تعـز 7 سنوات حصار.. شهادات مؤلمة وتجارب مريرة من يوميات وممارسات نقاط الحوثيين
- تعز، الساحل الغربي، هشام قاسم:
- 04:03 2021/08/13
● أقسم أحدهم بأن يودعني سجن الصالح والذي لن أرى فيه الشمس
● أخذوا مني 150 ألف ريال سعودي بحجة أنني أقدم دعما للدواعش
● صناعة الذعر والمعاناة: هذا ما فعلته ممارسات النقاط الحوثية بالأواصر الاجتماعية
● أم محمد جلبت من المدينة بضائع فتعرضت لابتزاز النقاط الحوثية.
يشعر الشاب أمجد علي (28 عاماً) بالحزن لعدم قدرته على حضور عرس شقيقته والاحتفال بزفافها المقام في عيد الأضحى المنصرم بأحد أرياف مدينة تعز الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثيين، إذ أضحى نشاطه الصحفي تهمة تطارده وتمنعه من السفر وتجبره على البقاء منذ سنوات في مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية ليتكبد مرارة الفراق والبعد عن أهله المقيمين في أحد الأرياف الواقعة تحت سيطرة المليشيا المدعومة إيرانياً والتي يخشى الوقوع في يد نقاطها الأمنية المنتشرة على طول الطريق المؤدية من وإلى قريته ومسقط رأسه في مديرية شرعب السلام.
يشتاق اليوم لأسرته وأهالي قريته ويصطدم حنينه هذا بخوفه الكبير وخشية اعتقاله من قبل نقاط التفتيش الحوثية والتي تفرض حصاراً خانقاً على مدينة تعز وتسيطر على معظم منافذها الرئيسية كما تنتشر في الطرق البديلة والتي يسلكها المسافرون من وإلى المدينة وذلك رغم بعد مسافتها ووعورتها وتعرضهم لمضايقات وابتزاز وترهيب عناصر تلك النقاط والتي تجري تفتيشاً يومياً ودقيقاً للعابرين وأمتعتهم وهواتفهم وحتى أجسادهم كما تدقق في هوياتهم ووثائقهم وتحقق معهم طارحة العديد من الأسئلة حول مهنهم ومدة وأسباب تواجدهم في المدينة الخاضعة لسيطرة السلطة الشرعية.
يجد علي في السفر إلى قريته مخاطرة غير مأمونة العواقب ويرفض المجازفة وخوض هذه التجربة المخيفة والخطرة مرة أخرى، إذ يتذكر اليوم تفاصيل المشهد المرعبة التي رافقت رحلة سفره السابقة إلى قريته والعودة منها وذلك قبيل ثلاثة أعوام.
يقول لـ(الساحل الغربي)، "أفلت حينها بصعوبة من قبضة نقاط مليشيا الحوثيين والتي كلما مررت بإحداها أصابتني فاجعة كبيرة واعتراني الخوف الشديد والاضطراب وارتجفت أقدامي ويداي بشكل كبير لم أستطع معه السيطرة على نفسي".
* مخاوف مشتركة
يضيف "خفت ملامحهم وأسئلتهم وممارساتهم وأساليبهم المفزعة وطريقة ترهيبهم واستفزازهم للمسافرين وإخافتهم ومعاملتهم كجناة وأصحاب سوابق وعملاء لدول التحالف والتلويح باعتقالهم بتهمة الانتماء للجيش الوطني أو الأمن أو لحزب معين أو مزاولة العمل الصحفي وغيره".
[ عزف (ح، ا) عن السفر إلى مدينة تعز لحضور حفل تخرج نجله الأكبر من إحدى كليات جامعة تعز، الأمر الذي أحزنه كثيراً ودفعه نحو كتابة اعتذار لولده الخريج ونشره في تغريدة له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، مرجعاً غيابه وعدم مشاركته لخوفه من نقاط الحوثيين.]
