دعونا نحيي الأمل في نفوس الشعب اليمني

03:23 2023/02/28

ملاحظات الامين العام أمام المؤتمر الرفيع المستوى لإعلان التبرعات لمواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن جنيف ٢٧ فبراير ٢٠٢٣
 
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
 
أتوجه بالشكر إلى حكومتي السويد وسويسرا على اشتراكهما مرة أخرى في استضافة هذا المؤتمر، وأشكركم جميعا على تضامنكم مع الشعب اليمني.
 
لقد انتهت السنة الماضية بانتعاش الأمل بقدر ما بشأن مستقبل اليمن.
 
فبعد مرور سنوات خلفت وراءها الموت والتشريد والدمار والمجاعة والمعاناة، جاءت الهدنة لتثمر فوائد حقيقة للناس.
 
فاستؤنف تسيير الرحلات الجوية المدنية انطلاقا من صنعاء. وأصبحت الإمدادات الحيوية تصل عبر ميناء الحديدة.
 
غير أن الهدنة أنقضت بعد سنة أشهر فقط.
 
صحيح أن الأحكام الرئيسية للهدنة لا تزال سارية، إلا أن الاقتصاد يواجه صعوبات هائلة.
 
والخدمات الأساسية مهددة بالانهيار.
 
وتظل الاحتياجات الإنسانية مستمرة في الارتفاع، في وقت يعد الوصول مقيداً والتمويل الدائم يتضاءل.
 
واليوم يحتاج أكثر من 21 مليون شخص - اثنان من كل ثلاثة أطفال ونساء ورجال يمنيين - إلى المساعدة والحماية.
 
لنتوقف لحظة لنتأمل في دلالة هذا الرقم المثير للذهول.
 
إن ذلك يعي أن المرء يكافح يوميا من أجل البقاء على قيد الحياة.
 
وأن الآباء عاجزون عن إطعام أطفالهم.
 
وأن النساء والفتيات يحجمن عن الذهاب إلى المدرسة أو حتى المغامرة بالخروج من شدة الخوف. 
 
وأن الأسر يتلاشى أمامها أي أمل للعودة إلى ديارها.
 
أصحاب السعادة،
 
إنني أدرك تمام الإدراك أن الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء العالم هي في أعلى مستوى بلغته على الإطلاق.
 
وأنا أعلم أن الموارد صارت شحيحة من فرط الطلب عليها.
 
لكنني أعلم أيضاً أن توفيركم الدعم قد يعي الفرق بيم الحياة والموت.
 
واليوم، نوجه نداء لأجل الإعلان عن تبرعات بقيمة 4.3 بلايين دولار لدعم 17.3 مليون شخص من أكثر السكان ضعفا في اليمن.
 
وسيمكننا ذلك من مواصلة تنفيذ العمليات الحيوية التي أثبتت جدواها.
 
ففي العام الماضي، استفاد ما يقرب من 11 مليون شخص من مساعدات منقذة للأرواح، تمثلت في الأغذية والمياه النظيفة وتوفير الملجأ والحماية والتعليم.
 
وبفضل هذه المساعدات - إلى جانب الهدنة وعوامل أخرى - انخفض عدد السكان الذين يعانون من الجوع الحاد بمليوني شخص.
 
وكادت حالات من يوجدون على حافة المجاعة من الناس أن تنعدم، بعد أن بلغ عددهم ما يزيد عن 150000 شخص.
 
لكن هذه المكاسب لا تزال هشة.
 
فإذا نضب الآن الدعم المقدم، ستضطر وكالات تقديم المعونة إلى تقليص البرامج أو تعليقها، مما ستنجم عن تكلفة بشرية باهظة.
 
أصحاب السعادة،
 
بصرف النظر عن الحاجة إلى تقديم الدعم بشكل مطرد، فزملاؤنا وشركاؤنا في المجال الإنساني هم في حاجة إلى توفير سبل الوصول بشكل دائم إلى السكان المحتاجين.
 
ذلك ان العوائق البيروقراطية والتدخلات والقيود المفروضة على التنقل - لا سيما في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون - عوامل تجعل الوصول إلى السكان المتضررين أمرا أكثر صعوبة بكثير.
 
والأسوأ من ذلك هو أن العاملين في المجال الإنساني أنفسهم يتعرضون للإعتداءات بشكل متزايد.
 
لذا أناشد جميع أطراف النزاع أن تيسر المرور الآمن والسريع ودون عوائق للمساعدات الإنسانية الغوثية إلى جميع المدنيين المحتاجين، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.
 
ويجب أن تتاح للعاملين في المجال الإنساني - بمن فيهم العاملات اليمنيات في مجال تقديم المعونة- القدرة على القيام بعملهم بأمان واستقلالية وسرعة ودون عوائق أو قيود تعسفية.
 
أصحاب السعادة،
 
نضطر هذه السنة، للمرة السابعة خلال سبع سنوات، إلى عقد مؤتمر لإعلان التبرعات للشعب اليمني.
 
إن الشعب اليمني يستحق دعمنا. ولكنه يستحق ما هو أكثر من ذلك. إنه يستحق مسارا موثوقا للخروج من النزاع الدائم وفرصة لإعادة بناء مجتمعاته المحلية وبلده.
 
فالمساعدات الإنسانية هي مجرد دواء مسكن. إنها تمكن من إنقاذ الارواح لكنها ليست كفيلة بتسوية النزاع نفسه.
 
وأمامنا هذه السنة فرصة حقيقية لتغيير مسار اليمن والمضي قدما نحو إرساء السلام.
 
من خلال تجديد الهدنة وتوسيع نطاقها.
 
ومن خلال دفع عجلة العملية السياسية التي ييسرها مبعوثي الخاص.
 
ومن خلال استثمارات مطردة واسعة النطاق في الاقتصاد اليمني لاستعادة الخدمات الأساسية وبناء القدرة على الصمود على المدى الطويل.
 
أصحاب السعادة،
 
إن المجتمع الدولي له من القدرات والوسائل ما يمكنه من وضع حد لهذه الأزمة.
 
وتتمثل أولى المراحل في هذا الاتجاه في الاستجابة لندائنا بتوفير التمويل الكامل والالتزام بصرف الأموال بسرعة.
 
واسمحوا لي بإبداء ملاحظة شخصية جدا. عندما شغلت منصب المفوض السامي لشؤون اللاجئين زرت اليمن عدة مرات، من صعدة إلى عدن، وجلته من الشرق إلى الغرب. ولا يمكن أن أنسى على الإطلاق الكرم الكبير الذي أبداه الشعب اليمني.
 
ففي وقت، حتى مع كل المشكلات وكل الصعوبات ، كان اليمنيون يستقبلون اللاجئين الصوماليين بأعداد كبيرة تصل إلى الساحل وكانوا يمنحونهم جميعا مركز اللاجئين مبدئيا.
 
لا أعرف كم من الدول النامية حول العالم قادرة على إعطاء مركز اللاجئين مبدئيا للاجئين الصوماليين. هذا الكرم غير العادي يحتاج إلى أن يقابله تضامننا مع الشعب اليمني.
 
لذا، دعونا نعمل معا من أجل التغلب أخيرا على سيل المعاناة.
 
دعونا نحيي الأمل في نفوس الشعب اليمني.
 
شكراً.