قصة طريفة بمناسبة يوم المسند

12:17 2022/02/21

حين تفتّح وعيُنا تجاه التهديد الكهنوتي المتحفز في كهوف حجة وصعدة ودهاليز صنعاء عدنا إلى التاريخ ورأينا أهمية إنشاء مركز أبحاث متخصص في تعرية هذا المشروع السلالي ووجدنا أن نطلق عليه اسم الملك العالم والشاعر نشوان بن سعيد الحميري كونه أبرز من قارع الإمامة الكهنوتية بالقلم والسيف والسياسة والعلم.
 
ثم توصلنا إلى نفس الطريق الذي سلكه آباؤنا واجدادنا الأحرار في مقارعة ذلك المشروع ويتضمن استنهاض الذات اليمنية الفاعلة والمبدعة والتي يصعب على الكهنة خداع اليمني حال استنهاض ذاته الحضارية المدهشة في كل تفاصيلها وفي كل مراحلها، وبالتالي لن يكون عكفيا يموت فداء لعدوه.
 
استنهاض الذات معناه العودة لمسح الغبار عن النقاط اليمنية المضيئة في التاريخ قديمه وحديثه.. وكان لابد في سبيل ذلك أن نعود إلى خط المسند بوصفه الرسم الحامل لأسرار تاريخنا المجيد في طوره الضارب بالقِدم، وكذلك فعل الهمداني ونشوان والأقيال العظماء وصولا إلى مطهر بن علي الإرياني (راهب المسند)، وبودي لو يعتمد تاريخ رحيل الإرياني يوما سنويا للمسند بدءا من العام القادم.
 
لقد كان المثقف العادي أيام لسان اليمن الهمداني قبل ١١ قرنا، يقرأ المسند بسهولة كإحدى متطلبات الثقافة مثلما يجيد مثقف اليوم اللغة الفصحى لغة وكتابة.
 
المهم أننا حرصنا أثناء تصميم شعار مركز نشوان أن يكون بحروف المسند، وقام المصمم مشكورا بإعداد شعار جميل مع حروف المسند ولكن بخطأ فادح. 
 
وظل الشعار كما هو لأكثر من عشر سنوات حتى انتبه الباحث المتخصص توفيق السامعي وقال إن لفظ نشوان في الشعار، مكتوب من اليسار لليمين بينما المسند يكتب من اليمين لليسار.
 
قمنا باستدارك الخطأ وقام الأستاذ عبدالله إسماعيل  مشكورا بتنفيذ التعديل وكان يحضر حينها لبرنامجه التاريخي الفكري "بالمسند".
 
الشاهد أن حاجتنا ليوم المسند كبيرة بما في ذلك المهتمين بالتاريخ والقصة أعلاه دليل كافٍ.. والحقيقة أنني بعد زيارتي الأخيرة لمعبد أوام في مأرب قبل نحو شهر أيقنت أن التاريخ اليمني لايزال أغلبه مطمورا في الرمال وأن الحاجة ستكون كبيرة في المستقبل القريب لمئات المتخصصين في المسند.
 
أخيرا: ها أنا أحتفل بيوم المسند رغم أنني لا أظن أحداً يحب الحرف العربي مثلي.. ثنائية ليس فيها تعارض بل تناغم لا يدركه إلا القليل. خصوصا وأن كل عربي هو يمني بالضرورة كما أن الرسم العربي الحالي هو ايضا ابتكار يمني حقوقه محفوظة للسبئيين الذين هاجروا إلى شمال الجزيرة.
 
نحتفل اليوم بيوم المسند تماما مثلما احتفلنا قبل شهر بيوم الوعل اليمني كرمزية تاريخية ونحن الموحدون لله الواحد الأحد والمتصدرون لمواجهة الوثنية الجديدة المسماة آل البيت، ولقد هالتنا الزوبعة التي حاولت إيجاد خصومة بين التاريخ والدين.. زوبعة أثارها سلاليون وتصدر واجهتها بعض الطيبين الذين صدقوا أن حراك الأقيال لديه إشكال مع الدين!!
 
التهمة تقود إلى الضحك والأسف في آن، إذ هذا الحراك يكاد يكون أكبر عملية إحياء يمنية وتجديد للدين الاسلامي الحق، مثلما هو أوسع وأعمق حركة إحياء بعث وطني للخروج من مربع التعاسة والموت إلى فضاء الحياة التي تليق بهذا الشعب العظيم.