بوابة الحديدة وجارة إب ومنفذ تعز وطريق عدن.. حسابات الجهة والجبهة: لماذا حيس؟
- الحديدة، الساحل الغربي، خاص:
- 11:59 2020/11/12
بانتظار موعد المضي قُدماً واستئناف وعد التحرير، في الميدان.. هناك القوات المشتركة.. وهناك حيس؛ المدينة والمديرية والجهة والجبهة.
في مطلع فبراير 2018 تم تحرير مدينة حيس؛ مركز مديرية حيس، وهي ثاني مدينة ومديرية بمحافظة الحديدة تُطرد منها المليشيات الحوثية الموالية لإيران، بعد مدينة الخوخة مدخل محافظة الحديدة وأولى مديرياتها الجنوبية على الساحل الغربي، قدوماً من باب المندب/ ذو باب فالمخا غربي محافظة تعز.
عامان من القتال
على مدى قرابة عامين تُحكِم القوات المشتركة المرابطة في جبهة حيس السَّيطرة على مواقعها المتقدمة وتأمين المدينة والسكان ومصالح المواطنين المتداخلة والمتشابكة مع المديريات الأخرى مثل التحيتا والخوخة والمخا، في وجه الهجمات وعمليات القصف والاعتداءات ومحاولات التسلل والاختراقات وعمليات القصف والاستهداف من قِبل المليشيات الحوثية.
تخوض القوات المشتركة في جبهة حيس؛ متمثلة بأبطال: اللواء السابع عمالقة بقيادة العميد علي الكُنيني، واللواء الحادي عشر عمالقة بقيادة العميد مصطفى دوبلة، ومشاركة وحدات من اللواء الثالث عشر عمالقة بقيادة صلاح آل خلف البكري، وبدعم وإسناد كبيرين من المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح- تخوض مواجهات عنيفة ومتواصلة مع المليشيات وتعزيزاتها المتدفقة باستمرار من مناطق ومحافظات مختلفة، باتجاه مركز حيس، عبر مفرقي حيس والعدين/الجراحي، في محاولات لم تتوقف أبداً لإحداث اختراقات والعودة إلى المناطق التي دُحرت منها.
خسرت المليشيا الحوثية أعداداً كبيرة من عناصرها ومسلحيها، وفقدت تِباعاً رؤوساً كبيرة وقيادات ميدانية ومشرفين، وتبخّرت الدفعات والتحشيدات المتلاحقة من التعزيزات البشرية والحربية المستقدَمة، تحت ضربات رجال المشتركة وأمام صلابة واستبسال أبطال السابع والحادي عشر عمالقة.
مثلاً: 24 ساعة!
كمثال واحد على النشاط المكثف الذي تشهده جبهة حيس، والتركيز الحوثي المتواصل باتجاه المدينة والمديرية، تعطي وقائع 24 ساعة (عشية ونهار الجمعة 24 سبتمبر /أيلول) صورة موجزة وتصوراً مكثَّفاً:
كسرت القوات المشتركة محاولتي تسلل للمليشيات الحوثية في قطاع مدينة حيس، وأوقعت في صفوفها قتلى وجرحى. وقال مصدر عسكري في حيس، إن وحدات القوات المشتركة المرابطة في الخطوط الأمامية من جهتي الشمال والشرق اشتبكت مع عناصر حوثية حاولت الاقتراب من مواقعها. جاء هذا غداة إحباط القوات المشتركة محاولة تسلل للحوثيين في ذات المديرية وكبدتهم خسائر فادحة.
احترق منزل مواطن، في منطقة دار ناجي بمديرية حيس، بنيران مليشيات الحوثي. وقال مصدر محلي في حيس، إن منزل المواطن (سليمان دوبله) الواقع في منطقة دار ناجي غرب حيس، احترق بنيران الأسلحة الرشاشة الحوثية بعد عمليات استهداف المليشيات للمنطقة.
أصيب طفل بجروح خطيرة، داخل منزله في مدينة حيس جنوب الحديدة، إثر استهداف مليشيات الحوثي على الأحياء السكنية في المدينة. وقال مصدر طبي في مستشفى الخوخة: إن الطفل عصام طالب محمد قاسم (8 سنوات) أصيب في الجهة اليسرى من الصدر برصاص الحوثيين في مدينة حيس، وحالته خطيرة جدًا. وتحدث أحد أقارب الطفل، بأنهم نازحون في مديرية حيس منذ ثلاث سنوات.
واصلت المليشيات الحوثية قصفها للأحياء السكنية في مركز مدينة حيس، وألحقت أضرارًا جسيمة بمنازل المواطنين. مصادر محلية في حيس قالت: إن المليشيات الحوثية قامت بقصف أحياء سكنية مأهولة بالسكان بقذائف الهاون الثقيلة عيار 120، وقذائف RBG، وفتحت نيران أسلحتها الرشاشة في الوقت نفسه. وأضافت المصادر إن قصف المليشيات سبب أضراراً جسيمة بعدد من منازل وممتلكات المواطنين بالإضافة إلى نفوق عدد من الحيوانات.
