شعيرة الحج في اليمن قبل الإسلام

02:00 2021/07/25

الحج إحدى الشعائر الدينية المقدسة لدى اليمنيين القدامى التي تتم في وقت محدد من السنة وأماكن محددة أيضا، لا يجوز مخالفتهما، كما لا يجوز مخالفة أي شعيرة من شعائر الحج، ومن خالف فإنه يُعاقب بعقاب وفقا لما ارتكب من المخالفة أو الجرم. وجاء ذكر الحج في نصوص المسند، بصيغة: "ح ج ت". انظر: انظر المعجم السبئي، بيستون، أ. ف، وآخرون، منشورات جامعة صنعاء، ودار نشر بيترز، لبنان، بيروت، 1982م، 66.
 
وهناك شهر من شهور التقويم السبئي اسمه "ذو حجتن" هو الشهر الذي يتم فيه الحج على الأرجح للمعبود "إل مقه" بمارب في معبد أوام بالنسبة للسبئيين، وعند القتبانيين فإله الحج "آنباي". ولفظة "آنباي" تستخدم اليوم في تهامة في إطار الرد على خبر مدهش أو مستغرب، وربما كانت بمثابة: يا إلهي.! التي يرددها الغربيون في ذات الدلالة.
 
 وأشار الهمداني إلى الحج الذي يقام سنويا للإله "تالب ريام" في رأس جبل "أتوه" من همدان. وذكر نصٌ مسندي "إرياني" الحج في حضرموت نهاية القرن الثالث، أو بداية القرن الرابع الميلادي في عهد الملك الحميري شمر يهرعش، ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت؛ حيث يشير النقش إلى الحج الذي كان يُقام للإله سين في شبوة. وهو يشير إلى أن الملك شمر يهرعش، ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت قد أوفد "مقتويا" للذهاب إلى مدينة شبوة، وتقديم القرابين إلى الإله "سين" في موسم الحج الذي كان كان يُقام في معبده "أليم". ومع نهاية القرن الرابع الميلادي ــ والتي هي فترة دخول الديانة التوحيدية ــ كانت النقوش التي عثر عليها في مدينة شبوة تشير إلى إقامة الحج على شرف الإله الرحمن، ويوضح ذلك انتهاء عبادة الإله "سين" في مدينة شبوة مع نهاية القرن الرابع الميلادي. انظر: الإله سين في ديانة حضرموت القديمة، دراسة من خلال النقوش والآثار، جمال محمد ناصر عوض الحسني، رسالة ماجستير، جامعة عدن، 2006م، 136.
 
 وإلى هذه الآلهة جميعا تُقدم القرابينُ في أيام محدودة من السّنة، وفقا للأوامر المقدسة، وفيها يتم الذبح وتقديم الولائم، وكان يقدمها ضيوف الحج "ضيوف رحمان" ونفقاتها من العشر الذي يقدمونه من التجارة، وخاصة من تجارة البخور التي كانت قافلتها تمر قريبا من المعبد، ولا تعبر إلا بعد أن تدفع العشر له. كما يقيم الملوك المكاربة أيضا الولائم على نفقاتهم، وتحت إشرافهم، ويتوارثونها جيلا بعد جيل، وتُعتبر الولائم أو المآدب الدينية التي يتم إقامتها من أهم شعائر طقس الحج في ديانة اليمن القديم؛ حيث يعتبرونها إلى جانب كونها شعيرة دينية، فهي أيضا تظاهرة سياسية تشير إلى اتحاد جميع القبائل تحت الملك الواحد. انظر: الإله عم وآلهة قتبان 700ق. م، ــ 170م، جمال محمد ناصر عوض الحسني، أطروحة دكتوراه، جامعة طنطا، 2012م، 325.
 
تعاليم الحج
 
وقد أعد كهنة المعبد ورجال الدين قائمة بالتعاليم الدينية المقدسة التي يجب على الجميع الالتزام بها أثناء الحج، وعدم مخالفة أي منها، ومن خالف أي شعيرة تلزمه الكفارة. وهذه التعاليم: 
1ـ وجوب الطهارة البدنية وطهارة الملبس عند دخول المعبد
2ـ تحريم المعاشرة الجنسية غير المشروعة
3ـ تحريم الجماع في زمن الحيض والنفاس
4ـ وجوب الاغتسال بعد الحدث الأكبر
5ـ نجاسة الثياب التي دُنست بالمني
6ـ تحريم الجماع في أيام الحج
7ـ وجوب الطهارة عند ملامسة المياه المقدسة المخصصة للمعبودات
8ـ وجوب الطهارة عند ملامسة المياه المقدسة المخصصة للمعبودات
9ـ وجوب الطهارة عند تجاوز أو عبور حرم المعبود
10ـ وجوب طهارة الملبس
11ـ لا يجوز مخالفة أوامر المعبود
12ـ لا يجوز أكل ما يصدر رائحة كريهة كالبصل والثوم عند دخول المعبد.
13ـ لا يجوز النزاع داخل المعبد، لأنه يتسبب في غضب المعبود
14ـ لا يحق للكاهن رفض طلب إنسان للوساطة بينه وبين المعبود
انظر: التشريعات في جنوب غرب الجزيرة العربية حتى نهاية دولة حمير، د. نورة بنت عبدالله بن علي النعيم، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 2000م، 178 فما بعدها.