المجلس الرئاسي على سكة "اليمن الخليجي"

02:43 2022/04/25

دمج اليمن في التكتل الخليجي يأخذ طابع الضرورة المشتركة. هذا لا يعني أن الأمر لم يكن كذلك دائما ولكنه لم يؤخذ على محمل الجدية والجدوى عندما كانت الدروب سالكة على مدى عقود مثلت في المحصلة فرصا ثمينة مهدرة ويتشارك الجميع اليوم دفع ضريبتها.
 
سيكون لزاما التذكير بأن التفاقم الذي تدافع المسارات الاقتصادية والسياسية والعسكرية في اليمن تأدى إلى نتيجة معيشة ومشهودة مفادها: إن "الجسد الخليجي" يتألم وسيتألم دائما ويتداعى بالسهر والحُمَّى طالما اشتكى منه "عضو" [اليمن]؛ ومهما تحاشت عضويته مؤسسة التكتل أو مجلس التعاون. لأن وشائج التاريخ والجغرافيا الضاربة والمتقادمة زمانا ومكانا أفعل في الواقع من الاعتبارات السياسية والظروف الجيوسياسية الآنية.
 
واليوم تتكامل شروط الضرورة والمصلحة؛ يمنيا وخليجيا (معاً)، في إعادة صياغة هذه المقولة وموضعتها في الصدارة من أولويات وأوليات الأسرة الواحدة في الجانبين اليمني والخليجي، بحكم الأحداث والتداعيات التي عصفت باليمن خلال العشرية الأخيرة. ومن الواضح أنه لم يكن الجوار الخليجي بمنأى عن آثارها، كما لن يتعافى اليمن بمعزل عن عمقه وجواره ومجاله الحيوي والبيت الخليجي.
 
تتكتل وتحتشد عوامل وأسباب وحيثيات كثيرة في اليمن تجاه حقيقة ناجزة بالضد من المد والتغول الإيراني والمشروع اللعين الذي كمن وتسلل وتسرب وطوق أوردة وعظام اليمن الجمهوري دولة ومؤسسات حتى أجهز على دولة اليمنيين وعقدهم الإجتماعي والسياسي والقدر الذي أنجز وتيسر بمشقة ومكابدة من التنمية والتحديث خلال ستين سنة.
 
هذا يعني أن اليمنيين اليوم أكثر وعيا بأهمية وضرورة التواجد ضمن البيت والجسد والتكتل الخليجي تحصنا ضد آفات وسموم الاستهداف الإيراني الذي يعمل جاهدا لانتزاع اليمن من روحها أو انتزاع روحها منها وسلخ هذا العضو الاصيل من جسد المنطقة والجزيرة والخليج.
 
حرب اليمن ليست في النهاية إلا حرب هوية. وهي بالنسبة إلى اليمن والمملكة حرب وجود لا مجرد حرب حدود.
 
وفي الصدد تتحرك قاطرة الإجماع اليمني المتحاملة على عثرات ونكسات وأخطاء وخطايا سبع عجاف نحو امتلاك شروط التعافي وجدارة الجاهزية الموضوعية والمادية لمباشرة مسألة الدمج والتكامل اليمني الخليجي، ويلزم أولا استدعاء الدولة الجامعة، استعادة اليمن دولة ومؤسسات وإنهاء الحرب واستعادة صنعاء عاصمة ورمزا وإنهاء الانقلاب المليشياوي وفقاسة الشر الإيرانية.
 
هناك بشارات ومؤشرات كثيرة ودالة سعوديا وخليجيا نحو تسريع دمج اليمن واقتصاده في البيت والمنظومة الخليجية بشروط التعافي والتأهيل والتمكين. وهذا يتأسس بالسببية على ما أفرزته التطورات المهمة والتحولات الكبيرة والإيجابية التي تتابعت خلال الشهرين الأخيرين ودشنتها المشاورات اليمنية - اليمنية في الرياض بكنف أمانة التعاون الخليجي، ووصولا إلى انتظام والتئام السلطات الشرعية في عدن ودوران عجلة المجلس الرئاسي الجامع لشتات ومتفرق القوى والمكونات اليمنية.
 
سيحتاج اليمن في هذه المرحلة الحرجة والحساسة إلى جيرانه وجواره بكثرة. وسيحتاج إليهم دائما.
 
وبالأحرى سيحتاج اليمن إلى اليمنيين؛ قوى ومكونات وإرادات وعزائم، وإلى الكثير من الجد والجهد والصدق والنزاهة والمسؤولية، وإلى القطع مع ميراث وأسباب الفشل والتبديد والهدر كما تكرست خلال سبع سنوات. والآمال معقودة على مجلس القيادة الرئاسي لصناعة الفارق واستهداف الحل والسلم وفرضه.. سلماً أو حرباً.