العميد صادق دويد يكتب: "الولاية" هي الكارثة.. كيف استطاع الكهنوت الترويج لنفسه وتحشيد البسطاء حوله؟

  • العميد صادق دويد - المتحدث باسم قوات المقاومة الوطنية
  • 04:21 2023/01/14

هذا سؤال استراتيجي يجب علينا، نحن اليمنيين المناهضين لمصادرة حريتنا وكرامتنا، التوقف أمامه طويلا، وسنكتشف في ملاحظة وجيزة أن تكتيكاته في تضليل المجتمع، هو أحد الأسباب ولكن ليس كل السبب، إذ أن أداء المعسكر الوطني المناهض له وفر له أسبابا إضافية وتلك هي الحقيقة المرة.
 
لقد صرف مناهضو الحوثي، أو معظمهم على الأقل، الكثير من الجهد والوقت في كشف سوءة الحوثي وتعرية مساوئه لكن بعض ذلك الجهد خدم الحوثي ولم يضره بفعل العفوية وعدم الدقة في تحديد أين تكمن مشكلتنا مع هذه الآفة البشرية بالضبط، وبرأيي أن أول أولوياتنا في هذه المرحلة هي تحديد مشكلتنا بالضبط مع مليشيا الكهنوت، والتركيز على الأمور الكارثية التي يتسبب بها في حق اليمن واليمنيين وهي "الولاية"؛ الفكرة العنصرية الاستعبادية المنتمية الى أظلم وأسوأ مافي تاريخ البشرية من ظلام وسودواية وسوء.
 
تعالوا نستعرض أولا كيف كان التكتيك الإيراني في تفريق اليمنيين لمصلحة المشروع الكهنوتي وما الذي يفترض باليمنيين أن يقوموا به تجاه هذا التكتيك الذي تسبب في ضياع الدولة اليمنية واغراق اليمن بالدم والدموع:
 
التضليل و الكذب سمات لصيقة بالحركة الحوثية منذ بداياتها الاولى
 
روجت لـ"مظلومية" لم يكن لها وجود، و استعطفت بادعائها الداخل و الخارج، وحين قويت شوكتها و اليمنيون في خضم صراع سياسي؛ انتهجت سياسة "التحييد" لتحقيق مشروعها الخبيث الغير قابل للشراكة. 
 
تحييد الخصوم للاستفراد بهم الواحد تلو الاخر
 
خلال الحروب الست لم تمس مبادئ الجمهورية و الديموقراطية بسوء و اختلقت لنفسها مظلومية عدمية، في ذات الفترة اوصلت رسائل للقوى و الاحزاب السياسية ان ليس لديها أية عداوات تجاه أحد الا مع النظام، ووجهت لمنتسبي الجيش و الامن (خصوصا من ابناء المحافظات الجنوبية) خطابا استعطافيا مضللا مفاده انهم شركاء معها في "المظلومية" و ان عليهم الا يقفوا مع النظام و يجنبوا انفسهم الحرب (التي كان يسميها البعض عبثية). و حين قويت شوكتها أقصت جميع القوى و الاحزاب، و هجمت على الجنو و رمت كل اكاذيبها خلف ظهرها كل  كذباتها. 
 
اثناء مؤتمر الحوار قدم الحوثي رؤية مخادعة و خطابا كاذبا عن الشراكة و الدولة المدنية و الحقوق و الحريات، و حين تمكن من صنعاء فرض الخمس و مدونة السلوك العنصرية و مبدأ الولاية، و قمع الحريات و سلب الحقوق وصادر الحياة العامة والخاصة وأفرغ كل معاني الجمهورية.
 
دماج
 
كان واضحا منذ هجومه على "دماج" أنه بدأ مشروعه  لتصفية محافظة صعدة من اي لون لا يدين له بالولاء، فبعد أن قضى على مظاهر الدولة في المحافظة اتجه الى التخلص من السلفيين. 
تحجج بالاجانب الوافدين الى دماج  و الصق بهم تهمة الداعشية، ولكنه طرد جميع السلفيين في النهاية محليين و اجانب. 
 
قبيلة حاشد
 
في بداية المواجهات معها؛  خاطب أبناء قبيلة حاشد بأنهم هم وجماعته اخوة و ليس لهم غريم غير أسرة ال الاحمر و ليست الاسرة بالكامل انما هم "فلان" و "فلان". و اتفق مع القبائل ان ما لجماعته غير الخط الاسود. و اذا به في النهاية يجتاح حاشد كاملة 
 
محافظة عمران 
 
حشد مقاتليه على أطراف مدينة ومحافظة عمران بذريعة المطالبة بتغيير المحافظ و قائد اللواء ٣١٠ مدرع، و اذا به يحتل المحافظة و يستولي على ما فيها و ينقل ممتلكات ومعدات الدولة والجيش إلى صعدة. 
 
