من ديسمبر إلى أبريل امتدت انتفاضة الصوالح الذين لبوا نداء الزعيم، وإن سقطت عزلة الحيمة بيد الكهنوت فلم تسقط الكرامة.
كانت انتفاضة صالح بصنعاء مفاجئة للجميع، خاصة في تعز، ولكل القيادات المؤتمرية وطفق الجميع يشاهد ما تؤول إليه الأحداث في العاصمة منبهرين بقوة صالح التي تحكى عبر عقود كثيرة، ويظنونه سوف يهديهم النصر إلى منازلهم.
في الحيمة، فقط، وهي عزلة تتبع مديرية التعزية، بعد نبأ مقتل صالح حدثت معركة بين الشيخ سعيد الحربي والمليشيات الحوثية، الحربي قيادي مؤتمري وعضو مجلس محلي سابق، أشعل المعركة بقدرات بسيطة في منطقته المهمة والتي تحدها من الغرب مخلاف ومن الجنوب شارع الستين الفاصل بين مديريات شمال تعز والمدينة، حيث هناك تربض المليشيات الحوثية تحاصر تعز من الخط الذي يمتد عبر إب إلى مفرق الذكرة ثم مفرق شرعب إلى الحديدة.
الشيخ سعيد الحربي رجل معركة حيمة تعز بعد نبأ استشهاد صالح، الوحيد الذي سطر معركته من العمق الحوثي بعد الهزيمة بصنعاء، الذي قاتل المليشيات بجسارة مع صيحة صالح له أجر واحد والذي قاتل أيضاً بعد موت صالح مباشرة له أجران؛ لأن قتال الذين بعد موت صالح كان صرخة مدوية وتعليم ظافر بالبنادق دون أمل بالنصر.
عندما خاف الناس كلهم، ودس الرجال رؤوسهم في رمال الخوف، وذهب البعض يحتفلون ظاهراً بموت صالح وباطناً يبكون صالح، أطلق الشيخ سعيد الحربي بندقيته بحيمة تعز مديرية التعزية المحاذية لشارع الستين حيث العمق الناري للمليشيات.
بشجاعة الأبطال دار معركته
لم تكن اللحظة تلك لحظة نصر أو صمود، المليشيات التي غلبت صالح أيضاً قد غلبته، غادر بلدته إلى مدينة تعز، وفجروا بيوته ونكلوا بكل شيء في بلاده، ولكن بعدما ذاقت الموت في جبال الحيمة وسالت دماء الكهنوت على ثرى البلاد المباركة بالرجال وقد فعلوها دون أن نفكر بذلك.
كان لديسمبر طريقة مختلفة بتعز، وإن تشابهت البدايات لم تتشابه النهايات، وبعد عجز الشيخ الحربي عن مجابهة الكهنوت المتكاثف نحوه، وكذلك خذلان بقية العزل والقرى له والقبائل غادر بلدته ودخلت المليشيات وفجرت بيوته وبيوت أقربائه، وكل من يمت له بصلة من شدة فجيعتها بالقتلى الذين لقيوا حتفهم وهم يحاولون إسقاط الحيمة التعزية، في شمال تعز.
استمرت انتفاضة الحيمة لمدة تسعة أيام كاملات، ولقي أكثر من 120 فرداً حوثياً حتفهم كحصيلة أولية، والعدد اكبر، وكان هذا بفضل سلاح شخصي فقط دون أي سلاح ثقيل، ورغم سقوط الحيمة بيدهم عجزوا عن البقاء فيها بعد تفجير منازل الحربي وأقربائه، ولكن أبناء الحيمة لم يكتفوا بذلك وقاوموهم، أشد المقاومة، لتحدث معركة جديدة في أبريل 2018 رغم عدم تواجد الشيخ الحربي، ولكن رجاله سطروا ملاحم بطولية وأثخنوا لمدة سبعة أيام بعشرات القتلى من المليشيات، ولكن الكثرة غلبت الحيمة ودخلوها مرة أخرى وفجروا منزل أحمد الحربي شقيق الشيخ سعيد الحربي وكذلك بئر الشيخ سعيد الحربي ومنزل عبدالفتاح عطا من وجاهات حيمة تعز ثم انسحبت المليشيات خوف انتفاضة ثالثة إلى الجبال في الحيمة وتحاذر التورط بين القرى ونهب المحاصيل من القات، كما كان في السابق، بعد دخولهم.
في خضم تلكم المعارك وقد قتل المئات من مليشيات الحوثي ارتقى من أبناء الحمية عشرون شهيداً وأربعون من الجرحى في الانتفاضتين الأولى والثانية، وفجرت المليشيات أربعة من المنازل ونهبت كل محاصيل عزلة الحيمة، وستظل انتفاضة الحيمة التي امتدت من ديسمبر 2017 إلى أبريل 2018 عنواناً للانبعاث التعزي الخالد تلبية لدعوة الشهيد صالح.