مخاوف علي الشديدة من نقاط مليشيا الحوثيين لم تأت من فراغ بل رسختها في نفسه سلسلة من الممارسات التعسفية والانتهاكات التي طالت عشرات المواطنين المارين بتلك النقاط، إذ قيدت منذ العام 2015 حركة المدنيين وصادرت حرياتهم وحقهم في التنقل ومنعتهم من زيارة أهاليهم وأقدمت على احتجاز واختطاف واعتقال الكثيرين منهم وإرسالهم إلى سجن مدينة الصالح بمجرد الاشتباه بهم أو تلقي بلاغات كيدية عنهم أو بمبرر حيازتهم على عملة نقدية محلية جديدة أو بالريال السعودي أو بطائق عسكرية وأمنية وصحفية أو احتواء هواتفهم على أرقام خصومهم أو محادثات ودرشات تنتقد المليشيا أو صور وفيديوهات متعلقة بما يدور في الجبهات.
الدكتور الصيدلاني محمد سيف (30 عاماً)، أقدم منتصف يوليو الماضي على زيارة أسرته في أحد أرياف تعز وأثناء مروره بنقاط مليشيا الحوثيين تم إنزاله من السيارة التي تقله واقتياده إلى مكان مكتظ بالأشجار الشوكية وهناك خضع لتفتيش دقيق وتم تجريده من بعض ملابسه وتفقد مناطق متفرقة من جسده للتأكد من مدى حمله للسلاح من عدمه.
يقول سيف لـ(الساحل الغربي) "لم تكتف عناصر تلك النقطة بذلك بل فتشت كيس ملابسي وكذلك جوالي والذي عثر فيه على محادثة في الواتساب بها إشارة للحوثيين فتم احتجازي لساعة ولم يفرجوا عني إلا بعد أن دفعت مبلغا ماليا لأفراد النقطة".
يضيف: "ارتعبت وجف ريقي حينما أقسم أحدهم بأن يودعني سجن الصالح والذي لن أرى فيه الشمس، ولكني أثبت لهم أنني صيدلاني ولا علاقة لي بالجيش أوالجبهات ودفعت 20 ألف ريال مقابل الإفراج عني".
أفلت سيف من الاعتقال بأعجوبة في حين اعتقل أحد الركاب الذين كانوا معه على متن نفس السيارة لاحتواء هاتفه السيار على صور له وهو بالزي العسكري إلى جانب فيديوهات متعلقة بالمواجهات العسكرية الدائرة بين الجيش الحكومي ومليشيا الحوثيين، كما يقول سيف.
* الخوف من التعسف والابتزاز
لا تقتصر ممارسات نقاط مليشيا الحوثيين التعسفية على المسافرين من وإلى المناطق الخاضعة لسيطرتها بل تطال مالكي المركبات وسيارات نقل الركاب والذين يدفعون إتاوات لبعض تلك النقاط مقابل السماح لهم بالمرور والتخفيف من الإجراءات التي يتعرضون لها مع ركابهم ويذكر لـ(الساحل الغربي) أحد السائقين دون أن يفصح عن اسمه "أخصص مبلغا ماليا من عائدات كل رحلة لنقل الركاب وأوزعها على عدد من النقاط الحوثية حتى أتمكن من العبور وأتفادى احتجازي وقتاً أطول وتأخيري فيها أكثر من المعتاد".
تطاول الحصار الخانق وقطع أوصال تعز المدينة وأريافها والأواصر الاجتماعية
مجبر هذا السائق على دفع تلك الإتاوات تحت مسمى "حق النقطة" وإذا لم يفعل فسيخضع لإجراءات أكثر شدة وسيتم ابتزازه بالاحتجاز والتفتيش وغيرها من الممارسات التعسفية، حد تعبيره.
تنتهج النقاط نظاماً أمنياً صارماً، ويمارس أفرادها ضد المسافرين التهديد والوعيد والتعسف والانتهاكات والاعتقالات والاختطافات والإخفاء القسري، ويتذرعون في أساليبهم بمبررات وحجج واهية تقلل من فرص نجاة وإفلات المارة وتجعل رحلتهم محفوفة بالمخاوف والمخاطر ورهينة لأبسط الأشياء والتي قد تودي بهم إلى سجن الصالح أو ما يعرف اليوم في أوساط المواطنين بسجن الضغاطة.
أضحى زياد أحمد (30 عاماً) يكره مغادرة مدينة تعز والتي يعمل بها سائق باص لنقل الركاب ويزاول هذا النشاط على مدى عام كامل، ويعود إلى قريته قبيل عيد الأضحى ويقضي إلى جانب أسرته عدة أيام ثم يعود بعيدها إلى عمله وهو أمر ليس بهين عليه، فالمخاوف الشديدة من ممارسات نقاط المليشيا ترافقه في ذهابه وإيابه إلى جانب مشقة الطريق ووعثاء السفر.
