تصعيد حوثي تجاه السعودية.. إعادة التأكيد على خيارات العنف

  • عدن، الساحل الغربي/ alarab.co.uk
  • 11:05 2022/03/21

يعكس التصعيد الحوثي باتجاه السعودية تأكيدا على خيار العنف للجماعة المدعومة من إيران وردا على دعوة مجلس التعاون الخليجي للحوثيين للمشاركة في مشاورات يمنية – يمنية في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة من التاسع والعشرين من مارس حتى السابع من أبريل.
 
وأعلن الحوثيون السبت على لسان ناطقهم العسكري يحيى سريع عن تنفيذ عملية باتجاه الأراضي السعودية تحت عنوان “عملية كسرِ الحصارِ الثانية” والتي قال البيان الحوثي إن المرحلة الأولى منها شملت” قصفَ عددٍ من المنشآتِ السعوديِّة الحيويةِ والحساسةِ التابعة لشركة أرامكو في الرياض ومنطقةِ ينبعَ ومناطقَ أخرى بدفعاتٍ من الصواريخِ المجنحةِ والباليستيةِ والطائراتِ المسيّرة”.
 
وقال البيان الحوثي إن المرحلة الثانية من العملية استهدفت “قصف عددٍ من الأهدافِ الحيويةِ والهامةِ في مناطقَ أبها وخميسِ مشيط وجيزانَ وصامطةَ وظهرانَ الجنوبِ بدفعةٍ من الصواريخِ الباليستيةِ والمجنحةِ والطائراتِ المسيّرة”.
من جهته أعلن التحالف العربي عن تنفيذ الميليشيات الحوثية “هجوما عدائيا استهدف محطة تحلية ​المياه​ بالشقيق ومنشأة ​أرامكو​ بجازان”، كما أعلن التحالف عن اعتراض وتدمير 4 طائرات مسيرة أطلقت باتجاه المنطقة الجنوبية ​بالسعودية​، وتعرض محطة كهرباء ظهران الجنوب لـ”هجوم عدائي”.
 
وعن أهداف التصعيد العسكري الحوثي في هذا التوقيت، قال الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي في تصريح لـ”العرب” إن هذا التصعيد الحوثي بمثابة رفض حوثي تام لدعوات الحوار التي أطلقها مجلس التعاون الخليجي قبل أيام، ورسالة حوثية متعددة الاتجاهات لتحسين شروطه.
 
 
وأشار العوبلي إلى أن “ميليشيات الحوثي تعتقد أنها بتنفيذها لهذه العملية في هذا التوقيت تُعيد صياغة معادلة الصراع وفق المعادلة التي يريد الحوثي تكريسها، على أساس أن الصراع سعودي – يمني، إلى جانب الاعتقاد الحوثي بأن هذه العملية بمثابة التذكير للسعودية بأن هناك ما يستدعي الشروع في حوار مباشر وندي سعودي – حوثي قبل كل شيء”.
 
وتابع “يأتي التصعيد في سياق أدبيات الحوثي الطائشة التي لطالما عرّفنا بها، وليس من السياسة في شيء أن يأتي تصعيد كهذا في الوقت الذي أصبحت فيه الجهود والمواقف الدولية والأممية والإقليمية تصبّ في اتجاه الحوار وإيقاف الحرب وتحقيق التسوية، وهو ما يتعاطى معه الحوثي دائماً بحماقة مُراهق لا يفقه في السياسة شيئا”.
 
ويربط العوبلي بين الاحتقان المتصاعد في مناطق سيطرة الحوثيين جراء ارتفاع الأسعار وانهيار الخدمات وانعدام المشتقات النفطية وبين رغبة الحوثيين في إظهار مثل هذه الأزمات المفتعلة أنها نتيجة ما دأب الخطاب الإعلامي الحوثي على وصفه بالحصار الذي يفرضه التحالف.
 
وأضاف “نعتقد أيضاً ان الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الشعب اليمني المغلوب على أمره في مناطق سيطرة الحوثي، ستدفعه نحو الحوار والتفاوض كمخرج وحيد من هذا النفق، لكنه – الحوثي – يؤكد مُجدّداً أنه لا يعطي أيّ اهتمام لمعاناة الشعب ولا يهتم للرأي الشعبي الذي أصبح تواقاً للخروج من هذه المعاناة والحرب التي أصبحت تراوح مكانها بلا هدف، بل أن يسعى لصرف نظر اليمنيين عن المتسبب الحقيقي في هذه الأزمة الإنسانية”.
 
يفسر رئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى التصعيد الحوثي في الوقت الذي يدعو فيه مجلس التعاون الخليجي إلى حوار يشمل الحوثيين، بأنه محاولة حوثية لاستباق أيّ تطورات قادمة سواء سياسية أو عسكرية، “فعلى المستوى السياسي يحاول الحوثيون المناورة باستهداف المملكة العربية السعودية بالمسيّرات بعد انغلاق أفق أيّ إمكانية لتقدم عسكري لهم على الأرض في كافة المحاور القتالية، قبل مؤتمر الحوار اليمني – اليمني الذي يحضر مجلس التعاون الخليجي لعقده في الرياض والذي من المرجح أن يؤسس لمبادئ إضافية لأيّ عملية سياسية مرعية من الأمم المتحدة”.
 
