حوار - الدكتور ثابت الأحمدي: المقاومة الوطنية وذراعها السياسي "قوة صاعدة".. و"الرئاسي" اليمني وحد مكونات الشرعية
- thelevantnews - رامي شفيق:
- 10:19 2022/04/23
السعودية واليمن شعبٌ واحدٌ بنظامين سياسيين.. والعصبويات الإرهابية يتم وضع حد لها بالقوة
قال عضو مشاورات الرياض ومستشار وزير الثقافة والسياحة اليمني، الدكتور ثابت الأحمدي، إن المشاورات المنعقدة في المملكة العربية السعودية، جرت خلال شهر نيسان/ أبريل الجاري، تمت بين فرقاء العمل السياسي في اليمن، أو يمكن القول إنها تمت بين "شركاء النضال" الذين تبعثرت جهودهم لخللٍ في القيادة السابقة خلال السنوات الماضية، رغم إمكانية النصر وعدالة القضية، وقد أدركت دول مجلس التعاون الخليجي خطورة هذا الحال إن استمرت على ما هي عليه، فدعت إلى مشاورات يمنية - يمنية في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض، وبإشراف عربي ودولي، حضرت فيها كل المكونات السياسية اليمنية، عدا مكون الحوثي الإرهابي.
وفي حواره مع "ليفانت"، أوضح الأحمدي، وهو أحد أعضاء دائرة الشؤون الإعلامية والثقافية بمكتب رئاسة الجمهورية اليمنية، أن المملكة العربية السعودية بقيادةِ الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وكذا كل القيادات السعودية، على مر العقود، يتّسمون بنَفَسٍ طويل في سياستهم، هذا نهج سياسي معروف عن آل سعود، ويتعاطون مع مختلف القضايا بمسؤولية كبيرة من موقعهم كملوك وأمراء ومن موقع دولتهم كمرجعية إسلامية وعربية كبيرة، وقد تستغرب إذا قلت لك إن الإغاثة السعودية تتوزع عبر منظمات دولية في المناطق التي يسيطرُ عليها الحوثي نفسه.
ويتابع: "تستطيع المملكة لَيَّ ذراع كثير من الدول الكبرى بسلاح النفط؛ لكنها لم تفعل، ربما لتقديرها أنّ هذا الضرر سيلحق بالشعوب المغلوبة على أمرها، لا على الحكومات التي تناوئ سياستها أو تختلف معها. وتعامل المملكة مع الشعوب غير تعاملها مع الأنظمة السياسية".
نص الحوار:
*تتموضع الآن أطر مجلس القيادة الرئاسي لتثبيت الشرعية اليمنية في الداخل.. ما تقييمكم لهذه الخطوة سياسياً وانعكاساتها الميدانية؟
بادئ ذي بدء أثمّن هذه المقابلة، وأسجل موقفي تجاه منبركم الذي يعد رافداً مهمّاً على الصعيد السياسي والثقافي. والحقيقة إن مجلس القيادة الرئاسي، برئاسة الدكتور رشاد محمد العليمي، محطة جديدة من محطات النضال اليمني ضد مليشيات الإمامة الجارودية في اليمن، المدعومة من إيران الخمينية، وإن كانت مشكلة اليمن مع هذه الجماعة من قبل أن تنشأ إيران الحديثة. وتأتي هذه المحطة في إطار استعادة شرعية الدولة اليمنية التي انقلبت عليها تلك المليشيات في 21 سبتمبر 2014. وهي محطة مدعومة من دول التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية التي نعتبرها اليوم مرجعيتنا الكبرى، والتي دعمت أشقاءها اليمنيين بالمال والسلاح، وما يزال خيرها متدفقاً إلى اليوم.
إن المجلس الرئاسي منعطفٌ جديدٌ جاء بعد أن تبعثرت جهود منظومة الشرعية خلال السنوات السابقة ووصلت إلى طريق مسدود، فكان لا بد من تغيير التكتيك السياسي، لحسم المعركة، سلماً أو حرباً. وإن كنا نؤمن أن الحوثي لا يعرف للسلام طريقاً، ولا علاقة له بذلك، باعتباره عصابة مليشياوية تدّعي استمداد شرعيتها السياسية من السماء.
