تفاصيل من المأساة : البرد والجوع يفتكان بأطفال النازحين في مأرب

  • الساحل الغربي، حسين الفضلي:
  • 09:21 2023/01/20

داخل خيمة صغيرة ومتهالكة يعيش أحمد علي (اسم مستعار لنازح في مارب) مع أطفاله الثلاثة وأمهم، يتقاسمون فيها لحظات البؤس والحزن والمعاناة والتي تختصرها ملامحهم قبل البدء في حديث يحمل طياته الكثير من المأساة والوجع الذي يعيشونه منذ بداية الحرب.
 
لم يكن النزوح وحده من ورث لهم الحزن، فالفقدان ضاعف المأساة؛ حيث فقدت الأسرة مطلع العام الجديد طفلهم الرابع الذي بلغ من العمر ربيعاً واحداً، والذي تسببت موجات البرد الشديدة التي تعصف بالمدينة في وفاته.
 
آلاف الأسر هربت من الموت الذي تقوده مليشيا الحوثي في حربها ضد الحكومة، لينجوا بأنفسهم وسط مخيمات خصصت للأسر النازحة، لكنهم يواجهون فيها الويلات المتمثلة في الجوع والقذائف الحوثية ناهيك عن التغيرات المناخية التي تحدق بهم طوال فترة النزوح.
 
تفاصيل من المأساة 
 
هرباً من القمع والموت في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية لجأ أحمد علي إلى مخيمات النزوح بمارب لينجو بنفسه وأسرته من بطش المليشيا، لكنه ظل قيد المعاناة جراء النزوح والفقر وضحية للتغيرات المناخية في خيام لا تقيهم الشمس والبرد.
أثناء سرده للمعاناة وبعينين ممتلئتين بالدموع يقول أحمد: "أتيت إلى هذا المخيم نازحا وهاربا من الموت في مناطق الاشتباكات، لكن بقيت أعاني من النزوح داخل هذه الخيمة الصغيرة". فخيمته لا تكاد ترى فيها سوى ما يكفيه وأسرته ليوم واحد من الطعام بالإضافة لافتقارها لأدنى مقومات العيش الكريم.
 
ويروي أحمد في حديثه للساحل الغربي تفاصيل سطرتها المعاناة في حياته: "هذه الخيمة نحتاج فيها الفُرش والأغطية، فعندما جاء السيل امتلأت بالماء ولم نجد مكانا لننام فيه، والآن البرد الشديد، معنا بطانيتن لا تكفي لتغطية حتى الأطفال"، مضيفا إنه فقد طفله الرابع بسبب البرد.
 
 
فالمكان بالفعل أشبه ببيت العنكبوت لا يقي من مطر الصيف ولا برد الشتاء القارس، حيث تسببت موجات البرد الشديدة في وفاة طفله الذي ضاعف من مأساته وزاد من حجم المعاناة لديه وأسرته.
 
لم يكن طفل أحمد هو الوحيد الذي توفي خلال موجات الصقيع التي تعيشها مدينة مأرب، فبحسب إحصائية، حصل عليها الساحل الغربي من الوحدة التنفيذية للنازحين بمارب، هناك 10 أطفال تسببت موجات البرد والصقيع الشديدة بوفاتهم داخل مخيمات النازحين خلال هذا الشتاء.
 
أكد خالد الشجني، موظف في الوحدة التنفيذية للنازحين بمارب، أن موجات البرد كانت لبعض الأطفال سببا رئيسا في الوفاة ولبعضهم الآخر مكملا، حيث كان بعضهم يعانون من سوء تغذية وغيرها من الأمراض، مضيفا إنه خلال الشتاء الماضي توفي 5 أطفال بسبب البرد.
 
احتياجات 
 
بلغ إجمالي عدد النازحين في محافظة مارب 2222530 نازحاً موزعين على 197 مخيم داخل المحافظة فيما لا تزال 251315 أسرة خارج المخيمات، هذه المخيمات تقع في المناطق الزراعية ومجاري السيول ولا توجد فيها وسائل لتصريف المياه كما جاء في التقرير الشتوي لإدارة المخيمات مطلع يناير 2023م.
 
من جهته قال سيف مثنى مدير الوحدة التنفيذية للنازحين بمارب، إن المخيمات بحاجة ماسة لمتطلبات كثيرة أبرزها توفير مساكن للأسر النازحة التي لا تزال بلا مأوى، وإعادة تأهيل المخيمات، بالإضافة إلى ضرورة توفير وسائل تدفئة وملابس شتوية للأسر النازحة بمجملها في مأرب.
 
ودعا مثنى جميع الوكالات الأممية والمنظمات الدولية والجهات المانحة والممولة وجميع شركاء العمل الإنساني بالتحرك العاجل لتقديم الاستجابة الطارئة للنازحين والتخفيف من معاناتهم بتوفير الاحتياجات الأساسية والمستدامة التي تحفظ للأسر بقاءها على قيد الحياة.
 
أرقام مفزعة للأسر النازحة في مخيمات مأرب، هذه الأرقام تحت وطأة المعاناة المتمثلة في الجوع والمرض والتقلبات المناخية كالسيول والبرد وغيرها، وتبقى هذه الأسر يعتصرها الحزن والأسى جراء نزيفها المستمر من النزوح والجوع والمرض. بالإضافة إلى موجات البرد الشديدة، لتنتظر سطوع شمس يوم جديد تزيل عنها كل أشكال المعاناة.

ذات صلة