قصفت مليشيات الحوثي الأحياء السكنية في منطقة بيت مغاري التابعة لمديرية حيس. وأفاد مصدر محلي، أن الأحياء السكنية ومنازل المواطنين في منطقة بيت مغاري الواقعة شمال غرب حيس تعرضت لقصف مدفعي من عناصر مليشيات الحوثي. وأضاف، إن القصف كان بشكل هستيري وعشوائي وقد وتسبب بترويع الأهالي.
حسابات الجهة والجبهة: لماذا حيس؟
تركِّز وتوجِّه المليشيات الحوثية جزءاً كبيراً ومهماً من مجهودها العسكري والقتالي، بصورة خاصة باتجاه حيس، لأسباب واعتبارات عدة أعطت حيس أهمية مضاعفة من الناحيتين الجغرافية والعسكرية الاستراتيجية.
تشرف حيس على الخط الداخلي والطريق الرئيس الذي يربط بين تعز والحديدة ويمر بمفرق العدين الرابط مع إب.
وحيس هي البوابة الجنوبية للحديدة من جهة الداخل، إذا كانت الخوخة هي البوابة الساحلية. وحركة الخط الرئيس الواصل بين الحديدة وعدن يمر بحيس ومفرقها الحاكم.
وتتصل حيس جغرافياً وإدارياً بمديريتي التحيتا والخوخة الساحليتين جنوبي الحديدة.
كما أنها ترتبط وتتجاور، من جهتها الجنوبية والجنوبية الشرقية، مع مديريتي المخا الساحلية وموزع غربي تعز.
وتمثل حيس خط الإسناد والإمداد اللوجيستي الرئيس للقوات المشتركة وكتائب التحرير جهة الداخل والساحل.
تتواجد وتسيطر المليشيات الحوثية في جيوب ومناطق زراعية ومزارع وأراضٍ حوالي مدينة حيس، وتمارس من هناك عمليات القصف والاعتداءات اليومية ومحاولات التسلل والهجمات باستخدام تعزيزات وقوات مستقدمة باستمرار.
يوميات لاهبة
ومدينة حيس تُعتبر، للعوامل سالفة الذكر، الأكثر عرضة للمواجهة والاستهداف وتعاملاً مباشراً واشتباكاً مع يوميات التصعيد الحوثي على أكثر من اتجاه وعبر كافة محاور التماس وخطوط المواجهة المتقدمة.
وتمطر المليشيات بمختلف الأسلحة والقذائف الثقيلة والصاروخية أحياء ومساكن وأسواق وطرقات مدينة حيس بصفة عشوائية وبصورة شبه يومية، موقعة باستمرار ضحايا ومصابين في أوساط السكان والمدنيين، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالمنازل وبتجمعات النازحين.
تحتضن مدينة حيس أعداداً كبيرة من المواطنين والأهالي النازحين والفارين من قراهم الريفية بأرواحهم تحت التهديد والطرد والبطش الحوثي، حيث أخلت المليشيات الحوثية عشرات القرى من ساكنيها وهجَّرتهم وحولتها ومنازلهم إلى متاريس وخنادق ومواقع عسكرية.
زرعت وفخَّخت المليشيات القرى والمزارع والطرقات الداخلية في أرياف حيس والممرات المؤدية إلى المدينة بأعداد كبيرة من الألغام مختلفة الأحجام والأغراض وبالعبوات الناسفة المموهة والمعدلة، علاوة على المقذوفات المتفجّرة ومخلفات الموت الحوثية.
ولا يكاد يمر يوم واحد على حيس وأريافها ولا تسجل فيه جريمة جديدة في رصيد المليشيات بحق المدنيين من ضحايا الألغام والأجسام المتفجرة ومن بينها أدوات قاتلة زرعتها ونشرتها المليشيات على شكل ألعاب وقضى بها عدد من الأطفال وخلَّفت إصابات وإعاقات.
وفي الصّدد تدفع حيس من سكانها ومواطنيها ضحايا جرائم واستهدافات القناصة الحوثيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، من المزارعين والرعاة والحطّابين وحتى من المارة ومستخدمي الدراجات، وسجلت عشرات الجرائم البشعة بحق نساء ونازحين وأطفال برصاص القنص وعيارات القتلة الحوثيين، ومن بينها حالات لفتيات فقدن حياتهن عشية عرسهن ونساء حوامل.
استكمال التحرير
تحت هذه الظروف والحيثيات تحمل القوات المشتركة على عاتقها مسؤولية حماية وتأمين حيس ورد وصد الاعتداءات والحماقات الحوثية. وقد سجل الأبطال في جبهات حيس مآثرَ البطولة والفداء، وبذلوا الشهداء والجرحى خلال عشرات الجولات والمعارك الضارية والمواجهات الشرسة مع حشود وتسللات وهجمات المليشيات التي تكبدت خسائر فادحة في جبهات حيس وفشلت وتفشل باستمرار في تحقيق أي نتيجة أو اختراق تحت جنح اتفاق ستوكهولم ووقف إطلاق النار الزائف.
