انتفاضة 2 ديسمبر

08:10 2020/12/02

يقال: الحياة موقف، والموقف لحظة لا تتكرر. أظن هذا ينطبق على انتفاضة 2 ديسمبر 2017م وقيادة الشرعية التي تخاذلت في اقتناص الفرصة التاريخية المناسبة. 
 
أكاد أجزم أن خطاب الزعيم التاريخي في 2 ديسمبر 2017م قد سهّل للشرعية نصف الحل، ولم يبق إلا النصف الآخر الذي كان على الشرعية استدراك النصف الآخر والزحف على صنعاء من كل اتجاه في الوقت الذي كان الشعب قد ثار من الداخل، وبدأ يتفجر حممًا بركانية غاضبة ضد مليشيات الحوثي الإرهابية الظلامية التي أصيبت بالذعر والهلع من خطاب الزعيم الذي غير المعادلة عليهم شعبيا، إلى حد أن هذه المليشيات صارت تتخفى وتتنكر في المدن والأرياف، وبعض عناصرها غادرت مدينة صنعاء باتجاه صعدة. 
 
خمسون ساعة أعقبت الخطاب التاريخي للزعيم كان بوسع الشرعية أن تنجز مهمتها التاريخية غير أنها لم تكن على مستوى المهمة، الأمر الذي أتاح الفرصة للضباع العرجاء أن تستجمع قواها وتهاجم منزل الزعيم علي عبدالله صالح، ثم تلاحقه وتقضي عليه بتلك الصورة الغادرة، مع رفيقه أمين عام المؤتمر عارف عوض الزوكا، وأيضا تحاصر قيادة المؤتمر الشعبي العام، ومن ثم تعيد ترتيب صفوفها من جديد. 
 
وفي الواقع فإن المليشيات الحوثية لم تقض على الزعيم فحسب؛ بل قضت على ما تبقى من أمل لدى عامة الناس الذين كانوا يؤملون بعض الشيء على قيادة المؤتمر الشعبي العام ذات الرصيد السياسي والخبرة المتراكمة في إدارة الدولة؛ خلافا لجماعة الكهف الظلامية القادمة من الكهوف والتي لا تعرف شيئا عن إدارة الدولة أو في الشأن السياسي، ولا تتعاطى مع غيرها إلا بالعنف والقوة القاهرة. 
 
بعد انتفاضة ديسمبر زالت المنطقة الرمادية، وأعلن الحوثي ــ بلسان الحال ــ نفسه عدوا لليمن واليمنيين، فيما اليمنيون إلى اليوم لم يحسموا أمرهم تجاهه بسبب فساد قيادة الشرعية التي أصبحت تخدم الحوثي بصورة غير مباشرة من خلال تعاطيها بخفة متناهية مع القضية، وأصبحت عبارة عن عصابة من اللصوص والخونة وخاصة الدائرة المقربة من الرئيس هادي ونجله جلال الحاكم بأمره؛ أما رئيس الوزراء معين عبدالملك ذو الشخصية الضعيفة والهزيلة فلم يعد يمثل أكثر من موظف صغير، لدى تلك الحاشية التي تسهر ليلا وتنام نهارا، لتدير مصالحها الخاصة وتتقاسم المال والنفوذ لا أكثر، فيما الشعب لا يتذكرونه إلا في تصريحاتهم الإعلامية فقط. ولهذا تمدد الحوثي في الفراغ الذي تركته الشرعية. 
 
قد يبدو هذا الكلام قاسيا نوعا ما تجاه قيادتنا الشرعية، لكنها القسوة التي لا بد منها لعل وعسى يتذكروا أنهم مسؤولين على الشعب اليمني كله، وليس على أقاربهم ومناطقهم فقط، خاصة بعد أن أتخموا بملايين الدولارات على حساب الشعب اليمني الذي يعيش أسوأ لحظاته التاريخية، وقد ابتلي بانقلاب فاجر وشرعية رثة، يجمع بينهم اللصوصية والاختلاس.