ميدانياً وشعبياً، أحدث هذا الإعلان حالة ارتياح شعبي كبير جداً، مقابل حالة من الرعب تسود أروقة الكهنوت الإمامي البغيض في المناطق التي يسيطر عليها. كما تم حتى الآن انتقال كل سلطات الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن، جنوب البلاد، لممارسة أعمالها من الداخل وللاتصال المباشر بالشعب. ولا شك أن لهذا الحدث ما بعده خلال الفترة القادمة.
*حسناً انتقلت السلطة إلى الداخل.. ولكن ألا ترى أن ثمة تحدياتٍ كبيرة تواجه الدولة؟
نعم. وهذا مؤكد. ثمة تحديات تواجه كل سلطات الدولة، وهنا تكمنُ قوة الإرادة، وتكمن الصلابة في مواجهة هذه التحديات والعمل على تجاوزها. عدن نفسها ليست مؤهلة من حيث البنية التحتية لاستيعاب كل المؤسسات السيادية الكبرى: الرئاسة، الحكومة، البرلمان، الشورى، إضافة إلى السفارات والقنصليات والبعثات الدولية. الأمن قضية محورية وأساسية. الخدمات العامة.. تحديات ماثلة، لكن ليس أمامنا إلا العمل على تجاوزها مهما كانت. ونثق بإرادة وحنكة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، وهو شخصية سياسية وأكاديمية وأمنية، وعلى قدر عالٍ من الكفاءة والخبرة والروح الوطنية المعروفة عنه. إضافة إلى أعضاء المجلس القيادي الذين يُعتبرون نخبة اليمن ومحل إجماع الكل.
*لكن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور منذ سنوات يحتاج عملاً في الداخل، فضلاً عن الدعم السعودي.. أبرز الخطوات في هذا الاتجاه؟
هذا ما تدركه القيادة الجديدة، ويدركه الشعبُ اليمني أيضاً، ولهذا لم تلبث هذه القيادة بضعة أيام على الإعلان الجديد حتى عادت إلى الداخل، ملتحمة بالشعب، على الرغم من الخطورة الأمنية القائمة، وعلى الرغم من تردي الخدمات، لكن ذلك هو قدَرُها، أو قل خط المسار الإجباري الذي ما منه بُدُّ. اليمن تعيش اعتلالاً واختلالاً اقتصادياً كبيراً ليس من اليوم، بل من السابق، زادتها الحربُ وتداعياتها سوءاً، مع تعمد مليشيات الحوثي الإرهابية الخمينية إفقار الشعب، وقد سطت على كل مقدراته، وضاعفت في الجبايات والرسوم، وجيّرت الاقتصاد الوطني كله لصالحها كجماعة عبر النافذين من "المشرفين" على المحافظات والمديريات والأحياء السكنية. والحقيقة لولا الركيزة الاقتصادية الكبيرة المتمثلة في "المغتربين" اليمنيين في عشرات الدول، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لكان وضع الشعب اليمني الآن أسوأ، إضافة إلى مبادرات مركز الملك سلمان الإنساني الذي ينفذ عدة برامج إغاثية منذ سنوات.
*كيف ترى الدور الذي تقوم به مشاورات الرياض في إطار صياغة وضع مستقر بين كافة الفصائل اليمينة؟
مشاورات الرياض، 29 مارس - 7 أبريل الجاري، تمت بين فرقاء العمل السياسي في اليمن، أو قل بين شركاء النضال الذين تبعثرت جهودهم لخللٍ في القيادة السابقة خلال السنوات الماضية، رغم إمكانية النصر وعدالة القضية، وقد أدركت دول مجلس التعاون الخليجي خطورة هذه الحال إن استمرت على ما هي عليه، فدعت إلى مشاورات يمنية - يمنية في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بالرياض، وبإشراف عربي ودولي، حضرت فيها كل المكونات السياسية اليمنية، عدا مكون الحوثي الإرهابي، ناقشت خلال هذه الفترة ستة محاور رئيسة: السياسية، الاقتصادية، الأمنية، الاجتماعية، الإغاثية، والإعلامية، في جلسات متواصلة خلال الأيام المذكورة، وخرجت بمصفوفة رؤى، تمثل حالة من الإجماع اليمني. شبيهة إلى حدّ كبير بمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انعقد في صنعاء خلال العامين 2012 و2013. وتُعتبر مخرجاته واحدة من المرجعيات الرئيسة للقضية اليمنية اليوم، جنباً إلى جنب إلى مع المبادرة الخليجية الشاملة وآليتها التنفيذية، وأيضا القرار الدولي 2216. واليوم تُعتبر مخرجات مشاورات الرياض واحدة من المرجعيات المهمة التي أسست لمرحلة جديدة.
*ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا.. إلى أي حدّ تمثّل هذه المخرجات ضمانات نهائية للخروج من نفق الحرب، والتخلص من مليشيات إيران عبر وكيلها الحوثي؟
سؤال وجيه ومهم حقاً. وأقول لك: ثمة نقاط قوة في هذه المخرجات، أقصد مخرجات مشاورات الرياض، تختلف عن نقاط القوة التي رافقت المؤتمرات السّابقة، سواء مؤتمر الحوار الوطني الشامل في صنعاء، أو مؤتمر الرياض الذي انعقد في مايو 2015، أو حتى اللقاءات الخارجية التي تمت في الكويت والسويد وغيرها من اللقاءات الأخرى. أهمها: الإجماع الشعبي اليمني، من خلال إجماع كل المكونات السياسية قاطبة، ضد الحوثي، وهي مكونات قوية وفاعلة على الأرض، من أهمها مكوّن المقاومة الوطنية الذي يمتلك ألوية عسكرية على قدر كبير من الاحترافية والجندية، تشكلت بعد مقتل الزعيم علي عبد الله صالح، بقيادة العميد طارق محمد عبد الله صالح، "ابن أخ الزعيم، وقائد حراسته"، وهذا المكون يحظى بشعبية كبيرة أيضاً، كما أن له ذراعاً سياسياً من خلال "مكتبه السياسي" الذي تشكل قبل عام واحد، ويجمع نخبة برلمانية وسياسية يمنية متميزة، وينظر له الكثير باعتباره قوة صاعدة، جلها من الشباب المستنيرين، بمن فيهم نخبة ثقافية وإعلامية كفوءة وصادقة في توجهها النضالي، إضافة إلى مكون المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو قوة فاعلة على الأرض، وهذا ما لم يتوفر في المؤتمرات السابقة، وأيضاً الإجماع الإقليمي والدولي، مسنود بالدعم المادي من المملكة العربية السعودية، وقد تتبعها دول مانحة أخرى. من نقاط القوة أيضاً شخصية رئيس مجلس القيادة نفسه، الأكاديمي والعسكري والمثقف، صاحب المواقف الوطنية والخبرات السابقة. والحقيقة أن شخصية القائد الاستثنائية في أي معركة تلعب دوراً محورياً في تحقيق النصر، وتختصر الكثير من المراحل التي يتعثر فيها من لا يمتلك مؤهلات النصر، وشواهد التاريخ ماثلة بين أيدينا، وهي كثيرة.
*أفهم من كلامك أنه لم يعد هناك مكون وطني واحد خارج منظومة الشرعية بقيادة المجلس الرئاسي؟
نعم. الآن -وفي سياق غير مسبوق- توحدت كلُّ المكونات اليمنية قاطبة ضد الحوثي، ولن نتكلم -بطبيعة الحال- عن المكونات الواقعة تحت سيطرته في صنعاء، اليوم الحوثي وحده "عارياً في عراء" كما يُقال، وخلال المرحلة القادمة لن يجد لنفسه مكاناً يأويه، بما في ذلك كهوفه وجحوره التي خرج منها من صعدة، شمال اليمن.
*كيف ترى الموقف السعودي الذي لم يعتمد النفط كسلاح استراتيجي في حربه مع وكلاء إيران في المنطقة؟
المملكة العربية السعودية بقيادةِ الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وكذا كل القيادات السعودية، على مر العقود، يتسمون بنَفَسٍ طويل في سياستهم، هذا نهج سياسي معروف عن آل سعود، ويتعاطون مع مختلف القضايا بمسؤولية كبيرة من موقعهم كملوك وأمراء ومن موقع دولتهم كمرجعية إسلامية وعربية كبيرة، وقد تستغرب إذا قلت لك إن الإغاثة السعودية تتوزع عبر منظمات دولية في المناطق التي يسيطرُ عليها الحوثي نفسه.
تستطيع المملكة لَيَّ ذراع كثير من الدول الكبرى بسلاح النفط؛ لكنها لم تفعل، ربما لتقديرها أن هذا الضرر سيلحق بالشعوب المغلوبة على أمرها، لا على الحكومات التي تناوئ سياستها أو تختلف معها. وتعامل المملكة مع الشعوب غير تعاملها مع الأنظمة السياسية.
