جبايات الحوثيين القسرية.. استنزاف للفقراء تحت شعارات كاذبة وذرائع عابرة للحدود

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:49 2024/11/10

تواصل مليشيا الحوثي فرض سياسة جباية شديدة القسوة على المواطنين في مناطق سيطرتها.. في ظل وضع اقتصادي كارثي، تُلزم المليشيا الشعب الفقير بتبرعات إلزامية تحت مسميات عابرة للحدود والأوطان، وكأنها تجوب بأموال الفقراء آفاقًا لا تعنيهم، تحت ذرائع واهية، تكتسي بعباءة "دعم القضايا الإقليمية"، فيما هي، في الواقع، لا تتعدى وسيلة مبتكرة لامتصاص ما تبقى من دماء هذا الشعب.
 
أحد هذه الأمثلة تمثل في "الحملة الشعبية لدعم نازحي الشعب اللبناني"، والتي أطلقتها المليشيا الحوثية مؤخرًا.. مشهد يُجسد استخفافًا لاذعًا بمعاناة اليمنيين، إذ وُظف عنصر حوثي يجوب الشوارع حاملاً سطلًا بلاستيكيًا ”وردي اللون“ لجمع التبرعات، ما أثار موجة سخرية واسعة؛ الناشطون عبروا عن غضبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، متسائلين عما إذا كانت هذه الأموال مخصصة "لدعم حفلات الفنانات اللبنانيات"، وهو تعبير ساخر عن غياب أي مبرر عقلاني لهذه الحملة، عدا كونها فصلًا جديدًا في مسلسل نهب ممتد.
 
الدكتور عبدالرحمن معزب، رئيس الكتلة البرلمانية للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، أثار نقطة جوهرية في تغريدةٍ له على منصة "X"، موضحًا التفاوت الشاسع بين الوضع الاقتصادي لليمن ولبنان، حيث يبلغ متوسط دخل الفرد اللبناني 835 دولارًا مقابل 33 دولارًا في اليمن؛ تساؤل معزب لا يحمل فقط نقدًا لسياسات الحوثيين، بل يأتي كصرخة لوعي المجتمع اليمني بأن هناك من لا يأبه بفقره أو جوعه، بل ينظر إليه كمنجم موارد لدعم طموحات وأجندات خارجية.
 
وهنا يتضح الوجه الحقيقي لهذه الحملات الحوثية، التي تأتي عقب حملة سابقة لجمع الأموال "لدعم غزة"، ومن قبلها تبرعات أخرى، كقناع يتستر خلفه طموح قيادة الحوثيين لدعم مصالحها الخاصة، واستنزاف الشعب اليمني تحت عباءة "القضايا الإقليمية"؛ إنها استراتيجيات مدروسة لتمويل أجنداتهم بأموال الشعب، مستغلين بسذاجة قضية بعد أخرى، دون أي اعتبار لمعاناة المواطن التي تفاقمت إلى حد لا يطاق.
 
الأسوأ في هذا الواقع الكئيب هو فرض التبرعات إلزاميًا، حيث يواجه المواطنون، من تجار وأصحاب أعمال، تهديدات مباشرة بالسجن والملاحقة إذا رفضوا الاستجابة؛ ولأن المقاومة والرفض بات محفوف بالمخاطر، يجد الشعب نفسه مضطرًا للخضوع، أمام مليشيا تفرض إرادتها بأسلوب العصابات، غير آبهة بما يتركه هذا الاستنزاف من أثر مدمر على الاقتصاد اليمني الهشّ.
 
وبينما ينزف الاقتصاد، تتفاقم الأزمات الإنسانية في اليمن دون بوادر أمل في تحسن قريب؛ ملايين اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، ورواتب الموظفين مقطوعة منذ سنوات، لكن الحوثيين، بكل وقاحة، يوجهون الموارد نحو مشاريع لا علاقة لها بحاجات الشعب الحقيقية.. سياسة مُستفزة ومتهورة، تزيد من الفجوة بين الحوثيين والشعب، وتدفع باليمن إلى هاوية أكثر عمقًا، إذ لم يتبقَ لهذا الشعب إلا صوت الاحتجاج والغضب على وسائل التواصل، يصرخون فيها بأنهم لا يُراد لهم الحياة، بل مجرد تمويل طموحات لا تمثلهم ولا تخدم سوى حفنة من المتسلطين.

ذات صلة