يمنيات يلخِّصن "داعش الحوثية"
- إب، الساحل الغربي، أفكار العواضي:
- 09:53 2022/03/11
التجاوزات التي اقترفتها وتقترفها مليشيات الحوثي بحق المجتمع اليمني عامة لم تفرق بين نوع وجنس وسن، ولكنها في الوقت نفسه تجاوزت حدود وقيم وأسلاف وأعراف "العيب" بمعناه القبلي المتشدد في مجتمع لا تزال للقبيلة حكمها وحضورها. إلا أن القبيلة تهشمت وتهمشت بقسوة تحت بطش وقهر وعنف التطرف الحوثي. وكما تشكو شابة يمنية بمرارة عن الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة اليمنية على يد المليشيات الحوثية فإن "القبيلة لا تحميها ولا المجتمع" في تلخيص مكثف وطافح باليأس والخذلان.
.. مدخل عام
حتى على المستوى العالمي والدولي ذاع صيت الحوثيين كمنتهكين لحقوق المرأة وصنفهم مجلس الأمن الدولي في القائمة السوداء وعاقب قيادات في الجماعة كما دان الجماعة وسلطاتها القمعية ككل بارتكاب الانتهاكات الفاحشة بما فيها العنف الجنسي والابتزاز بكل ما يدخل تحت هذا العنوان، وضمنها أيضا الاختطافات والسجون السرية والخاصة والإرغام والقسر على ممارسة الدعارة وكذلك استخدام الدعارة لابتزاز الرجال من سياسيين ونواب وقيادات ووجاهات وناشطين وغيرهم. في الأخير صنف مجلس الأمن الجماعة كمنظمة إرهابية.
وفيما يسحق القمع والاستبداد والتسلط الحوثي الرجال والمجتمع بشبابه وأطفاله وفئاته المختلفة، فإن المرأة تخسر بأضعاف مضاعفة زيادة على الجميع نتيجة لاعتبارات وظروف ومضاعفات لا تتوقف عند حد.
.. متطرفون
يفرض المتمردون الحوثيون في مناطق سيطرتهم قوانين اجتماعية صارمة غالبا ما تؤدّي إلى تقييد حرية المرأة في المجتمع اليمني المحافظ بطبعه، وتتعرض النساء اليمنيات إلى معاملة سيئة في الغالب من قبل عناصر التنظيم الموالي لإيران، حيث يتدخل هؤلاء حتى في طريقة ارتداء الثياب وألوانها، بحسب تقرير أوجزته يومية العرب اللندنية.
.. شهادات - يمنيات
وتروي اليمنية بلقيس، بصوت مرتجف، مواجهة حصلت بين مجموعة من النساء كانت هي من ضمنها وهؤلاء، حيث كانت الشابة البالغة من العمر ستة وعشرين عاما متوجّهة مع صديقتين لها من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين إلى مدينة عدن الساحلية في جنوب البلاد التي تتخذ الحكومة اليمنية منها مقرا مؤقتا. توقفت الحافلة التي كانت تقلّهن وكان على متنها مسافرون رجال أيضا عند نقطة تفتيش تابعة للمتمردين، وصعد مسؤول أمني إليها.
وتقول بلقيس -وهو اسم مستعار- "كان يتكلم بطريقة سيئة للغاية. وبدأ بتوجيه الأسئلة والتحقيق والصياح على الفتيات”. وتابعت “كانت لديه مشكلة مع طريقة لبسنا. وقال إن ملابسنا قصيرة وملونة، ومخالفة للآداب العامة، وكانت لديه مشكلة أننا مسافرات دون محرم".
إقرأ أيضاً:
- حملة "جوازي بلا وصاية" أثمرت قرارا حكوميا لصالح اليمنيات
- الحوثيون و"سلاح الدعارة" والفيديوهات المخلة - تقرير خبراء مجلس الأمن
- انتصادر الحمادي ورفيقاتها.. 5 سنوات سجن بحكم "مليشيات الدعارة"
وعلى الرغم من أن اليمن إجمالا بلد محافظ، لكن مرافقة محرم للنساء أثناء تنقلاتهن ليس إلزاميا قانونا. وتتابع بلقيس "كان أمرا طبيعيا أن تنتقل الفتيات" بمفردهن في السابق، مضيفة أنها شعرت أن المسؤول الأمني "يقوم بالتحقيق معي وكأنني مجرمة. عندما قلنا له إننا ذاهبات إلى عدن، أجابنا لا، إن شاء الله ستذهبن إلى الجحيم".