يذكر أحمد لـ(الساحل الغربي)، "قبيل الاقتراب من تلك النقاط ينتابني خوف شديد من إجراءات عناصرها المشددة وهمجميتهم وأساليبهم المفزعة".
يستعرض ما واجهه، فأثناء خروجه من المدينة ومروره بأول نقطة تم إيقاف السيارة على جانب الطريق وإخضاع حمولتها للتفتيش الدقيق بما في ذلك أكياس الملابس وغيرها ثم قام عناصر تلك النقطة بطلب بطائق الركاب الشخصية ومناداة أصحابها ثم التحقيق مع كل راكب وطرح عدة أسئلة حول مهنته وأسباب تواجده في المدينة ومدة ذلك، وبعيد نصف ساعة من الاحتجاز تم السماح للسيارة بالمرور ليتم إيقافها عند النقطة الثانية والتي طلب أحد أفرادها صورة لجميع بطائق الركاب ونادى باسمائهم وطرح على كل منهم عدداً من الأسئلة ثم سمح لهم بالمرور.
في النقطة الثالثة والرابعة خضعت السيارة والركاب للتفتيش الدقيق أيضاً وتم فحص بطائقهم والمقارنة بين الصور ووجوه الركاب إلى جانب طرح نفس الأسئلة عليهم والتشكيك بأقوالهم في محاولة لانتزاع اعتراف منهم بمزاولة أنشطة تستدعي اعتقالهم.
* صناعة الذعر والمعاناة
لم يصدق عناصر تلك النقاط أقوال أحمد ورفاقه والذين أثبتوا لأفرادها صحة أقوالهم وعدم وجود أي صلة لهم بخصوم الحوثيين كالجيش الوطني أو الأمن أو المقاومة أو أحد قياداتها، لكن ذلك لم يشفع لهم وتم أخذ هواتفهم وتصفح محتوياتها المختلفة بما فيها أرقام الهواتف وجهات الإتصال والرسائل النصية والصور والفيديوهات والصوتيات والمحادثات وبعيد ذلك سمح لهم بالمرور والذي تنتظره العديد من النقاط المنتشرة على طول الطريق.
مخاوف أحمد الشديدة من تلك الممارسات جعلته اليوم يكره السفر ويعزم على البقاء في المدينة ويشاطره في ذلك الكثيرون ممن فضلوا البعد عن أهلهم وجيرانهم وذكرياتهم وأصدقاء طفولتهم وآثروا البقاء وعدم التنقل توخياً للوقوع في شراك النقاط الحوثية والتي باعدت بين الكثيرين وقطعت الوصل بين ذوي القرابة كما أثرت سلباً على إحياء العديد من المناسبات الفرائحية وكذلك المآتم.
حالت ممارسات النقاط دون مشاركة الآباء وغيرهم في مناسبات وأفراح أبنائهم والاحتفال بزفافهم أو تخرجهم من الجامعات فالانتماء السياسي إلى حزب معين تهمة تطارد الكثيرين من أولياء الأمور بينهم (ح، ا) والذي عزف العام الماضي عن السفر إلى مدينة تعز لحضور حفل تخرج نجله الأكبر من إحدى كليات جامعة تعز، الأمر الذي أحزنه كثيراً ودفعه نحو كتابة اعتذار لولده الخريج ونشره في تغريدة له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، مرجعاً غيابه وعدم مشاركته لخوفه من نقاط الحوثيين.
أعاقت أيضاً زيارة البعض لموتاهم وإلقاء النظرة الأخيرة عليهم وتوديعهم الوداع الأخير والمشاركة في مراسم دفنهم كما حرمت موتى من الدفن في قراهم وبمشاركة أهلهم وذويهم وأصدقائهم وجيرانهم وفرضت عليهم أن يدفنوا في مقابر لم يحبوا أن يدفنوا فيها.
اضطر الشابان؛ هاشم يحيى وعيسى عبدالله، العام الماضي، إلى دفن والديهما في إحدى مقابر مدينة تعز، إذ إن بعد الطريق ومضايقات نقاط مليشيا الحوثيين وقيودها وتكاليف نقل الجثامين الباهظة عبر الطرق البديلة قد دفعتهما إلى مخالفة وصية والديهما ودفنهما بعيداً عن مسقط رأسيهما ودون مشاركة بقية أفراد أسرتي الفقيدين، كما يقولان للساحل الغربي.
