«الحوثيون» وحرب الطائرات المسيَّرة

02:54 2021/03/24

في تصعيد جديد، كثفت جماعة الحوثي اعتداءاتها العسكرية على المملكة العربية السعودية، إذ تعرضت مصفاة تكرير البترول في الرياض لاعتداءٍ بطائراتٍ مسيرة، الجمعة الماضي. وكان الحوثيون قد استهدفوا مصفاة رأس تنورة والحي السكني لأرامكو في مدينة الظهران في 7 مارس الجاري، كما استهدفوا مناطق أخرى في المملكة. واستخدم الحوثيون في التصعيد الأخير الطائرات المسيرة، متبوعةً بصواريخ على فترات زمنية مختلفة، في محاولة يائسة لإرباك أنظمة الدفاع الجوي السعودية، في وقت تتبنى فيه الولايات المتحدة خططاً تهدف إلى إنهاء الحرب في اليمن. لذلك فالتساؤل الآن هو: إلى ماذا يهدف التصعيد الحوثي؟ وهل يمكن لإدارة جو بايدن جر الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، خاصة بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في 16 فبراير الماضي، رفع اسم جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب؟
 
يتبنى الرئيس بايدن سياسات جديدة تجاه الملف اليمني، كما يتضح من تعيينه «تيم ليندركينغ»، الذي كان يشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي في عهد ترامب، مبعوثاً خاصاً لليمن، وبدء المفاوضات مع جماعة الحوثي. وتأتي مبادرات واشنطن في الملف اليمني كجزء من مراجعة أوسع لسياستها في الشرق الأوسط، إذ عطلت قرار إدارة ترمب تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، دون الحصول على أي تنازل من قبل الجماعة ودون دراسة التبعات السياسية لهذا القرار، رغم تأكيد واشنطن أن هذا القرار جاء لتفادي التبعات الإنسانية للقرار الأول. ومن جهتهم يعمل الحوثيون على الاستفادة من هذه «المراجعة» التي تقوم بها إدارة بايدن وعلى استثمار المناخات المتاحة لتحقيق انتصارات عسكرية أو سياسية تصب في مصلحة الجماعة.
 
ويرمي الحوثيون من وراء تصعيدهم إلى محاولة خلق واقع جديد يتزامن مع زيادة حدة المواجهات العسكرية في محافظة مأرب، إذ يحاولون باستماتة تحقيق تقدم عسكري هناك، ومن ثم التوجه نحو شبوة ممنيين أنفسهم بالسيطرة على منابع النفط والغاز في اليمن، مما سيعزز الموارد المالية للجماعة الانقلابية ويساهم في إحكام سيطرتها، ومن ثم تقوية موقفها التفاوضي في أي مباحثات يتم جرها إليها نتيجة الضغوطات الدولية الرامية لإنهاء حرب اليمن. لذلك تتزامن حملات استهداف الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ مع المعركة في مأرب، بهدف تشتيت انتباه السعودية عن معركة مأرب بالتركيز على حماية الداخل السعودي!
 
ويمثل التصعيد الحوثي إحراجاً للإدارة الأميركية أمام حلفائها في المنطقة، خاصة مع موجة التنديدات والإدانات الدولية والتصريحات المتكررة من جانب الولايات المتحدة حول التزامها بأمن المملكة العربية السعودية، وكون التصعيد الحوثي ما هو إلا وسيلة من جانب إيران لاستعراض قدرتها على زعزعة السلم في الشرق الأوسط قبل الدخول في أي مفاوضات تتعلق بملفها النووي أو أية ملفات مرتبطة.
 
ستستمر جماعة الحوثي في هجماتها كمناورة سياسية، في ظل حقيقة أن المشكلة البنيوية للجماعة هي كونها ميليشيا عسكرية مسيَّرة من طرف إيران، وليست حزباً أو حركة سياسية، لذا فأولويتها الآن هي تحقيق مكاسب على الأرض، وليس الانخراط في اتفاقات تقاسم السلطة، بغض النظر عن الأجندة الأميركية.
 
 
* الاتحاد