"طوارئ أممية ناجحة" في اليمن: إعادة تصدير الحوثيين!

  • الساحل الغربي ، كتب / أمين الوائلي :
  • 12:38 2022/02/07

منحت تحركات غربية وأممية بصورة خاصة، وعلى صفة الطوارئ في توقيتها الخاص والحساس، مليشيات الحوثي المحاصرة بالهزائم والجرائم والانتهكات والاعتداءات والهجمات الإرهابية العابرة للحدود فسحة للاستعراض ومساحة لالتقاط الأنفاس ومنصة مجانية للعودة من بعيد واستعادة كرسي اللص المفروض على الواجهة بمساعدات ثمينة من رعاة وعرابين دوليين.
 
التحركات الأخيرة التي يديرها بصورة خاصة، المنسق الإنساني للأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي، وبعثة الأمم المتحدة في الحديدة (أُنمها) ورئيسها الجديد اللواء الإيرلندي مايكل بيري، علاوة على تحركات رديفة أروبية وأميركية، وفرت بصورة حثيثة خدمات طوارئ استثنائية ناجحة للمليشيا، وخلال أيام متتابعة - تزامنت وتقاطعت مع اشتداد التنديد الدولي والإقليمي والمحلي بجرائم وإرهاب المليشيات التابعة لإيران وتصاعد الضغوط والتحركات لمعاقبة قياداتها وإعادت تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، زيادة على أنها رافقت وأعقبت الانتكاسات العسكرية الكبيرة للحوثيين.
 
خفض الضغوط لا التصعيد
 
بدون مقدمات أخرى نشطت فجأة دبلوماسية الرعاة الدوليين والأمميين بآليات متزامنة ومتكاملة، فكانت جولة المبعوثين الأميركي والأممي، وأعلن تزامنا عن تسلم رئيس بعثة أنمها الرابع والجديد مسؤولياته رسميا، وزيارة سفراء ومسؤولون أوروبيون تباعا إلى عدن على رأسهم السفير البريطاني، وجميع هؤلاء مارسوا رسالة الضغط لخفض التصعيد، وفي الحقيقة يعني هذا خفض مستوى وشدة الضغوط التي راحت تحاصر المليشيات عسكريا وسياسيا وإعلاميا.
 
المنسق والبعثة
 
إلا أن الدور الذي يمهد له ويراكمه مسؤولون أمميون على رأسهم الممثل الأول/ المنسق الأممي الإنساني من جهة، وبعثة أنمها ورئيسها من جهة ثانية، يأخذ بعدا أكثر فاعلية واندماجا مع أهداف استعادة الحوثيين إلى كرسي الفاعل المتعافي من الإدانات والهزائم والجرائم والتهديدات الخطيرة للأمن والاستقرار في المنطقة وللملاحة البحرية.
للسنة الرابعة فإن الأمم المتحدة تستهل عاما جديدا من لعبة هدر الوقت وقتل الفراغ بخطابات وعناوين مطاطة لا تؤدي إلى نتيجة؛ سواء فيما يتعلق بالناقلة صافر من جهة، ومن جهة ثانية تجاه مدينة وموانئ الحديدة واتفاق ستوكهولم المعطل تماما وعسكرة الموانئ وأعمال القرصنة، ناهيك عن الإدانات التي وثقها تقرير فريق الخبراء الدوليين لدى مجلس الأمن للحوثيين بتقويض ومنع بعثة دعم اتفاق الحديدة من ولايتها كاملة ورفض إعادة الانتشار من الموانئ واستغلال الاتفاق لحماية أهداف عسكرية بالغة الأهمية.
 
"التفريغ".. الكلام الفارغ!
 