العاصمة صنعاء 
 
استعطف مشاعر الناس عبر لقمة عيشهم رافعا شعار إسقاط "الجرعة" كذريعة، موهما في ذات الوقت الخارج واطراف دولية  بان هدفه من دخول صنعاء هو قمع مراكز القوى، و لما تمكن انقلب على الدستور و اقصى و حبس و نكل و نقل ما استطاع ان ينقله من معدات و اصول الدولة الى صعدة. 
 
الجنوب
 
اجتياح الحوثي لعدن كان منعطفا آخر من منعطفات سقوط أقنعته حيث كان الاجتياح الهمجي مناقضا لادعاءاته الدائمة بأنه شريك للجنوبيين في المظلومية. ومنذ ذلك التاريخ ورغم هزيمته المدوية وطرده من هناك، فإنه مستمر حتى اليوم في استهداف المحافظات الجنوبية بالصواريخ و الطيران المسير، و جبهات الضالع و يافع و كرش وغيرها التي لا تهدأ خير شاهد.
 
في المقابل استفاد عبدالملك الحوثي من الخطاب التعميمي او الشمولي لخصومه و لم يكن بالضرورة خطاب الشرعية الرسمي انما جزء من خطاب العامة و كان هذا الخطاب بالنسبة للحوثي هدايا قيمة ساعدته بشكل كبير في التحشيد و التجييش، و تركز ذلك في ثلاث دوائر:
 
الدائرة الاولى: التعميم بأن كل هاشمي حتماً حوثي. و هذا خطأ علاوة على انه غير صحيح (لدي مقال منفرد حول هذا الموضوع). 
 
الدائرة الثانية: "الزيود"  وهي دائرة اوسع، فكل زيدي بالضرورة حوثي، وهذا خطأ آخر جسيم و مجانب للحقيقة.
 
و الهدية الثالثة: و هي الأكثر كارثية واتساعا هي شيطنة ما تسمى بالهضبة. 
 الحوثي قال للهاشميين هذا حقكم المغتصب قاتلوا لاستعادته فاخذ منهم اولادهم و دفع بهم في خصومة امام شعب باكمله ، و قال للزيود انا من يدافع عن مذهبكم فأرسل اولادهم الى المهالك و اعادهم مجرد صور وتوابيت. و يقول لابناء المحافظات التي يسيطر عليها انتم مكروهون، محيطكم اليمني و الاقليم متأمر عليكم. التفوا حولي انا مخلصكم. 
 
اي خطاب هذا الذي لا يمت للذكاء و السياسة بصلة، خطاب يوهب الحوثي ما لا يملك و يمده بالقوة و يزرع الالغام لاجيال و اجيال  و أي طريق خاطئ ليمننا المنشود؟! 
 
يجب علينا أن لا نزيد الطين بلة فيمننا ينزف و شعبنا مثقل بالجراح. نحن نؤمن بقيم الثورة اليمنية العظيمة 26 سبتمبر و ١٤ اكتوبر و اهدافها السامية، و الجمهورية والديموقراطية و المواطنة المتساوية، علينا أن ننتصر لما نؤمن به وأن نركز معركتنا ضد القيم الفاسدة التي تحملها المليشيا ومن شأنها استعباد اليمنيين لأجيال وأجيال.
 
لن ننتصر بالعنصرية المضادة
 
مواجهة الحوثي يجب أن تستهدف جوهر فكرته ومشروعه العنصري والاستعبادي وهو "الولاية" و العنصرية السلالية، و  قادة المشروع عبدالملك الحوثي و اخيه القتيل و ابيه و زمرتهم المقربون. و كل من يؤمن بمشروعهم التدميري و يعمل على تحقيقه، كائن من كان. 
 
علينا القيام بحملة شعبية تتبعها خطوات حكومية جادة لرفض و تجريم فكرة الولاية و العنصرية السلالية و دعوات الاصطفاء و الحق الالهي.
 
علينا ان نوصل صوتنا الى كل بقاع العالم و الدول الكبرى و مجلس الامن و المنظمات الدولية ان مشكلتنا مع الحوثيين ابعد من الصراع العسكري أو الصراع على الموارد، نحن شعب يرفض الولاية، لا سلام و لا استقرار و لا تعايش مع جماعة عنصرية تحمل فكر ظلامي.

ذات صلة