تقرير: حسابات عسكرية خلف رفض الحوثيين مقترحا معدلا بشأن تعز... تعزيزات تتدفق وتحذيرات من "هجوم مبيَّت"
- الساحل الغربي / (العرب) الخميس 9 يونيو/ حزيران :
- 05:09 2022/06/09
اضطر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ للذهاب إلى العاصمة اليمنية صنعاء في مسعى جديد لتحقيق اختراق في قضية فك الحصار عن تعز، لاسيما بعد أن اتضح له أن الوفد المفاوض للجماعة في الأردن لا يملك سلطة اتخاذ القرار.
صنعاء- قالت أوساط سياسية يمنية إن زيارة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ إلى العاصمة صنعاء، رفقة الوفد الحوثي المشارك في المفاوضات الجارية في العاصمة الأردنية عمان، تهدف إلى إقناع قيادة الجماعة بقبول مقترح معدل بشأن فك الحصار عن مدينة تعز.
اقرأ أيضا :
وتشير الأوساط إلى أن اضطرار غروندبرغ إلى الذهاب إلى العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون منذ العام 2014، يبيّن أن الوفد المفاوض الذي يمثل الجماعة برئاسة محمد عبدالسلام لا يملك أي صلاحيات لاتخاذ القرار، وأن مشاركته في المحادثات مع الحكومة اليمنية في العاصمة الأردنية لا تعدو كونها محاولة للإيحاء للمجتمع الدولي بدعم المتمردين لجهود تثبيت الهدنة وتحقيق السلام.
إقرأ أيضاً:
- يحاول المبعوث في صنعاء إنقاذ "الهدنة" من بوابة تعز
- تعز: ثلاثة شهداء واستهداف حوثي للأحياء السكنية
- 21 مصابا من الجيش و170 خرقا حوثيا
- 30 خرقا جديدا لمليشيا الحوثي في الساحل الغربي خلال 24 ساعة
وقال مكتب المبعوث الأممي، في بيان مقتضب عقب وصول غروندبرغ إلى صنعاء، الأربعاء إن الزيارة، غير المحددة المدة، ستناقش الجهود المبذولة لتنفيذ الهدنة وتعزيزها “بما في ذلك المناقشات حول اقتراح الأمم المتحدة لإعادة فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى، والتدابير الاقتصادية والإنسانية، وسبل المضي قدما”.
وهذه ثاني زيارة للمبعوث الأممي إلى صنعاء منذ توليه مهامه، حيث كانت الزيارة الأولى في أبريل الماضي، أي بعد أيام قليلة من إعلان تطبيق الهدنة الإنسانية التي جرى تمديدها في وقت سابق من الشهر الجاري لمدة شهرين.
وتقدم المبعوث الأممي خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة الأردنية، بمقترح جديد لإعادة فتح الطرق تدريجيا في تعز بما في ذلك آلية للتنفيذ، وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين.
الزيارة الثانية للمبعوث الأممي إلى صنعاء.. استجداء السلام !
وتضمن المقترح المنقح إعادة فتح طرق بما فيها خط رئيسي مؤدّ إلى المدينة الواقعة في جنوب غرب اليمن، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى بهدف رفع المعاناة عن المدنيين وتسهيل وصول السلع.
وأعلنت الحكومة اليمنية الثلاثاء موافقتها على المقترح، وفي المقابل أبدى وفد الحوثيين تحفظات عليه لاسيما في علاقة بفتح طريق رئيسي، متمسكا بمقترح سبق وأن تقدمت به الجماعة بشأن فتح مسالك فرعية.
اليمن: لا نكره الأمم المتحدة، لكنها تحب المليشيات! #الساحل_الغربي #yemenhttps://t.co/InbkCvJUgG
— الساحل الغربي | The West Coast (@alsahilnet) June 7, 2022
ومن المرجح أن يجد المبعوث الأممي صعوبة في إقناع القيادة السياسية للجماعة في صنعاء بتغيير موقفها المتشدد حيال فك الحصار عن المدينة، تدفعها في ذلك حسابات سياسية وعسكرية، تغفل رؤية المعاناة الإنسانية لسكان المدينة.
وتزامنت زيارة غروندبرغ مع تأكيدات لمصادر عسكرية بشأن تعزيزات استقدمتها ميليشيا الحوثيين إلى جبهات محافظة تعز.
وحذرت المصادر من نوايا الحوثيين نسف الهدنة وشن هجوم مباغت على مواقع الجيش الوطني والمقاومة في تعز. وأوضحت المصادر أن ميليشيا الحوثي تسعى للسيطرة على مناطق حاكمة في شمال وشرق المدينة.
استهداف أحياء تعز السكنية تواصل يوم الأربعاء تزامنا مع زيارة المبعوث لصنعاء
وأشارت إلى أن الحوثيين شنوا خلال الساعات الماضية في منطقة الحيمة بتعز حملة مداهمات واعتقالات واسعة تعزيزا للنفوذ العسكري وتمهيدا لبدء عملية عسكرية جديدة ضد القوات الحكومية.
