02:00 2025/04/13
08:49 2025/03/05
02:21 2025/01/19
من العراق إلى اليمن وكلاء إيران في مهمة واحدة… تدمير الأمة
11:02 2025/05/07
لم يكن صعود الحوثيين في اليمن حدثاً عابراً أو نتيجة لحراك داخلي بحت، بل كان جزءاً من مشروع إقليمي متكامل وظفت فيه إيران أذرعها الطائفية لضرب استقرار الدول العربية من الداخل على غرار ما حدث في العراق، فمنذ نشأة حركة "أنصار الله- الحوثيين" في صعدة بدأت الملامح تتشكل: فكر خميني متشدد، وشعارات دينية تغلف أطماعاً سياسية وعلاقات متينة مع الحرس الثوري الإيراني الذي تكفل بتدريب عناصر الحركة وتمويلها وتسليحها في سياق طويل من التحضير والتمكين، استغل الحوثيون هشاشة الدولة اليمنية بعد احداث ما سمي بالربيع العربي، وتحولوا بسرعة من جماعة دينية محدودة النفوذ إلى ميليشيا عسكرية تغزو المحافظات وأسقطت العاصمة صنعاء في عام 2014، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وكما اقتنصت الميليشيات الشيعية في العراق لحظة الانهيار لتفرض سلطتها بقوة السلاح تحت مظلة "الحشد الشعبي" فعل الحوثي الأمر نفسه مستثمراً الفوضى لتقويض مؤسسات الدولة وفرض مشروع طائفي دخيل على الهوية اليمنية والعربية، ما فعله الحوثي في اليمن لا يختلف كثيراً عما فعله نظراؤه في العراق، كلاهما تبنّى خطاب "المظلومية" ورفع راية "المقاومة" وبينما كانت الأجندة الحقيقية تدمير الدولة من الداخل واستبدالها بسلطة تابعة لولاية الفقيه في طهران، كلاهما عمل على تفكيك الجيوش الوطنية وتحطيم النسيج الاجتماعي وزرع بذور الطائفية في مجتمعات كانت تنتمي لهويتها القومية والدينية الجامعة من بغداد إلى صنعاء اختطفت العواصم العربية تحت رايات مذهبية وغيبت الدولة تحت سطوة السلاح والدعاية الطائفية المضللة، في العراق بات الحشد الشعبي قوة موازية للدولة تتحكم في القرار الأمني والسياسي وتعمل لحساب طهران في ملفات إقليمية تتجاوز حدود العراق نفسه، وفي اليمن تحول الحوثي إلى ذراع إيرانية فاعلة لا يتردد في تهديد دول الخليج بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ويتباهى بإرسال رسائل مباشرة إلى الرياض وأبو ظبي وتل أبيب على حد سواء، وكأن اليمن صار منصة لإيران لتصفية حساباتها مع الجميع، النتائج الكارثية لهذه الهيمنة الميليشياوية لا تُخفى على أحد، اليمن اليوم يعيش كارثة إنسانية بشهادة الأمم المتحدة ملايين الجوعى مئات الآلاف من الضحايا، اقتصاد منهار، ونظام تعليمي وديني مشوه، الحوثي لم يقدم بديلاً مدنياً للدولة بل أسس نظاماً قمعياً يستخدم الدين كغطاء لفرض سلطته ويمنح طهران نفوذاً غير مسبوق في باب المندب والبحر الأحمر، مهدداً أمن المنطقة ومصالح العالم بأسره تماماً كما صار العراق ساحة نفوذ إيرانية تعبث بها طهران كما تشاء، تحول اليمن إلى جبهة مفتوحة لصواريخ الحوثي والطائرات المسيرة، والدعاية الطائفية، التماثل بين التجربتين في العراق واليمن ليس محض صدفة بل جزء من استراتيجية واضحة تتبعها طهران في بناء "هلالها الشيعي"، وهو ما عبر عنه قادتها مراراً وتكراراً في تصريحات رسمية، الفكرة بسيطة وخطيرة لا حاجة لحروب نظامية أو احتلال مباشر يكفي بناء مليشيات محلية موالية تخترق مؤسسات الدولة وتحولها إلى أدوات تابعة لمركز القرار في طهران وهنا تصبح الشعوب رهائن، وتُسحق الهويات الوطنية أمام مشروع فوقي توسعي المشهد واحد، والمخطط واحد، والنتائج تتكرر من دولة إلى أخرى، إيران لا تحتاج لاحتلال العواصم العربية بجيوش نظامية، فهي تفعل ذلك عبر وكلاء محليين يحملون السلاح بيد، ويحرفون الوعي باليد الأخرى، الحوثي والحشد الشعبي وغيرهما ليسوا سوى أدوات لمهمة واحدة تدمير الأمة من الداخل، وإضعافها أمام الأطماع الإقليمية والدولية، لقد تحولت بعض العواصم العربية إلى عواصم مستلبة الإرادة تُدار من خلف الحدود وتخدم أجندات غير وطنية ولا عربية، السؤال الذي يفرض نفسه اليوم بإلحاح إلى متى سيبقى العرب في موقع المتفرج؟ متى تتحول الإدانات إلى أفعال، والتحالفات إلى استراتيجيات ردع شاملة؟ المواجهة لم تعد خياراً، بل صارت واجباً وطنياً وقومياً لأن كل تأخير يعني سقوط عاصمة جديدة وتهديداً جديداً لأمن العالم العربي والعالمي.