تعيش مدينة تعز للعام السابع على التوالي حصاراً مطبقاً من قبل مليشيا الحوثيين والتي تسيطر على معظم مداخل ومخارج مدينة تعز الرئيسية ما دفع بالمسافرين إلى أن يستقلوا سيارات رباعية الدفع ويسلكوا طرقاً بديلة وعرة وطويلة وتفوق مسافتها 130 كيلو مترا، ويتم اجتيازها خلال 7 ساعات وذلك مقارنة بالطرق السابقة والتي لا يتجاوز طولها عدة كيلو مترات ويتم اجتيازها خلال 5 دقائق.
حال غلق المنافذ دون وصول البعض للمستشفيات والأطباء وتلقي العلاج كما جعل المرضى عرضة للمضاعفات الصحية والموت أثناء المرور في طرق جبلية شاهقة ووعرة وشديدة الانحدار وذلك على متن سيارات لطالما تعرضت للأعطال والحوادث المرورية وتطلبت قيادتها الكثير من المهارة والحذر والتركيز.
* نهب وسلب
يبتكر أفراد تلك النقاط أساليب مختلفة لابتزاز واستغلال المسافرين ونهب ممتلكاتهم وذلك تحت مسميات مختلفة أبرزها حيازة الطبعة الجديدة للعملة المحلية أو السعودية والتي يصادرونها بتهمة إيصال المسافرين الدعم لمن يصفونهم بالدواعش.
مطلع العام الجاري سلب أفراد إحدى نقاط المليشيا مراد فرحان (35 عاماً) وهو شاب يعمل منذ سنوات في السعودية شقاء عمره وذلك أثناء توجهه نحو مدينة تعز لشراء قطعة أرض وهو حلم حياته الذي صادرته المليشيا في طرفة عين بعيد أن راوده كثيراً في غربته وكافح من أجله عدة سنوات زاول خلالها أشغالاً شاقة وكابد مرارة الغربة ومشقة العمل وصنوف الحرمان.
يقول فرحان لـ(الساحل الغربي)، "بعيد عودتي من السعودية إلى قريتي توجهت نحو المدينة قاصداً شراء قطعة أرض وفي الطريق أوقفتنا إحدى النقاط وأنزلتني من السيارة وقامت بتفتيشي ومصادرة المبلغ الذي كان بحوزتي".
ويوضح "أخذوا مني 150 ألف ريال سعودي بحجة أنني أقدم دعما للدواعش ولم يكتفوا بذلك بل تهجم علي أفراد النقطة وهددوا باعتقالي وإيداعي سجن الصالح ولم يتقبلوا أي كلام مني".
لم يكن فرحان المواطن الوحيد الذي تعرض للنهب من قبل أفراد بعض نقاط التفتيش التابعة للحوثيين، والتي سلبت خلال العام الجاري أشخاصا آخرين وصادرت منهم مبالغ مالية متفاوتة وتقدر بملايين الريالات.
يستغل العناصر المناوبون في بعض النقاط الحوثية تواجدهم فيها ويرتكبون الانتهاكات بحق المسافرين في مسعى لكسب الأموال، إذ يقومون باحتجاز بعض المسافرين واعتقالهم وإخفائهم قسرياً دون علم أسرهم ثم يطلقون سراحهم بعيد عدة أيام أو أسابيع مقابل مبالغ مالية باهظة.
* الإفراج مقابل المال
استقل الشاب هيثم سعيد في أواخر يونيو الماضي دراجة نارية يقودها صديقه عمر منصور وتوجه نحو مدينة تعز لأخذ جرعة لقاح فيروس كورونا وأثناء عودته مع رفيقه خضعا لإجراءات النقاط وسمحا لهما بالمرور، وما إن وصلا منطقة الدعيسة اعترضتهما إحدى النقاط وغيرت مسار رحلتهما.
يقول سعيد لـ(الساحل الغربي)، "تم اعتقالنا من قبل أفراد نقطة الحوثيين المتواجدة في الدعيسة وإحالتنا إلى قسم الربيعي بتهم لا نعلمها وهناك تم سجننا مدة ثلاثة أيام دون علم أسرنا".
