عبدالله.. بائع فحم خرج لتأمين قوت أسرته فأعاده لغم حوثي إلى منزله مبتور القدمين – (قصة إنسانية)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/06/09

خاص - منبر المقاومة، فيصل الشارحي:عندما أنتهى عبدالله سالم من تجهيز عدد من شوالات الفحم في قريته الريفية الواقعة شمال شرق المخا والتي تسمى الجمعة، كان سعيدا بذلك، إذ قضى الفترة الصباحية من نهار ذلك اليوم في تجميع كمية من الحطب ليصنع بها فحما كمهنته يومية يكسب منها قوت أسرته.
 
كان الوقت قرب الظهيرة، حينما أحصى 30 كيسا من الفحم، أنه يوما يدعو للفرح، إذ لم يسبق له، أن جمع كمية مشابة لذلك اليوم طوال فترة عمله في تلك المهنة والتي تمتد لنحو 20 عاما.مصدر فرحة ذلك الرجل هو إن شهر رمضان على وشك ان يحل ، وهاهو ذا يستعد له بالأرباح الذي سيجنيها من بيع تلك الكمية.كان ذلك عام 2018 عندما ملأ سيارته بأكياس الفحم، على أمل ان يذهب لبيعها في مقاصف ومطاعم المخا.فمواقدها النهمة على الفحم، تزداد خلال الشهر الفضيل، وأسعار بيع هءا النوع من الوقود، يرتفع قليلا فيوفر ربحا جيدا للعاملين في تلك المهنة.أما عندما يعود، فأنه سيكون قد جلب لعائلته أغلب ما تحتاجه من المواد الغذائية خلال شهر الصوم، تلك هي أمنية عبدالله البالغ من العمر نحو 45 عاما والذي يعول أسرة مكونة من 8 أفراد.أدار محرك السيارة بيده اليمنى، فيما كانت يده اليسرى تقبض بقوه على المقود كنوع من الاعتزاز بما قام به، ثم بدأ بإحتياز بضعة أمتار، لقد كان منتشيا وهو يحدث أبنه سالم و الذي يرافقه رحلة الموت، عما يخطط له.لكن شيئا ما قطع حبل أفكاره، إذ سمع إنفجارا ضخما شل أجزاء من مقدمة سيارته، فيما بدأت الدماء تتدفق من قدميه، أما أبنه فقد كان فاقدا للوعي، أنهما في وضع يسبق لحظة الإقتراب من الموت.سمع الأهالي صوت الإنفجار وقدموا على متن دراجتهم النارية ليصلوا على مشهد مأساوي، عبدالله وسالم يغرقان في دمائهما.لم يكن أحد ممن حضر الواقعة الأليمة قادرا على تحمل مشاهد الحادثة المروعة، غير أن بعض الشباب تمالكوا أنفسهم وسحبوهما وهما فاقدا للوعي.حمل الأب وأبنه على متن دراجتين ناريتين واسعفا إلى مستشفى المخا، ومن ثم إلى عدن، وطيلة أشهر عدة ظل الأب يتلقي الرعاية الصحية مما جرى له حيث بترت قدماه من منتصفيهما، أما أبنه سالم فقط أصيب بشضايا في البطن، إذ أن الإنفجار حدث في الجهة التي كان يجلس فيها عبدالله. اليوم يجوب ذلك الرجل، مدينة المخا، على كرسي متحرك بحثا عمن يجود له بما أعطاه الله، كي ينفقها على أسرته بعد أن أصبح معاقا، وعاجزا عن العمل.بدأ عبدالله حديثه لمنبر المقاومة بحسرة، وهو يتذكر فصول الواقعة الأليمة،قائلا، لم يحدث في حياتي أن مددت يدي لأحد، كنت اعمل في بيع الفحم مع مردودها القليل وكنت سعيد بذلك، أما اليوم فاني اكسب قوت أبنائي من عطايا الناس، وتلك مذمة لا اتحملها.يضيف بحزن، كان مشهد مروعا وكنا على مشارف الهلاك لولا أن قام الأهالي بانقاذنا، لكني أفضل الموت على ما أنا عليه الآن، فمن كان يسير على قدمين لا يقبل ان يبقى حبيس كرسي متحرك.أما منطقته الريفية، فيقول أنها ماتزال محاطة بالألغام، إذ يندر رؤية منطقة انسحبت منها مليشيات الحوثي دون ان تغرقها بالمئات من أدوات الموت.
 

ذات صلة