عن إرث البردوني: "القعود" ومحاولات ذر الرماد!

10:30 2021/03/09

في الكتاب الصادر مؤخراً تحت أكثر من عنوان "تبرج الخفايا _ تذكرات" عن مقهى ومكتبة "وسم" تركيا اسطنبول.. ضم الكتاب 44 حلقة نشرها الشاعر العبقري/ عبدالله البردوني في صحيفة 26 سبتمبر بدءاً من 10 / 10 / 1996 م وحتى 26 / 8 / 1999 م، وتعد هذه السلسلة من الكتابات
التذكرات كما جاء في عنوان الكتاب، من آخر الأعمال والذكريات التي كتبها الشاعر/ البردوني الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في زمانه. 
 
وجمع هذه "التذكرات" بين دفتي كتاب يسهم إلى حد بعيد في كشف خبايا حياة الشاعر وحياة معاصريه كما سيجد القارئ في ثناياه تعليقات للشاعر على زمنه وأشخاصه وحوادثه، كما تظهر في مواضع متفرقة منه لفتات وذكاء وسخرية وملاحظات تدل على نباهة الشاعر وسرعة بديهته. 
 
هذه سيرة ذاتية مختصرة للكتاب، أي أن قيمته المعرفية تكمن في توثيق واختيار الحلقات، ال 44 حلقة، عن حياة الشاعر وذكرياته وهي في إطار المتاح، وكل الذي قام به الصديق الشاعر/ محمد القعود اختيار وجمع هذه الحلقات وإخراجها للمتلقي في هيئة كتاب جديد للبردوني.. 
 
وعلى ما في هذا الجهد من عناء ومشقة إلا أنه جهد مسبوق، وهناك من سبق القعود إلى جمع هذه الحلقات ونشرها في كتاب وهو الدكتور/ حيدر غيلان، وأتذكر حينها أن القعود صعد الموقف والتجأ إلى وزارة الثقافة لمنع صدوره وانتشاره وأقام الدنيا حينذاك ولم يأذن لها القعود بالقعود.. 
 
ولكن السؤال الذي يضع نفسه هنا والآن ما الذي يريد القعود قوله وفعله من خلال هذه المختارات سواء النثرية كما في هذا الكتاب أو الشعرية كما سنراها في الكتاب الآخر "الطواف" الصادر عن مقهى ومكتبة "وسم" كذلك؟ 
 
هل يعد هذا ذراً للرماد في عيون المتلقين ومحاولة عابثة لإسكات الأصوات المنادية والمطالبة باستعادة إرث البردوني الضائع، وضرورة التمكين من طباعته وإخراجه للنور باعتباره حقا متاحا للجميع، ومن غير المعقول فرض الوصاية عليه وتحوير دلالته وسياقاته حسب ما يرتضيه مزاج القراصنة والأوصياء..؟
 
وهل معنى ذلك أن هناك توجها سياسيا متدينا يقف وراء طباعة هذه المختارات، وهو من يملي هذا النوع من الوصاية اللا أخلاقية في حق شاعر متسع بوفرة البردوني؟ 
 
ثم ماذا عن مصير إرث البردوني الضائع والذي لم يسبق له النشر على واجهات الصحف والملاحق الثقافية ولا على هيئة كتاب مقروء، وهل سيكون مصير هذه الكتب الضائعة حتى كتابة هذه السطور على هذا النحو من العناية والاحتفاء؟ 
 
أتمنى أن يكون الوضع كذلك....
 
.. اقرأ للكاتب :