل الأحلام وكتب الشهيد صالح ورفيقه الزوكا والرجال من كل مدينة رواية أخرى منها بزغت كل الأحلام ولم تنته وكان الشهيد حسين المغني أحد الذين قاتلوا في العاصمة مع صالح الى جانب طارق وانحازوا لخيار اليمنيين وللحقيقة، الرجال الذين انتفضوا انذاك طينتهم مختلفة، وحفنتهم أخرى، وهم بين وحوش الهدم والدم يقررون ويقتحمون،كما لم يفكر أحد، أسوار الظلامية المشبعة بالروح السوداء وفازوا من حيث ظن الجميع هزموا ، فازوا بغرس الأحلام التي أثمرت من الثنية الى شارع صنعاء بالحديدة
الأمنيات التي تتعالى بجماجم هؤلاء الرجال وأن تصرخ لا في وجه كل من دنوا وظنوا أن نعم حيلة اليمني للتعبير عن جمهوريته تاركا خلفه كل شيء، مدينة يحبها وقربى يقدسهم وخلفه غبار الخسارة الى وجهة مترعة بالضباب الكثيف وصفحة عصية على الفهم وقراءة الحدث القادم لولا أن للقوادم أيام حبلى بطوارق كسروا باب التردد ودخلوا من باب أوسع مما نتصور جمهورية اليمن الثانية التي تشكلت بديسمبر وتكاملت حتى اللحظة
مات علي عبدالله صالح ، طارق في وجهة مجهولة ، وتلقفت الزنازين كل نجمات البلاد والسكاكين خلف كل أحد في خياشيمه نبتت الحرية والمغني الذي كان أس للمعركة غادر ككل من يمهد لعودة لها بذخ النصر وبعد تمكنه مغادرة الامن المركزي في السبعين رغم حصار المليشيات ترك صنعاء كلية _ بعد يوم من بقاؤه متخفيا _ مجتازا الجبال والوهاد _ الى دمت وهناك تبرعمت بذرة الملحمة وأدرك كسواه بداية تشكيل حراس الجمهورية في معسكر بئر أحمد بعدن وعانى كما حكى،من قبل ، من قطاعات الطرق الملتوية بالسفاحين ومن دمت الى قعطبة ليصل أخيرا ويلم روحه بروح رفاق الجمهورية بمعسكر بئر أحمد في عدن وتسلم قيادة الكتيبة التاسعة بمعسكر بئر أحمد وتعين من هناك قبل الانطلاق الجبار الى ساحل اليمن الغربي كقائد للشرطة العسكرية وقبل تحرير الساحل لايمانهم بقوة القلب الخالص ومقدرة الطوارق على دحر مليشيات الكهف.
بلسان الجميع تتوالد حكاية المغني، رفاقه في عصب يحدثونك، عن أيام الاسبوع التي قضوها معا ورفاق العودة الى المخا والبداية للنضال، يحدثونك عن بطولته في معركة تحرير البرح ، ثم تسليمها للعمالقة ، ثم قفزه الى الخوخة وتسلمه مهام حماية الجاح فبكل شبر على ثرى الساحل للمغني حكاية
حوصر في الجاح لثلاث أيام مع رفاقه،تغلب معهم وبهم على الحصار والجوع حتى فك عنهم وشارك بتحرير الدريهمي وتسلم حماية مصنع اخوان ثابت بعد تحريره من ابطال اللواء الأول حراس جمهورية وبذل نفسه للمعركة، كقائد للأمن وجندي في الجيش وكرجل مستحيل أفشل كل أذرعة الخلايا النائمة وكل أحابيلهم تمزقت بتفانيه لتأسيس مرحلة مجيدة وقد تعلم من الخسارات كيف يسد الخسارات وأخذ درسا من صنعاء لمعركة العودة الى العاصمة صنعاء لولا الشهادة ، يرتقي المغني الى غرفة الشهداء، يطير
ترك المغني اسرته الفارة معه بالمخا، ابنان وبنتان صغيران ، لم يشبعوا بعد من وجه أبيهم، كانت طفلته ذات السابعة من العمر في الجنازة،شاركت رجال الجمهورية في التشييع الأخير للعميد حسين ولفت رأسها بالعلم اليمني،ومضت خلف جثمانه البزات والنجمات وهم أشد فرحا بما حققه الأبطال بعد ثمان ايام من المعركة في الدريهمي وحزنا على فقد المقاتل الباسل حسين عبدالمغني ولكن العزاء أنه أوجد الشموخ، زرعها ثم رحل وتركنا خلفه نبكي فالبكاء أخر المواثيق مع الرجال، وأخر واجب لهم ومعهم .