*تعاني الرياض من تهديد الحوثي لممرات الملاحة الدولية.. برأيك كيف يمكن بناء سياسة إقليمية وتحالف أمني بمساعدة الولايات المتحدة لتأمين التجارة الدولية والطرق المائية الحيوية والاستراتيجية؟
مبدئياً -وبتتبع تاريخ العُصبويات عبر التاريخ- نجد أن كل عصابة مؤدلجة هي خطرٌ على نفسها أولاً، وخطر على محيطها، سواء المحيط المحلي أم الإقليمي، وحتى الدولي. ولو توقفنا عند العصبوية النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا، لرأينا كيف طحنتا أوروبا بكاملها بالحروب المحلية أولاً التي أفضت فيما بعد إلى حرب عالمية. أقصد الحرب العالمية الثانية تحديداً، إلى جانب الفاشية والنازية أيضاً، الخمير الحمر في كمبوديا الذين تسببوا في كوارث مرعبة للشعب الكمبودي. وفي منطقة الشرق الأوسط تُعتبر الأيديولوجية الخمينية واحدة من هذه العُصبويات الخطيرة التي صنعت جيوباً سوداء في منطقتنا العربية، وها نحن اليوم نكتوي بنيرانها.
إن الجماعة الحوثية خطر على اليمن، وعلى الإقليم، وربما امتد خطرها على المجتمع الدولي، بطيشها وجنونها الذي تمارسه دون أية حسابات لهذا العته السياسي. الحوثية تتصرف كعصابة مارقة. كبدو رُحّل يلتهمون ما يعثرون عليه من العشب والكلأ في بضعة أيام ليرحلوا بعدها إلى مكان آخر.
في كتابي: "الصراع الدولي في البحر الأحمر وتأثيره على الأمن القومي للجمهورية اليمنية"، ناقشت مسألة أمن البحر الأحمر، الجغرافيا البحرية المتعلقة بثماني دول تطل عليه، ومنها اليمن ومصر، اليمن باعتبارها المطلة على "طرف الأنبوب" الجنوبي، ومصر باعتبارها متحكمة بقناة السويس، الطرف الشمالي الغربي منه. ينبغي أن تكون هناك استراتيجية بحرية بين الدول المطلة عليه، لأهمية البحر الأحمر، وما يترتب على أي اختراق أمني في هذه البيئة الحيوية والاستراتيجية. إيران حاضرة في البحر الأحمر من خلال الجزر التي تستأجرها في أرخبيل دهلك في أرتيريا وتتجسس منها على المياه الإقليمية، سواء المصرية، السعودية أم اليمنية. في ظل تعاون لوجيستي مع إسرائيل التي تستأجر أيضاً ثلاث جزر أرتيرية في نفس الأرخبيل. ومن هذه الجزر يتم تهريب السلاح الإيراني إلى المياه الإقليمية اليمنية عبر ميناء كثيب بالحديدة وكذا ميدي. ومنهما مباشرة يصل إلى غربي حجة فصعدة. ولدينا تقارير رسمية منذ العام 2013 تؤكد هذا.
*فهمنا أن هذه الجماعة خطر على غيرها؛ لكن كيف تكون خطراً على نفسها، كما أشرت آنفاً؟
نعم، هي كذلك حقاً. وطبيعة الجماعات المؤدلجة طبيعة انشطارية، ما إن تتوحد حتى تتشظى وتنشطر إلى كانتونات وفرق داخلية، وكل فرقة تكفر الأخرى وتخونها. هذه حالة سائدة حتى في السلفية الدينية نفسها. الجماعات المؤدلجة تعيش حالة من "العصاب الجماعي" لا يوحدها غير أعدائها، فإذا ما خلت من أي عدو أو مهدد خارجي عادت تأكل نفسها بنفسها، هذا بشكل عام، وعن الحوثي بشكل خاص، قد تستغرب لو قلت لك أن كبار الشخصيات التي عاشت كأنهم أمراء في عهد علي عبد الله صالح أصبحوا الآن في خبر كان، صرعى برصاص الغدر فيما بينهم: الدكتور عبد الكريم جدبان، الدكتور أحمد شرف الدين، الدكتور محمد عبد الملك المتوكل، عبد الكريم الخيواني، حسن زيد، هذه رموز إمامية جارودية انتهت برصاصات الحوثي نفسه اغتيالاً داخل صنعاء، لأن لهم آراء تختلف عن آراء الكتلة الصلبة في قمرة القيادة الحوثية. وجميع هؤلاء أسرة واحدة. وللشهيد أبي الأحرار محمد محمود الزبيري -رحمه الله- فصل خاص في كتابه الإمامة وخطرها على وحدة اليمن عن خطر الإمامة على الهاشمية نفسها.
