الحوثيون يفتكّون بالثروة الحيوانية: إبادة اقتصادية تحت ظل الإقطاع المتوحش
- خاص - الساحل الغربي
- قبل 6 ساعة و 40 دقيقة
في مشهد يذكّر بأسوأ فصول الإقطاع الجائر، تتهاوى الثروة الحيوانية في اليمن تحت وطأة انتهاكات ممنهجة تقودها مليشيا الحوثي.. تفشي أوبئة قاتلة مثل "الحمى القلاعية" و"الالتهاب الرئوي" يحوّل مزارع الماشية إلى مقابر مفتوحة للأبقار والأغنام والجمال؛ ورغم البلاغات المتكررة من المزارعين، تقف الجماعة موقف المتفرج وكأن الخراب قدر محتوم لا يعنيهم.
في محافظات مثل الحديدة وذمار، يواجه مربو الماشية كارثة اقتصادية وإنسانية بعد نفوق أعداد هائلة من الحيوانات.. الحوثيون لم يكتفوا بتجاهل الأزمة الصحية، بل عمدوا إلى مصادرة مشروع إنتاج الألبان في الحديدة الذي كان يمثل شريان حياة لآلاف المزارعين؛ فرضوا إتاوات باهظة على كل لتر من الحليب لصالح ما يسمونه "المجهود الحربي"، ثم نهبوا مصنعاً حديثاً بقيمة مليوني دولار، تاركين المزارعين يواجهون الإفلاس والعجز عن تأمين غذاء لأبقارهم.
القضية ليس مجرد إهمال، بل عملية ممنهجة لتدمير الاقتصاد الريفي وتجويع الشعب.. المزارعون، الذين كانوا يعتمدون على هذا المشروع لإعالة أسرهم، أصبحوا عاجزين عن توفير الأعلاف بسبب الفساد الحوثي والإتاوات المفروضة على كل شريان حياة اقتصادي.
تحت ذريعة "تنظيم القطاع الزراعي"، أنشأت الجماعة كيانات وهمية مثل "المؤسسة العامة للخدمات الزراعية" و12 جمعية تجمع الحليب قسراً من المزارعين وتبيعه للمصانع بأسعار مجحفة؛ النتيجة: موارد المزارعين تحولت إلى مكاسب لجماعة تتقن فن النهب تحت عباءة "المسيرة الثورية المزعومة".
الكارثة لم تقف عند حدود تدمير قطاع الألبان، بل تعكس نهجاً أوسع يستهدف تحويل الاقتصاد اليمني إلى ساحة مفتوحة للفوضى والنهب.. فكما أشار الناشط الحوثي الكرار المراني، فإن تجاهل الجماعة لهذه الكارثة يمثل "جريمة مكتملة الأركان"، سواء كان عن علم أو جهل.
من الواضح أن الحوثيين لم يتركوا أي قطاع في اليمن إلا ودمروه.. قطاع الثروة الحيوانية الذي كان يوماً من دعائم الاقتصاد اليمني، أصبح الآن ضحية لصراعاتهم الداخلية وفسادهم الممنهج؛ في الوقت الذي كان من المفترض أن يقدم فيه الحوثيون الدعم لإنقاذ الثروة الحيوانية، تحولت مشاريعهم إلى تجارة موت مقننة؛ ولعل ما يجري اليوم هو مثال صارخ على استراتيجيات التدمير المتعمد التي لا تقتصر على الإهمال فقط، بل هي تخطيط ممنهج لإفقار الشعب وتجويعه، في مسعى جائر يفاقم معاناتهم.
ما يحدث اليوم هو إبادة اقتصادية واجتماعية تقودها مليشيا حولت اليمن إلى ساحة للدمار والجوع؛ ومع استمرار هذا العبث، يبقى السؤال الملح: إلى متى سيستمر اليمن في دفع ثمن هذا المشروع التدميري الذي يحكمه منطق القمع والنهب؟