اتركوا الترك ما تركوكم

12:00 2020/05/01

تقول حكاية تركية قديمة إن تركيا سأل تركيا آخر عن سبب فسقه وترك الصلاة، فقال له إنه قد قام بفعل عظيم أرضى به الله، ورضي الله عنه، ما يغنيه عن طلب أي حسنات إضافية لترجيح كفة ميزانه في الآخرة.. فسأله صديقه عن ذلك الفعل العظيم؟ قال: صفعت عربيا عند منبر مسجد ذات يوم مضى!
 
الحكاية تتضمن دلاله على الكره الشديد الذي يحمله الأتراك للعرب.. وفي الأثر نسب بعض الرواة حديث للنبي العربي يقول فيه لقومه: اتركوا الترك ما تركوكم، ومعناه واضح، أي تجنبوا الترك إذا تجنبوكم.. وهذا يعني أن على العرب أن يدفعوا عن أنفسهم شرور الترك، ويحمون ديارهم من عدوانهم.. وقد صحت هذه النبوة، حيث استعمر الترك بلاد العرب، فلم يتركونهم بل ناضلوهم نضالا مهلكا، وفي حالات ضعفهم استعانوا بالغرب المسيحي من أجل التحرر من الاستعمار التركي.وعلى الرغم منما ذكر، وخلافا لنبوة نبيهم، يتجه الاخوان المسلمون – وهم عرب- إلى الترك، ويوالون رجب طيب أردوغان الذي طال ما فخر بجده فخر الدين باشا الذي قاد الانكشارية الهمج إلى جزيرة العرب، ليذيقوا أهلها الأمرين، ويسوقون مواشيهم، ويسرقون مجوهراتهم، ولم تسلم منهم مدينة نبي العرب، ولا مسجده.. وليس الإخوان فحسب، وهم جماعات، بل حتى دولة عربية مثل قطر تتماهى مع مشروع الترك، وتدير ظهرها للنبي العربي القائل: اتركوا الترك ما تركوكم.على أن خرافة الإخوان حول عودة الخلافة الإسلامية بثوب تركي جديد، أو بمعطف حفيد فخري باشا، تغذيها ثقافة تستجر منذ عام 1924 الذي ألغى فيه أبو الأتراك- كما الدين أتاتورك- الخلافة العثمانية التي كانت في الأصل نظام سلطاني تركي، لا علاقة له بعروبة، ولا ثقة له بإسلام، بل كان قوة عسكرية في الخارج ونظام حريم في القصور.هذه الخرافة الجديدة روج لها شيوخ الاخوان المسلمين في مصر وفي غيرها بعد تكوين الجماعة الأم بمدينة الإسماعيلية في العام 1928، واستلهموها من الأسر الحاكمة التي كانت تتطلع إلى قيادة خلافة إسلامية بعد إلغاء العثمانية.. فضلا عن شذرات بهذا الصدد صدرت قبل ذلك من مثقفين عرب عاطفيين مثل رشيد رضا الذي قال في عشرينات القرن الماضي: إن العمل لوحدة الأمة الإسلامية - بقدر الإمكان- ينحصر اليوم في الشعبين الكبيرين: العربي، جرثومة الإسلام.. والتركي، سيفه الصمصام! فمتى بالله كان الترك سيفا صمصاما للإسلام؟ ولو عقلوا لرددوا وراء نبيهم العربي: اتركوا الترك ما تركوكم.. اتركوا الترك ما ترككم الترك.
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)