قصة مختطف: ست سنوات من الألم تتحول إلى رسالة أمل وصمود
- بدر سلطان - الساحل الغربي
- 12:06 2024/10/01
ستة أعوام في سجون المليشيا الإرهابية ليست مجرد رقم عابر، بل هي فترة قضيتها خلف قضبان الكهنوت الحوثي.. يوم في سجن المليشيا كألف شهر مما تعدون، بل وأكثر.
الـ 13 من يوليو 2016 هو تاريخ مؤلم لا يمكن محوه من ذاكرتي.. تغيرت حياتي بالكامل عندما حاصرتني خمسة أطقم حوثية في صنعاء لغرض اختطافي.. بدأت منذ ذلك اليوم رحلة طويلة من المعاناة والصمود.
كنت في الثامنة عشرة من عمري عندما واجهت تلك التجربة القاسية التي جعلتني رمزاً للإرادة البشرية الصامدة أمام آلة الموت البطيء التي تتبعها مليشيا الإجرام الحوثي؛ على مدى ست سنوات، تنقلت بين سجون وزنازين مختلفة، وتعرضت خلالها لأسوأ أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.. حُرمت من أبسط حقوقي، وعشت في ظروف غير إنسانية.
الأيام كانت تمر ببطء شديد، والليالي تزيد من أوجاعي وأحزاني.. ومع كل ذلك، لم أسمح لنفسي بالانهيار.. كنت أذكر نفسي دوماً بأن هذه المعاناة ليست النهاية، وأن السجن قد يكون بداية جديدة لي، بينما مصير المليشيا هو الزوال؛ رغم الظروف القاسية التي عشتها وعاشها زملائي، كنت أواجه المحن بابتسامة في قلبي، مستمدًا قوتي من ذكرياتي الجميلة مع والدتي وعائلتي وأصدقائي.. كان الأمل في الحرية هو ما يدفعني للاستمرار.
كتبت خلال تلك الفترة بعض المذكرات التي سجلت فيها مشاعري وأفكاري، لأبقي الأمل حيًّا حتى في أحلك الأوقات.. وها أنا اليوم أحتفل بمرور ثلاث سنوات على خروجي من السجن؛ وعلى الرغم من أن والدتي فارقت الحياة وأنا ما زلت في المعتقل، إلا أنني لم أنسها قط.. خرجت وقلبي يكاد ينفطر لأن أمي لم تكن في استقبالي حراً طليقاً.. كانت هي من تبعث في قلبي الأمل بالخروج من عتمات السجن؛ كان أملي أن أراها تنتظرني، لكن الأقدار شاءت أن ترحل قبل أن تراني حراً، وكانت حسرتي عليها تساوي عذاب خمس سنوات وسبعة أشهر في غياهب السجون.
لحظة خروجي من السجن كانت مليئة بالمشاعر المختلطة.. عندما فُتح باب الزنزانة واستقبلتني أشعة الشمس بعد سنوات من الظلام، شعرت وكأنني وُلدت من جديد.. أدركت أن الحياة ما زالت أمامي، وأن لدي الفرصة لتحقيق أحلامي؛ بعد خروجي، قررت أن أحوّل تجربتي إلى رسالة أمل.. بدأت أنقل صوتي للتحدث عن قضايا الأسرى والمعتقلين، وأشارك قصتي مع الآخرين لأكون صوتًا لمن لا صوت لهم.. سعيت جاهداً لرفع الوعي حول حقوق الإنسان والدفاع عن المظلومين.. لم أعد مجرد شخص خرج من السجن، بل أصبحت رمزاً للصمود أمام الظلم.
حاولت تسليط الضوء على ما يحدث في سجون المليشيا الحوثية، وبث الأمل في نفوس الأسرى وعائلاتهم، ولكن لم أجد تفاعلاً كافياً من الجهات المختصة.
تعلمت أن الألم يمكن أن يتحول إلى أمل، وأن التضحية من أجل المبادئ تستحق كل المعاناة؛ اليوم، بفضل إيماني القوي وعزيمتي، أسعى إلى أن أعيش حياة مليئة بالأمل والتحدي، رغم الخذلان الذي لم أكن أتوقعه يوماً.. عشت خيبة أمل كبيرة، خاصة عندما لم أتمكن من الالتحاق بجامعة تعز لدراسة الإعلام، الذي كان وما زال شغفي، بذريعة أن شهادتي قد انتهت مدتها.. هل يجهل القائمون على جامعة تعز أنني قضيت قرابة ست سنوات من القهر والظلم والعذاب النفسي والجسدي؟ هل هذه السنوات لا تشفع لي للالتحاق بجامعتي التي كانت حلمي في زنزانتي؟ اضطررت في النهاية إلى الالتحاق بجامعة خاصة، رغم التكاليف الباهظة التي تفوق طاقتي.
سأظل أواصل كفاحي من أجل العدالة، وأؤمن بأن كل خطوة نحو الحرية ليست لي وحدي، بل لكل من عانى من الظلم والقهر والخذلان.
في الختام، أوجه رسالتي إلى المجلس الرئاسي والحكومة ووزارة حقوق الإنسان وكافة المنظمات الحقوقية: قضيت ست سنوات في سجون المليشيا، وقضية الأسرى والمعتقلين في سجونهم لم تحظَ بالاهتمام الكافي.. أود أن أعبر عن قلقي العميق بشأن الأوضاع الكارثية وغير الإنسانية التي يعيشها هؤلاء المعتقلون، الذين حُرموا من أبسط حقوقهم الأساسية وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة؛ هذه القضية تتعلق بالحقوق الإنسانية والقيم التي نؤمن بها جميعاً.. أناشدكم بأن تبذلوا كل جهد لحماية حقوق هؤلاء الأفراد؛ يجب النظر بجدية في أوضاع الأسرى والمعتقلين، واتخاذ خطوات ملموسة لتحسين ظروفهم وضمان حقوقهم القانونية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ولأسرهم.