يؤكد أبطال وقادة القوات المشتركة في جبهة حيس على حتميّة إعلان إنهاء اتفاق ستوكهولم وإبطال سحر التغطية والتستُّر المبذول أممياً لمصلحة مليشيات الإرهاب والغدر ونقض العهود والمواثيق.
استكمال المهمة ومواصلة التحرير ودحر المليشيات هو هدف وتطلُّع كل واحد من المقاتلين الذين ينتظرون التوجيهات بمواصلة الزحف واجتثات بقايا المليشيات وتطهير الجيوب والبلدات والمديريات الأخرى في تهامة والساحل والحديدة.
معنويات وتطلُّعات
الجندي المقاتل بلال غالب صالح، أحد أفراد اللواء السابع عمالقة يقول، إنهم يقومون بالتصدي لهجمات مباغتة تشنها المليشيات الحوثية الإرهابية دائمًا، ويُلحقون بالمليشيات هزائم وانكسارات كبيرة.
ويضيف بلال: ننتظر التوجيهات لاستكمال تحرير الحديدة، مؤكِّدًا أن معنويات المقاتلين عالية، وأن الرجال موجودون وثابتون في مواقعهم، للتصدي لأيّ خروقات حوثية، وأنهم على أهبة الاستعداد لدحر المليشيات.
من جانبه رفيقه المقاتل الجندي عبد الرحمن سالم علي، أحد أفراد اللواء السابع عمالقة يقول: "لقد أحبطنا كل تسللات المليشيات الحوثية، وأعدناهم من حيث جاءوا، محمَّلين بالهزائم، بل وسندحرهم إلى جبال مران".
محمد عبد القادر، قائد سرية الطوارئ في اللواء الثالث عشر عمالقة، أكد بدوره: "نحن مرابطون في مواقع البطولات والعز بجبهة حيس، وإننا هنا نتصدى لجهمات الحوثيين يوميًا، وهمّتنا عالية، وفي أعلى جاهزية قتالية، وننتظر على أحر من الجمر التوجيهات لتحرير محافظة الحديدة، وكامل تراب الوطن".
ويقول الجندي المقاتل خالد محمد علي، أحد أفراد اللواء الحادي عشر عمالقة: "نحن مرابطون في جبهة حيس، ومعنوياتنا عالية جدًا تعانق السماء، ومستعدون في أي وقت لسحق الحوثيين ودحرهم من حيس والحديدة".
مكافحة الألغام والمتفجرات
تقوم الوحدات الهندسية المتخصِّصة التابعة للقوات المشتركة بتفكيك ونزع الألغام والعبوات المتفجرة والمقذوفات ومخلفات المليشيات الحوثية، وتبذل جهوداً كبيرة لتأمين وتطهير المزارع والطرقات الرئيسية والفرعية ومنازل وتجمعات السكان ومحيطها.
مؤخراً كشفت سيول الأمطار العشرات من الألغام التي زرعتها مليشيات الإرهاب الحوثية، جرفتها السيول لتظهر على جوانب الطريق الإسفلتية الرابطة بين مدينتي حيس والخوخة. وسارعت الفرق المتخصصة لتفكيكها وتأمين الطريق.
وضمن الجهود المتواصلة، تمكّن فريق هندسي تابع للقوات المشتركة، الثلاثاء 22 سبتمبر، من تفكيك شبكة ألغام وعبوات ناسفة وصواعق متفجرة من مُخلّفات الحوثي في قرية الحمينية بمديرية حيس.
وقال مصدر بالفرق الهندسية للقوات المشتركة: إن الفرق فككت 20 لغماً أرضياً و6 ألغام فردية، وأحبطت مفعول 13 عبوة ناسفة مزوَّدة بكاميرات حرارية، بالإضافة إلى نزع صواعق متفجرة نوع "TNT" في قرية الحمينية.
الفريق الهندسي قام بعملية مسحٍ واسعة، تكللت بتطهر مناطق شاسعة من مخلَّفات ما زرعته مليشيات الحوثي في القرية.
وفي حيس، أيضاً، وقبلها بأيام قلائل، فككت الفِرَق الهندسية التابعة للقوات القوات المشتركة شبكات من الألغام والعبوات الناسفة المتفجرات التي زرعتها المليشيات الحوثية غرب مدينة حيس، في أثناء عملية مسح ميداني قامت بها الفِرَق الهندسية للقرى الواقعة غرب مركز المديرية.
وأكد المصدر الهندسي، أن الفريق الهندسي فكّك وانتزع شبكات واسعة من الألغام والعبوات الناسفة المتفجّرة، من بينها رؤوس صاروخية اكتُشفت في منازل الأهالي الذين هجّرتهم المليشيات منها قسرًا، وكذلك في الطرق الفرعية.
وفككت الفرق الهندسية للقوات المشتركة، حقل ألغام زرعته مليشيات الحوثي، في الطرقات الفرعية غرب مدينة حيس.