 
ويتابع مصطفى “على الصعيد العسكري يرسل الحوثيون رسائل عبر التصعيد باتجاه السعودية في أن ردهم على أيّ تقدم على الأرض عسكريا قد يأتي على حساب الحوثيين سيكون الرد عليه بالمسيّرات خارج الحدود وهو تعبير يعكس العجز الميداني الحوثي على الأرض، وفي كلا الحالتين فإن هذا التصعيد في هذا التوقيت يعبر عن القلق الحوثي من التطورات القادمة المحتملة التي ستكون في كل الحالات لغير صالحه في انكماش مساحات المناورة السياسية والعسكرية المتاحة للميليشيا الحوثية أكثر فأكثر”.
 
وفي مؤشر على استمرار حالة الازدواج الحوثي على المسارين العسكري والسياسي، تزامنت الهجمات الحوثية على منشآت مدنية واقتصادية سعودية مع لقاء عقده المبعوث الأممي هانس غروندبرغ السبت مع كبير مفاوضي الجماعة الحوثية محمد عبدالسلام ومسؤولين عمانيين في مسقط بحسب الموقع الرسمي لمكتب المبعوث الذي قال إن هذا اللقاء تطرق “لمناقشة مشاورات الأمم المتحدة الجارية، وجهود معالجة الوضع الإنساني المتدهور في اليمن بما يتضمن هدنة محتملة في شهر رمضان المبارك”.
 
ويأتي الحديث عن هدنة مؤقتة، في ظل معلومات عن تحشيد الحوثيين للمزيد من المقاتلين، تحضيرا لعملية عسكرية قادمة ستشمل معاودة استهداف مأرب وعدد من الجبهات على الحدود السعودية.
 
وقال الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر إن الحوثيين بصدد التحضير لإصدار قانون طوارئ والإعلان عن عملية تحشيد واسعة ومصادرة ممتلكات المعارضين السياسيين، بالتوازي مع رفضهم المشاركة في المشاورات اليمنية – اليمنية التي دعها إليها مجلس التعاون الخليجي في الرياض.
 
 
وحول التناقض بين التهديد الحوثي بتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية العابرة للحدود ومطالبة المبعوث الأممي في مسقط بإقرار هدنة في شهر رمضان، أضاف الطاهر “هناك هدنة بالفعل بمختلف المناطق اليمنية، منذ بداية مارس، وهناك انخفاض في العمليات العسكرية والجوية للتحالف، إلا ما يتعلق بالعمليات الدفاعية في مأرب وشمال حجة، ولا توجد هجمات أو أعمال عسكرية في مختلف المدن اليمنية، ما يوجد فقط هو العدوان الحوثي على الشعب اليمني في تلك المناطق، من مصادرة ممتلكات الشعب واختطاف أبنائهم تحت بند ما أسموه “إعصار اليمن للتحشيد”، والذي كشف عن مواجهة الحوثيين لصعوبة كبيرة في عملية التحشيد رغم قانون الطوارئ غير المعلن الذي أصدروه، فباتوا يبحثون عن وقت كاف بهدف التعبئة وتحشيد الناس إلى الجبهات التي حصل فيها استنزاف كبير للمقاتلين الحوثيين، وهذا الوقت لن يكون إلا من خلال هدنة تسمح لمقاتليهم في الجبهات بإعادة ترتيب صفوفهم، ولمشرفين بالتعبئة العامة والتحشيد”.
 
وعن رؤية لواقع أيّ هدنة يتم التوصل إليها بين الطرفين، تابع “إن توصلت الحكومة اليمنية مع الميليشيا الحوثية إلى هدنة، لن تكون هناك هدنة حقيقية، وستكون على غرار الهدن السبع السابقة التي خرقها الحوثي بشكل متواصل، وفي نفس الوقت ستمنح الحوثيين فرصة في شهر رمضان للتعبئة العامة والتحشيد للجبهات، وفقًا لما أعلنوه سابقًا عمّا أسموه “إعصار اليمن للتحشيد”، وسيعمل الحوثي على احتلال عدد من المناطق المحررة لذلك كان من الأجدر أن يناقش المبعوث الأممي هدنة إنسانية لا حربية، يتم من خلالها صرف رواتب الموظفين خلال شهر رمضان من قبل كافة الأطراف، وإعانة الفقراء والمحتاجين، غير ذلك فلا فائدة من أيّ هدنة بالنسبة إلى الشعب اليمني، الذي يعاني الويل والعقاب اليومي من الحوثيين”.
 
وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك قد رحّب بالمشاورات التي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي وقال “نقدر جميع المبادرات التي تدعم إجراءات الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية جامعة للنزاع في اليمن. وفي هذا السياق، نرحب بالمبادرة التي أعلنها مجلس التعاون الخليجي لاستضافة أطراف النزاع في اليمن من أجل عقد مشاورات في الرياض خلال الأسابيع المقبلة دعمًا لجهود الأمم المتحدة”.
 

 

ذات صلة