أكتوبر.. العزة والكرامة والتضامن العربي، اليمن ودورها العظيم

02:02 2021/10/11

هناك أحداث فارقة يتوقف عندها التاريخ، وتأتى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 في مقدمة هذه الأحداث في التاريخ الحديث، لأنها أحدثت انقلابا جذريا في معادلة الصراع "العربي – الإسرائيلي"، والاستراتيجيات العسكرية التي عرفها العالم.
 
ونحتفل هذه الأيام بالذكرى الثامنة والأربعين لهذا النصر العظيم العنوان الأبرز لتلك الحرب والانتصار فيها هو "التضامن العربي".. حربا أرادها الشعب العربي وفرضتها الجماهير التي ظلت من عام 1967 حتى عام 1973 تطالب في الشوارع والجامعات بتحرير الأراضي المحتلة، وأرادتها القيادات العسكرية دفاعا عن الكرامة الوطنية وشرف العسكرية العربية.
 
ولأن هذه الحرب ليست حربًا لمصر وسوريا وحدهما، ولكنها حرب العرب جميعا، ففي مواجهة الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل وتلكؤ الاتحاد السوفيتي في مساعدة سوريا ومصر عسكريا. كان لا بد من حشد كافة طاقات الدول العربية سياسيا واقتصاديا وعسكريا خلف جبهات القتال مع العدو الاسرائيلى. وهو الأمر الذي يؤكده واقع التاريخ والمصير المشترك.
 
كانت الدول العربية على قلب رجل واحد، وكان لبلدى اليمن الشرف فى المشاركة فى هذا الدعم العربى فى هذه الحرب، حيث قامت اليمن بمساعدة القوات البحرية المصرية لتنفيذ المعاونة لباقي أفرع القوات المسلحة.. وذلك بغلق مضيق باب المندب وباشرت حق الزيارة والتفتيش واعتراض السفن التجارية ومنعها من الوصول إلى ميناء إيلات الإسرائيلي، مما أفقد الميناء قيمته وتم تعطيله عن العمل تمامًا، ومن ثم حرمان إسرائيل من جميع إمداداتها عن طريق البحر الأحمر..
 
ذلك عندما تحرك الفريق فؤاد ذكري قائد القوات البحرية فى حرب أكتوبر بثلاث قطع بحرية مصرية إلى مضيق باب المندب، في سرية تامة، عند نقط تسمح لها بمتابعة حركة جميع السفن العابرة في البحر الأحمر راداريا وتفتيشها، ولم تجرؤ سفينة عسكرية إسرائيلية واحدة على عبور مضيق باب المندب طوال الحصار.
 
كانت تلك الحرب شاهدة على روح التضامن العربي حين أقدمت الدول العربية على مساعدة مصر وسوريا فى حربها بتلك الأيام التي حملت تضحيات وبذل دماء ومواقف مشرفة ستبقى مرسومة بحروف من نور فى تاريخ الأمة العربية.
 
ولقد كان بين صفوف المحاربين جنود من مختلف الدول العربية، جنود حقيقيون دافعوا عن الأرض العربية، ويجهل الكثير من العرب، بل من أبناء الشعب اليمني أيضاً قصة الطيار اليمني الشاب الذي شارك متطوعاً في الحرب ضد "إسرائيل". 
 
إنه الملازم أول طيار عمر غيلان الشرجبي الذي تطوع خلال حرب أكتوبر 1973 في سلاح الجو العربي "سوريا"، وخلّد السوريون اسمه ببناء نصب تذكاري له في أحد أكبر شوارع العاصمة السورية دمشق.
 
وقد قام الطيار اليمني في الحرب بالانقضاض على إحدى طائرات الفانتوم وتحطيمها وضربه لمواقع التموين الإسرائيلي وتدميرها بالكامل في طبريا جنوب جبل الشيخ، ومات على إثرها.
 
وحينها أصدر رئيس الجمهورية العربية السورية السابق والقائد العام للجيش والقوات المسلحة السورية حافظ الأسد قراراً بمنحه وسام الشجاعة من الدرجة الأولى.
 
ولعل أهم نتائج حرب أكتوبر على المستوى السياسي أنها أعادت للشعوب العربية ثقتها في نفسها، ومثلت صحوة عربية وصفعة للصهيونية، وأحيت الأمل في عصر عربي جديد تتحد فيه كلمتهم ضد إسرائيل ليستمر تلاحمهم الذي ظهر في الحرب.
 
إن القوات المصرية بالمساندة العربية، سطرت ملحمة عربية تاريخية في حرب أكتوبر ضد الكيان الصهيوني، تلك الملحمة التي كانت وستبقى نقطة فارقة ومشرفة في تاريخ الصراع العربي مع المحتل.
 
أن تاريخنا العربى المشترك ممتد بيننا وبين الشقيقة مصر.. منذ مساندة اليمن في ثورة 26 سبتمبر والتي قضت على حكم الإمامة شمالي البلاد.. وتمتد المواقف المصرية الداعمة للحكومة اليمنية والشعب اليمني قديماً وحديثاً في معركته ضد جماعة الحوثيين الإرهابية، نترحم على رجل الحرب والسلام الرئيس المصرى الراحل أنور السادات، وعلى كل شهدائنا الأبرار.
 
ونتقدم بالتهانى للشعب المصري العظيم ولقيادته الحكيمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ستبقى حرب أكتوبر المجيدة واحدة من الذكريات المضيئة والخالدة فى التاريخ، وفى ذاكرة كل مصري وعربي كنموذج للفخر والعزة والكرامة.