‏"مدرّي".. حين يسقط الطغيان بسخرية شعب لا يغفر الجهل المتعمّد

  • الساحل الغربي - خاص
  • 03:01 2025/04/11

لم تكن كلمة "مدرّي" مجرد لفظة عابرة في المشهد اليمني بل قنبلة سخرية فجّرت آخر ما تبقى من هيبة مزعومة لدى جماعة تغطي فشلها بستار الخوف والكتمان.. خرجت هذه الكلمة من بين أنقاض صنعاء حيث أرادت مليشيا الحوثي إسكات الأسئلة بشأن الغارات الأمريكية المتصاعدة، فحوّلها الشعب اليمني إلى عنوان كبير للهزء الشعبي ومحرّك ثورة رقمية لا تحتاج إلى سلاح.
 
أطلقت المليشيا حملة رقمية تحث السكان على الامتناع عن الإدلاء بأي معلومات حول أماكن القصف والاكتفاء برد ساخر: "مدرّي" لكن بدلاً من إخماد التساؤلات أشعلت الكلمة سخرية حارقة اجتاحت منصات التواصل لتتحوّل إلى وسمٍ يردده الجميع: "أين الراتب؟ مدرّي"  "أين البترول النظيف؟ مدرّي"  "أين كنت وقت القصف؟ مدرّي".. حتى صارت الكلمة نفسها مرآةً عاكسة لانهيار خطابهم الإعلامي - الذي لم يعد يملك جواباً إلا جهلاً معترفاً به على لسانه - واعترافاً جماعياً بالفراغ، حين حاولت الجماعة أن تصادر حتى تساؤلات المواطنين عن مكان القصف.
 
من شعر الزامل إلى تعليقات الشارع صارت "مدرّي" زلزالاً ساخراً أزاح عن المليشيا قناع "ما نبالي"، وحلّ محله وجه ضائع لسلطة عبثية لا تدري من أين سيأتي القصف، ولا إلى أين يذهب اليمنيون بجوعهم؛ بل إن السخرية بلغت حدّ استبدال خطاب الجماعة الرسمي ببلاغة التهكم، حتى بات الوزير الحوثي نفسه لا يتحدث عن سقوط الضحايا بل عن "خطر معرفة مكان القصف" في مفارقة تُظهر مدى الانفصال الكامل بين جماعة إرهابية تلهو بالدعاية، وشعب يحترق بأسئلة الوجع اليومي.
 
هكذا انتهت أسطورة "الأمن القومي" المزعوم حين هزمها منشور ساخر أقوى من ألف بيان؛ لم يكن الرد الشعبي مجرد موجة تندّر، بل انتفاضة صامتة عرّت هشاشة جماعة ترتعب من الكلمة أكثر من أضرار الصاروخ؛ أما إعلامها فلم يجد ما يدافع به سوى التحذير من الإفصاح، وكأن دماء اليمنيين أهون من إحراج قياداتهم أمام مرآة الحقيقة؛ فالمعادلة باتت واضحة: الجماعة تفشل دائماً في سياساتها لكنها تتقن فقط مطاردة الحريات.
 
تتزامن هذه السخرية مع تصاعد الضربات الأمريكية على مواقع الجماعة على خلفية استئناف الحوثيين هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهي عمليات أدّت إلى خسائر رمزية لم تتجاوز إحدى عشرة سفينة من أصل 120 أعلنت الجماعة استهدافها خلال عام، دون أن تحقق هدفاً يُذكر في دعم غزة، كما تروج.
 
وفي تعليق لافت سخر وزير الإعلام معمر الإرياني من الشعار الحوثي الجديد "مدري" معتبراً أنه يعكس حالة التصدع والارتباك داخل الجماعة بعد أن تهاوت تحت زخم السخرية الشعبية، وأكد أن هذه التحولات تكشف مرحلة الرعب والإنكار التي تسبق سقوطهم الحتمي، مشيراً إلى أن الجماعة باتت تهرب من المسؤولية بسلسلة من الأكاذيب تخشى فيها حتى فضول الأطفال وتُحاكم الحقيقة كأنها تهمة.
 
في النهاية، لم تعد صنعاء بحاجة إلى مزيد من الغارات لإسقاط الطغيان بل إلى سؤال بسيط يطرحه رجل جائع أو طفل مذعور: "ليش قصفونا؟" فيجيبه الحوثيين بكل جبن: "مدرّي" فالسخرية هي السلاح والضحكة اليمنية آخر ما تبقّى من الكرامة في وجه جماعة لا تدري، ولا تريد أن تدري.

ذات صلة