.. أثر جانبي للحرب
ويشهد اليمن منذ العام 2014 حربا بين الحوثيين التابعين لإيران والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي. وتصاعدت حدّة المعارك في مارس 2015 مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عربي دعما للقوات الحكومية الشرعية.
طلب توسيع دائرة العقوبات على قيادات حوثية بعد إفادات نائب وقاض حول "ملف الدعارة" وسجون النساء #الساحل_الغربي #yemenhttps://t.co/VdQY5Zwf0t
— الساحل الغربي | The West Coast (@alsahilnet) May 28, 2021
وقالت مديرة "مركز المرأة والتدريب" في جامعة عدن هدى علي علوي الأسبوع الماضي إن الحرب الدائرة في اليمن أدّت إلى تراجع في حقوق النساء في كل المناطق اليمنية سواء تلك الخاضعة للقوات الحكومية أو للمتمردين "من الناحية المعيشية وتراجع مستوى التعليم"، و"العنف القائم على النوع الاجتماعي".
.. "لا حدود للعيب لديهم"
وتقول بلقيس إن رجل الأمن "اعتبرنا جميعا قاصرات مع أن أعمارنا جميعا فوق العشرين". وصادر المسؤول الأمني جوازات سفر الفتيات، واضطررن للتوجه بعدها إلى مركز صنعاء لاستعادتها من مركز أمن تابع للمتمردين.
وتتابع بلقيس أنها شعرت بـ"الظلم"، موضحة "لا حدود للعيب لديهم". وتضيف أنه "لا توجد جهة نتوجه بالشكوى إليها. بعد هذا الموقف، كلما أخرج أشعر بأن شكلي خاطئ. لم تكن هذه الأفكار تتبادر إلى ذهني من قبل".
المزيد - اقرأ أيضا:
- لقاء - برديس السياغي تروي فصلا من معاناة اليمنيات في معتقلات الحوثي.. "طعن وكسر أطراف وصعق كهربائي"
وترى نورية سلطان، أن سلطات المتمردين "تتبنى أيديولوجيا متشددة تجاه المرأة تحديدا. يمكن القول إن وضع النساء في مناطق سيطرة الحوثيين أسوأ بكثير من أي مناطق أخرى".
.. عيب أسود على ذمة القبيلة
ورغم أنّ المجتمع اليمني محافظ جدا، إلا أنّه معروف بحبه للفنون والموسيقى، وكانت توجد فيه قبل الحرب مساحة من الحريات الشخصية. وتشير سيدات كثيرات في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة المتمردين إلى تراجع واضح في حقوقهن.
وفي العام 2020 أغلق عناصر مسلّحون من دون سابق إنذار مقهى للنساء في العاصمة. وقام مسلحون آخرون خلال الفترة ذاتها بإغلاق مطاعم مشابهة، وسار عناصر في مجمّعات مدرسيّة وجامعيّة ليتأكدوا من التزام الطلاب بملابس معيّنة.
8
وتقول امرأة مقيمة في صنعاء "كانت لدى المرأة اليمنية مكانتها في المجتمع والقبيلة. ولا يستطيع أي شخص أن يمسّها"، وتتابع قائلة "أما في زمن الحوثيين، فأصبحت المرأة تتعرّض للضرب والسجن والإهانة".،
وفي إشارة إلى ما تعتبر سابقة وعيبا أسوداً في مجتمع قبلي غالبا كالمجتمع اليمني، تضيف "لا تستطيع القبيلة ولا المجتمع الدفاع عنها".
.. داعش أُخرى
وترى سيدة أخرى مقيمة في صنعاء رفضت أيضا الكشف عن اسمها أن المتمردين "يريدون العودة بالنساء اليمنيات إلى عهد الجاهلية". وتتابع "لا يوجد فرق بينهم وبين تنظيم داعش من حيث التعامل مع المرأة".