عودة إلى "مهند" : "الحوثيون أوقفوا حياتي بكلّها"
- تعز، الساحل الغربي: عبدالصمد القاضي- عبدالمالك محمد:
- 02:47 2023/09/10
كان العشب كثيفاً في أزقة وشوارع حي الزنقل، وسط مدينة تعز، بُعيد اندحار الحوثيين منه. العائدون من سكان الحي شعروا وقتها بسرور مضاعف وهم يستعيدون منازلهم وممتلكاتهم وسط ذلك المشهد النظير، لم يكونوا قد أدركوا بعدُ بأن زرعاً حوثياً خطيراً -غير مرئي- يتربص بحياتهم، وبأحلام مهند.
دوي الانفجار وصراخ شهود العيان يحاصران "مهند حزام" (15 عاماً) إلى اليوم. إنه يتذكر تفاصيل ذلك الحدث المروع بدقة، وبجانب آلام نفسية لا تفارقه، ما فتئ يحس بذات الآلام الجسدية التي رافقت خسارته لساقه اليسرى قبل نحو سبع سنوات.
"بدر" وأمه يحكيان -
— الساحل الغربي | The West Coast (@alsahilnet) September 8, 2023
طفولة مسروقة: قذائف الحوثيين تباغت ضحكات الأطفال في #تعز #الساحل_الغربي #اليمن #yemen https://t.co/yKF9kIjjyS pic.twitter.com/zrQebc5lCS
نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 لفت نظر "حزام" جسم غريب بينما هو مار في طريق ترابي مجاور لسوق الزنقل، وبفضول طفل حاول الاقتراب منه.. لكنه، وقبل أن يصل، وجد نفسه ملقى على الأرض وليس ببعيد عنه أناس يصرخون بهلع.
في ذات اللحظة كانت أمه في انتظار أن يعود من السوق؛غير أنها لم تستقبل سوى أخبار أبلغتها «ابنك انفجر به لغم، لقد قاموا بإسعافه إلى مستشفى الصفوة وعليك اللحاق به»، كما تقول.
وتضيف في حديثها لـ"الساحل الغربي": «انفجرتُ بالبكاء فور سماعي الخبر. شعرت بانهيار في جسدي، نظرًا لهول الفاجعة والصدمة، كنت أريد أن أطمئن على حالته فتمالكت نفسي ولحقت به إلى الصفوة.. وأول ما رأيته، رأيته من غير ساقه اليسرى».
أسرة تختصر مأساة بلاد - رابعة شرف.. طفلة #تعز الحالمة بمحاكمة الحوثيين#الساحل_الغربي #اليمن #yemen https://t.co/KmG435Q3fZ
— الساحل الغربي | The West Coast (@alsahilnet) August 21, 2023
حاول الأطباء التهدئة من روع أم مهند، وأقنعوها بأن حالة ابنها استدعت البتر، فساقه كانت ممزقة ومهشمة العظام.
كان مهند يدرس صباحًا ويساعد والده بالعمل في المساء، لكنه تغير كلياً بعد إصابته، أصبح شخصاً عنيداً يمتنع عن تقديم المساعدة للآخرين كسابق عهده، كما لو أنه يحمّل من حوله مسؤولية ما حدث.
تلخص أمه حياته اليوم بقولها «صحيح عاد مهند.. لكنه عاد بروح منكسرة وقدم مبتور».
لغم الحوثيين لم يسلب "مهند حزام" ساقه أو ينتزع منه ماضيه فقط، بل قتل الطُموح المستقبلي بداخله أيضاً، ليتخذ قراراً بالتوقف، دون رجعة، عن التعليم وهو لا يزال في الصف الثامن الأساسي.
تقول أمه، إن والده وهي عانيا الكثير بينما يحاولان إقناعه بالعدول عن قراره والعودة إلى المدرسة، لكن دون طائل، «حالته النفسية في غاية السوء، إنه ينظر إلى نفسه باستنقاص بعد التنمر الذي واجهه نتيجة الإعاقة، لهذا بات ينفر من الاندماج مع زملائه وأصدقائه القدامى».
أما هو فأجاب على السؤال «لا تسألني لماذا توقفت عن دراستي؛ فحياتي متوقفة أصلاً منذ لحظة الإصابة».
تتذكر الأسرة ابتسامة مهند وسعادته عندما كان يمارس اللعب بحرية، الجميع افتقدوا ابتسامته وروحه المرحة، ويدعون بكل جوارحهم لأن يعود ويلعب مجدداً ويعش حياته بالحب والألفة كباقي الأطفال.