وتثير مواقف الحوثيين من فك الحصار على تعز المخاوف بشأن إمكانية انهيار الهدنة التي يراهن عليها اليمنيون والمجتمع الدولي لتهيئة المسار لمباحثات التسوية السياسية.
ويقول مراقبون إن الحوثيين أظهروا حتى الآن عدم استعداد للقيام بأي خطوة لتعزيز الثقة مع الطرف المقابل، الذي كان التزم حتى الآن بجميع البنود التي تضمنتها الهدنة سواء في علاقة بتخفيف القيود على موانئ الحديدة، أو في فتح المجال أمام الرحلات الجوية لمطار صنعاء.
ويربط المراقبون الموقف المتشدد للمتمردين من تعز باعتبارات عدة بينها خشيتهم بأن يفضي فك الحصار إلى استغلال الطرف المقابل للأمر ميدانيا وبالتالي يفقدون زمام المبادرة في محافظة استراتيجية بقيمة تعز.
وتحتل تعز موقعا استراتيجيا ضمن الجغرافيا اليمنية حيث أنها تتوسط شمال وجنوب اليمن، كما أنها ثاني أكبر المدن من حيث الكثافة السكانية، فضلا عن كونها مركز الثقافة اليمنية، وموطئ ثقل سياسي على مر تاريخ البلاد.
ويقول المراقبون إن السيطرة على هذه المحافظة تعد محددا رئيسيا بالنسبة إلى موازين القوى في البلد، وقد شهدت المحافظة منذ تفجر الصراع محاولات حوثية دؤوبة للسيطرة عليها لكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم، لينتهي الأمر بعزلها في العام 2015 عن باقي المدن والمحافظات.
امتحان تعز يسري على الهدنة برمتها واحتمالات الحرب والسلام في اليمن
ويسيطر الحوثيون اليوم على المناطق الشمالية في المحافظة كما يطوقون مركزها الذي يحمل نفس التسمية، والذي لا يزال يخضع لسيطرة القوات الحكومية.
وباتت جميع الطرق البرية الرئيسية التي تربط تعز بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والحكومة مقطوعة، ما يضطر سكان المدينة إلى التنقل عبر طرق جبلية وعرة، تتطلب منهم وقتا طويلا لبلوغ الوجهة المقصودة، فعلى سبيل المثال كانت الرحلة من الحوبان، المركز الصناعي للمحافظة الذي يسيطر عليه المتمردون إلى مركز مدينة تعز الذي تسيطر عليه الحكومة تستغرق نحو خمس عشرة دقيقة بالسيارة، لكن بعد الحصار أصبح الوصول يستغرق نحو سبع ساعات على طول مسلك فرعي غير مهيئ.
وهذا الأمر ينسحب أيضا على نقل السلع الأساسية مثل الطعام والوقود، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل ورسوم نقاط التفتيش، ما جعل تعز واحدة من أغلى مناطق اليمن من حيث تكاليف العيش.
ولا تنحصر معاناة سكان المدينة فقط في إشكالية التنقل بل وأيضا في منع الحوثيين لتدفق المياه إلى المدينة حيث تبسط الجماعة سيطرتها على منطقة الحيمة التي تضم أهم آبار المياه التي تغذي خزانات المدينة، كما يقطع المتمردون خطوط نقل التيار الكهربائي الممتد من المحطة البخارية الواقعة في مديرية المخا الساحلية إلى مدينة تعز، وتشكل هذه المحطة المصدر الوحيد الذي يغذي المدينة باحتياجاتها من الكهرباء.
استحداث حوثي لطرق ترابية فرعية تزامنا مع مفاوضات فتح الطرق
ويقول المراقبون إنه بالنظر للأهمية التي تشكلها تعز فإنه ليس من الوارد أن يسلم الحوثيون بسهولة بفك الحصار عنها، وسيعمدون إلى مقايضة الحكومة الشرعية بمطالب مجحفة لتخفيف هذا الحصار من قبيل دفع رواتب موظفي المناطق الخاضعة إلى سيطرتهم ونقل مقر البنك المركزي إلى صنعاء.
ويشير المراقبون إلى أن على المجتمع الدولي عدم الاكتفاء بالدعوات، لإنهاء أزمة تعز، حيث أن عليه ممارسة المزيد من الضغوط لإجبار الجماعة على تغيير موقفها.
وسبق أن جرت عدة محاولات أممية في السابق لرفع المعاناة عن أهالي تعز، كان من بينها تضمين اتفاق استكهولم الذي تم توقيعه في العام 2018 لبند حول المدينة، يدعو الجانبين إلى تشكيل لجنة مشتركة تعمل على إعادة فتح الممرات الإنسانية في وسط المدينة. وظل هذا البند كما معظم بنود اتفاق استكهولم حبرا على ورق، ولم تر تلك اللجنة النور.
كما ورد