بحثت أسر المعتقلين عنهما وتضامن معها الأهالي والذين طالبوا الحوثيين بإطلاق سراحهما وسعوا نحو البحث عن وسيلة لذلك، وتواصلوا بمشرف الحوثيين في المنطقة والذي بدوره تواصل مع القسم وتم الإفراج عنهما بعيد دفع مبلغ ستمائة ألف ريال وتقديم ضمانات طبقاً لسعيد.
تزايدت، مؤخراً، هذه الممارسات والتي طالت الشاب مختار عمر، والذي اصطحب عمته الشهر الماضي إلى مدينة تعز وأثناء عودته منها تم احتجازه من قبل النقطة المتمركزة في منطقة الدعيسة وإيداعه السجن مدة يومين ومن ثم أطلق سراحه بعيد دفع مبلغ ألف ريال سعودي، كما يقول لـ(الساحل الغربي).
تفاقم ممارسات تلك النقاط من معاناة المسافرين المنهكين وتقيد تحركاتهم وأنشطتهم بما فيها التجارية، إذ تفرص قيوداً على البضائع الخارجة من المدينة بحجة دعم أصحابها لاقتصاد خصوم الحوثيين في داخل المدينة.
وتقول أم محمد لـ(الساحل الغربي)، إنها جلبت من المدينة بعض البضائع لتبيعها في معرضها بأحد أرياف تعز فتعرضت لابتزاز النقاط الحوثية ومضايقاتها".
وتضيف "قبلت النقاط مرور البضاعة بصعوبة شديدة رغم قيامها بانزالها وإخراجها من كراتينها وتفتيشها والعبث بها ما جعلني أتوقف عن شراء أي بضائع أخرى من المدينة".
* آثار الحصار
إلى ذلك أكدت تقارير حقوقية أن آثار حصار مليشيا الحوثيين لمدينة تعز كارثية وذلك على مختلف الأوضاع بما فيها الاجتماعية، إذ ذكر تقرير صادر عن مركز تعز الحقوقي THRC في منتصف يونيو الماضي "أن معظم الأسر التعزية تعيش حالة من الشتات، حيث تجدها مقسمة على مستوى الأسرة الواحدة بين مناطق سيطرة الحوثي ومناطق سيطرة الشرعية المتقاربة جداً، ورغم ذلك تمر السنوات دون أن يلتقي أفراد الأسرة الواحدة ببعضهما نتيجة حصار جماعة الحوثي الذي مزق أوصال المحافظة وشتت أهلها، وجعل من حركة التنقل في نطاق المديرية الواحدة أشبه برحلة سفر طويلة باهظة التكلفة وفوق ذلك محفوفة بالمخاطر".
وأضاف "كم تمر من الأعياد والمناسبات الاجتماعية بل وحتى النوائب دون أن تتشارك فيها معظم الأسر التعزية أفراحها وأتراحها نتيجة السياج الحوثي الذي لا يزال يفرض شيئا من العزلة الاجتماعية بين تلك الأسر ويحول دون السماح للبعض بإلقاء ولو نظرة الوداع الأخيرة على أقارب لهم فارقوا الحياة في الجانب المقابل وعلى بعد أمتار فقط كما هو حاصل بالجهة الشرقية من المدينة".
وتنصب جماعة الحوثيين عشرات الحواجز ونقاط التفتيش لتمنع من خلالها دخول أبسط الاحتياجات الأساسية للسكان من ماء وغذاء ودواء بل وتعيق وصول المساعدات الإغاثية المقدمة من المنظمات الدولية وتصادرها لصالح مجهودها الحربي كما تمارس إجراءات تعسفية ظالمة حولت بها حياة 4 ملايين نسمة إلى جحيم وفاقمت معاناتهم يوماً بعد آخر حتى بلغت حد الموت.
وتشهد مدينة تعز تدهوراً اقتصادياً حاداً نتيجة الحصار الحوثي المفروض عليها والعوامل الأخرى المساعدة والتي لها انعكاساتها السلبية على حياة ومعيشة سكان هذه المدينة الذين يجدون صعوبة كبيرة في حركة التنقل، والحصول على أدنى مستوى من العيش الكريم في ظل عدم توافر أبسط احتياجاتهم المعيشية، ناهيك عن موجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية إلى أضعاف سعرها الحقيقي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وفقاً للتقرير.