خاص - منبر المقاومة - عبدالصمد القاضي الكثير من ضحايا جرائم مليشيات الحوثي سقطوا وسط مدينة تعز وجميعهم قتلوا بالقصف والقنص والألغام الحوثي ، رحلوا الى باريهم لتظل أرواحهم وذكراهم لعنة تلاحق وحشية الإجرام الحوثي بحق المدنين العزل من النساء والأطفال.
الطفلة نورهان مراد حميد لم تكمل العاشرة من عمرها لتخطف روحها رصاصة سلاح حوثي متوسط نوع 12/7 في يوم رمضاني ملون بدماء الطفولة. تركت نورهان ورائها حملا ثقيلا يقف على كاهل اخوانها الصغار ووالديها الذين سكن الحزن قلوبهم وسرق أفراحهم مع اختفاء ابنتهم عن الحياة. نورهان وقفت لدقائق أمام مخبز خيري لتأخذ نصيبا من الرغيف ليفطروا به أفراد أسرتها المكونة من ستة أشخاص، لكن رصاصة حوثية غادرة اخترقت عنقها لتسقط مرمية أرضاً غارقة وسط دمائها. والدها مراد حميد السامعي يروي لـ "منبر المقاومة" تفاصيل مجزرة المليشيات الحوثية التى ارتكبتها بحق طفلته الأولى وضوء منزله الاول، يقول والدموع تملأ عينيه: في عصر يوم رمضاني خرجت طفلتي لتجلب لنا رغيف الخبز من المخبز لخيري بحارتنا الكائن بجولة سنان وسط المدينة وهي تنتظر حصتنا من الخبز أطلقت المليشيات الحوثية المتمركزة بجبل وعش رصاصة معدل من نوع 12/7 إلى التجمع البشري الكثيف أمام المخبز، في استهداف مباشر للمدنين حيث أصابت الرصاصة العماره القريبة منهم لترجع بشكل متوحش وتخترق عنق نورهان، تخضب جسدها بالدماء الزكية، تبعثر كل المحتشدين هناك إلا قليلا منهم ظلوا بالمكان محاولين اسعافها، وبكل حزن يواصل القول: نعم اسعفوها لكن الموت كان أقرب من حبل الوريد. حين وصل خبر اصابتها الى سمعي كانت أقوى من رصاصة وأعظم من جرح على جسد، اخذتني الفجيعة بلا جسد وصلت روحي الى المستشفى قبل جسدي، حين رأيت ذلك المسعف وكان لون ملابسه أحمر غارق بدم ابنتي حينها ارتميت في الأرض ولم استطع الوقوف على قدمي، واصلت الطريق زحفاً على ركبي حتي وصلت إلى قسم الطوارئ ابحث عن امل مفقود، حين رأيتها في غرفة العناية وعليها غطاء اخضر يغطيها بشكل كامل اشتد وجهي وأصبت بجلطة سيطرت على وجهي ومازلت أعاني منها حتى الآن، اتضح لنا أن الرصاصة الحوثية اخترقت عنقها ومزقت أعضائه بالكامل لتعبر صدرها وتستقر في ابطها الأيمن كأنها تبحث عن مكان آمن تختبئ فيه خجلاً من بشاعة المجزرة. لأم نورهان نصيب من الصدمة النفسية لن تنساها حين أقبلت تسال عن نورهان فرد عليها دكتور الطورى بطلب الذهاب إلى ثلاجة الموتى تبحث عن رقم 7 ذلك الرقم الخاص مكان طفلتها. اخوانها الصغار مازالوا يبحثون عنها يتساءلون بين بعضهم ويبادرون بسؤال والدهم: الى أين ذهبت نورهان؟ بذلك التساؤل يعيدون كل مراسيم الفاجعة وأنين الفراق ليسيطر على كل أفراد الأسرة. يقول والدها: كيف أنساها وانسى ضيائها المفقود في منزلي؟ صورها في مخيلتي وكل جدران المنزل، تسال اخوانها بشغفها للحياة ومرحها، صوتها الرنان، هي فرحتي الأولى وأسفي الابدي، ما زلت انتظر عودتها في كل مساء وكل موعد افطار. اضحى سكنها في قطعة أرض صغيرة مصدر نور أول الأوطان واخر المنافي، ازورها في كل وقت وحين، لم استوعب مقتلها لكني على يقين أنها تسكن ذلك المكان بعيداً عن ضجيج الحياة. والدتها هي الأخرى تحمل بقلبها ألم الفراق وقد ألقت باللوم على نفسها لأنها أمرتها أن تذهب لجلب الرغيف ولم تعد كأنها ذهبت بها للموت مشياً على الأقدام لتعود إلى المنزل محمولة على الأكتاف، بنزيف قلب أم ثكلى تقول: دفعنا ثمن كسرة خبز روح نورهان. الكثير من سكان المدينة يدفعون ارواحهم ثمن قوت يومهم، منهم من لقى حتفه بقذيفة ملشياوية حوثية أطلقتها على تجمع بشري في الأسواق العامة أو أمام طوابير الإغاثة ومراكز المياة، العديد من المجازر ارتكبتها المليشيات بحق المدنين وهم يبحثون عن كسرة خبز وشربه ماء أو قليلاً من الدواء. نورهان وأسرتها وغيرهم أجبرهم واقع الحرب الحوثية الأعتماد على المساعدات الإنسانية بشكل كبير ودفع الكثير منهم أرواحهم في طوابير الإنتظار.