ولو تتبعت تاريخ الإمامة في اليمن عبر تاريخها لوجدت أنها سلسلة من الانقلابات والقتل والحروب والدماء، ووجدت أنه ما من إمامٍ إلا وخرج على مَن قبله، وخرج عليه مَن بعده. إنهم خطرٌ على اليمن، وعلى ذواتهم أيضاً.
*تمثل ميلشيا الحوثي وكيل إيران في المنطقة أبرز تحديات الاستقرار في اليمن. كيف ستواجه السلطة في اليمن هذا التحدي؟
نحنُ في اليمن مشكلتنا مع الإمامة الهادوية الجارودية قبل أن نعرف إيران، وقبل أن تظهر إيران الصفوية وأيضاً الخمينية بمئات السنين. الإمامة الهادوية سرطان اليمن، وسرطان المنطقة بشكل عام. ولا شك أنها استفادت من الخمينية الإيرانية، كما استفادت الخمينية الإيرانية منها، في تهديدها لأمن المنطقة. الجماعة الحوثية اليوم إضافة إلى كونها مشكلة قديمة، هي أيضاً مشكلة خمينية معاصرة، مثلها مثل حزب الله اللبناني، ومليشيا الحشد الشعبي العراقي، والنصيرية السورية، وغيرها من الجيوب السوداء في منطقتنا العربية، استطاعت بمساعدة لاعبين إقليميين ودوليين كبار أن تنقلب على الدولة، في 21 سبتمبر 2014، وتقوّض السلم المجتمعي، ومؤخراً تعتدي على الجيران.
وحالياً.. فإنّ موضوع إنهاء هذا الانقلاب من أولى الأولويات الكبرى للقيادة السياسية الجديدة، وبدعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وبعض الدول العربية الأخرى، ومنها جمهورية مصر العربية التي لها دور إيجابي تجاه الشرعية اليمنية.
* كيف ترى المبادرات السعودية لإيجاد تسوية سياسية ودبلوماسية للحل والموقف الإيراني؟
أستطيع القول إن المملكة العربية السعودية واليمن شعبٌ واحدٌ بنظامين سياسيين، وهما نظامان على قدر عال من الوفاق والتآخي، والمملكة حاضرة في الشأن اليمني منذ عقود طويلة، بحكم الجوار الجغرافي والمشترك الاجتماعي والتاريخي والمصير الواحد. وأجزم أنه لولا المملكة العربية السعودية لكان الأمر في اليمن أسوأ مما عليه الآن، ولكان الحوثي قد أباد مئات الآلاف من اليمنيين. ولولا المغتربون في المملكة لكانت المجاعة قد عمت ربوع اليمن وأنجادها ومدنها. لدينا ما يربو على مليوني مغترب في المملكة العربية السعودية، يمثلون الدعامة الاقتصادية الأولى للشعب، ناهيك عن الدعم السياسي والإغاثي.
ودعني أختلف مع من يسعون إلى "حل سياسي" مع الحوثي فأقول: يستحيل قطعاً أن نتوصّلَ بالحوار السياسي إلى سلام مع الحوثي، لأن الحوثي يريد استسلاماً لا سلاماً. نعرف تاريخ الحوثي تماماً، ونعرف أدبياته الدينية ومشروعه السياسي، ونعرف مخاتلته والتفافه على كل الاتفاقيات السابقة منذ العام 2004، وحتى اليوم. لدينا معه عشرات الاتفاقيات وجميعها غدر بها، بعضها من قبل أن يجف حبر مدادها. السلام مع الحوثي دفنٌ للجمر تحت الرماد لا أكثر. وهاتوا لي عصابة أيديولوجية قد جنحت للسلام عبر التاريخ، العصبويات الإرهابية يتم وضع حد لها بالقوة. القاعدة وداعش أنموذجاً. الحوثية في اليمن هي داعش والقاعدة، وربما أخطر. ولو أن بعض اللاعبين الدوليين الكبار تضرروا من الحوثي كما تضررنا نحن منه، لتعاملوا معه كما يتعاملون مع القاعدة وداعش، بدلاً من دعمهم الخفي له.
لسنا ضد السلام؛ بل على العكس، نحن مع السلام، ولكن السلام الدائم الذي يضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي، لا وهم السلام الذي يفضي إلى حرب مرة أخرى.