مؤخرا ، في بيان منفصل يوم السبت وأعيد الكلام خلال لقاء مع الوزير بن مبارك يوم الأحد، يتحدث غريسلي عن اتفاق غامض لما أسماه تفريغ الناقلة صافر، ومن دون أي تفاصيل ومعطيات فنية ومهنية وقانونية. يحاول المسؤول الأممي إعطاء إفادات ترويجية وتجميلية للقبح الحوثي الذي يعيق ويمنع صيانة الناقلة للسنة الرابعة. ويتحدث الأمميون في مطلع العام الرابع حول تجاوب وتفهم؛ من قبل ، الانقلابيين المدانين بالإرهاب والقرصنة والتهريب وسرقة المساعدات والإغاثات وبالسوق السوداء للمشتقات، أو من باتت الأمم المتحدة مؤخرا تطلق عليهم "سلطة صنعاء" ، في مقابل "سلطة عدن" أو الحكومة الأخرى!
 
 
لا يتحدث الأمميون حول كافة الاتفاقات والتفاهمات المتلاحقة بشأن صافر، والمعطلة حوثيا. فقط يروج غريسلي لصيغة غير مفهومة ولا ضمانات من اي نوع قد يعزز بها الخدمات التجميلية لمليشيات انقلابية تستأثر بخدمات ومساعدات أممية وغربية تحضر كلما ضاق خناق حول رقبة وحجة وسيطرة الحوثيين.
 
مسرحية ثانية!
 
في الجهة الأخرى هناك بعثة أنمها ورئيسها الجديد، وقد منح هذا الآخر المليشيات مساحة للنفاذ من الحصار الذي لاحقها تجاه عسكرة الموانئ والقرصنة والإعتداءات البحرية وتعطيل ستوكهولم وسرقة الإيرادات وتهريب الأسلحة واتهامات فريق الخبراء الموثقة لدى مجلس الأمن.
وبزيارة تشييعية واحدة لرصيف ميناء الحديدة رفقة القيادات والمشرفين الحوثيين وقبض أيديهم، صدّر بيري لمصلحة الحوثيين عناوين مخادعة؛ من قبيل التأكيد عى حيادية ومدنية الميناء، وتدفق المساعدات، ونزع الألأغام.
وتاليا كانت المليشيات بجرأة منقطعة النظير وبحماسة من تلقى دعما معنويا ومساعدات أممية وغربية جزيلة يتحدثون بدون أي حياء أو تلعثم عن مطالبتهم للبعثة بإدانة الجانب الحكومي والطرف الآخر الذي يرفض تنفيذ إعادة الانتشار (..) فيما أن الحوثيين نفذوا جانبهم من الاتفاق وإعادة الانتشار مبكرا جدا (..)، كما أوردت لفريقهم مع بيري وسائلهم. الأمر الذي يعيد للأذهان مسرحية فاشلة في الميناء بواكير عهد ستوكهولم واليعثة والفضيحة الكبيرة التي قيدت باسمها.
 
هذه وغيرها محطات لافتة ومتتابعة تتوافق على منح الحوثيين واجهة ومنصة لإعادة تصديرهم كطرف رئيس وشريك موثوق للأمم المتحدة والعواصم الغربية، عندما حوصرت المليشيات من كل اتجاه بالإدانات والانتكاسات والاعتداءات والتنديد والهزائم.
 
"دبلوماسية مهادنة"
 
ومن اللازم الإشارة إلى أن طبيعة التعطي الفاتر والأداء المتراخي للدبلوماسية والسياسة الحكومية يمنح الآخرين كل هذه المساحات الفارغة للعمل واللعب والاختراقات العميقة. 
 
يكفيك أن الشرعية وحكومتها غير قادرة على تمرير طلب واحد وبسيط للغاية مثل نقل بعثة الحديدة لمكان محايد بدلا من استئثار الحوثي بها للعام الرابع، وقال خبراء مجلس الأمن إن الحوثيين يقيدون تحركات البعثة والمراقبين. لكن هذا كله لا يساوي شيئا في مقابل إلحاح البعثة والأمم المتحدة ومسؤوليها على فرض خيارات الحوثيين والعمل لخدمة ومساعدة المليشيات وإعادة تصديرها وتبييض صحائفها مرارا وتكراراً.
 
 

ذات صلة