مأساة أسرة شرَّدها الحوثيون في تعز.. أًصيب عائلها الوحيد بالجنون بعد إصابة طفلته بمرض مزمن

  • تعز، الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي:
  • 03:13 2021/12/06

كانت القذائف الحوثية تتساقط بكثافة على أحياء المدينة، وكان حي الروضة شرقي المدينة أكثر الأحياء عرضة لتلك القذائف التي أثارت الرعب والهلع في نفوس أهالي الحي من المدنيين العُزّل.
 
في مايو 2015، كثفت مليشيا الحوثي قصفها العشوائي على الأحياء السكنية في مدينة تعز بشكل عام، وحي الروضة على وجه الخصوص. 
 
الطفلة هيفاء محمد علي (10 سنوات) إحدى ضحايا القصف الهستيري الذي شنته المليشيا على حي الروضة، حيث كانت تقيم هيفاء وأسرتها، فقد سقطت قذيفة هاون جوار منزلها، فكانت فاجعتها الأولى التي تضاعفت آثارها في جسد هيفاء دون أن ينتبه إليها أحد من الأسرة المكونة من خمسة أفراد، لا سيما وأن الأسرة كانت تبحث عن ملاذ آمن من الموت الذي يحاصر المدينة من كل الاتجاهات. 
 
أم هيفاء تتحدث للساحل الغربي
 
أماني عبدالوهاب، والدة الطفلة هيفاء، في حديثها لـ"الساحل الغربي" تروي ما خلفته مليشيا الحوثي بحياة أسرتها، وكيف أضحت مهددة بالضياع، قائلةً: "القذائف التى لم تصب طفلتي، أصابتها أصوات انفجاراتها بمرض يرافقها طيلة حياتها".
 
انتقلت هيفاء وأسرتها إلى منزل أحد أقاربها وسط المدينة، هربًا من القذائف التي تنهال على الحي بشكل يومي. 
 
كان عمر هيفاء، حينها، لم يتجاوز أربع سنوات حتى تطور مرضها وبدأت تبرز عليها الأعراض ونوبات عصبية "صرع" تراودها من وقت لآخر. 
 
نجت الأسرة من الموت، لكن الطفلة هيفاء لم تنجُ من مرضها المزمن، حيث تعاني من شحنات كهربائية في دماغها (صرع) نتيجة الفجائع المتكررة من تساقط قذائف المليشيا الحوثية على الأحياء التي كانت تسكن فيها. 
 
تقول أماني: "كلما تسمع هيفاء أصوات القذائف تغلق أذنها خوفًا من أصواتها وتصرخ بأعلى صوتها، وتكرر تلك الصرخات في المنام". 
 
 
إقرأ أيضاً:
- اليمنيات ومعركة الخلاص.. أم الشهداء الخمسة تتحدث مع الساحل الغربي: "لو كان لدي ولد سادس"
- الطبيب صلاح سهيل عائد من زنازين الحوثي: استخدموا معي التعذيب بالكهرباء والمرابيع الخشبية والحديدية والألمونيوم!
- في سوق البرح: مشرف حوثي قتل "حكيم" بائع الأسماك برصاصة في الرأس
- صور- "لغم دبابة" حوثي نسف هشام راوح وسيارته في جولة القصر بتعز
- اليمنيات ومعركة الخلاص.. أم الشهداء الخمسة تتحدث مع الساحل الغربي: "لو كان لدي ولد سادس"
- تحقيق - ملف بوقائع "مذبحة حوثية" أخرى بحق التهاميين (تحديث)
- ملف القناصة بتعز (ح 5)- أول ضحايا القنص من المقاتلين ولمرَّتين.. قصة الشاب الشرعبي «بين طلقتين وعكازتين»
- صور وفيديو- "استنزاف اليمن الفتي" : قرابين صغار في مذبح الحوثي!
بقلب يعتصره الألم، وصوت كله حزن ومعاناة، تصف أماني حال طفلتها: " كانت هيفاء تفقد وعيها لساعات فيصيبني وإخوانها الصغار حالة من الرعب والخوف والقلق".
 
تضيف: "كنت أفتقدها أحياناً، فأبحث عنها فأجدها مرمية بإحدى زوايا غرف المنزل، مغمى عليها".
 
بذلت والدة هيفاء كل الجهود في سبيل علاج طفلتها، لكن الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها الأسرة حالت بين هيفاء وعلاجها. 
 
تقول والدتها: "عرضتُ هيفاء على طبيب مختص بالأمراض العصبية، فقال لنا إن هيفاء بحاجة إلى زيارات متتالية ومتابعة العلاجات اللازمة، لكن أزمة انقطاع المرتبات كانت فاصلاً بيننا ومركز الأمراض العصبية في المدينة بعد أن نزحنا إلى منزل شعبي في مديرية شرعب السلام في ريف تعز الشمالي، بسبب عجزنا عن تحمل تكاليف العيش في المدينة". 
 
معاناة وتشرُّد
 
المصائب لا تأتي منفردة، هكذا يقول حال الأسرة التي لم تتجاوز مأساتها الأولى، لتخوض معاناة أخرى أشد منها، حيث أصيب رب الأسرة وعائلها الوحيد (محمد علي) بالجنون، بسبب انقطاع المرتبات وتراكم متطلبات الحياة وظروف العيش المزرية في زمن حرب فرضتها مليشيا الحوثي الكهنوتية. 
 
تقول أماني: "إن انقطاع مرتب زوجي كان بوابة لجنونه، حتى غادر المنزل ولم يعد، ولم نعلم عنه سوى أخبار أنه في مدينة الحوبان، بات من مشردي الشوارع، مجنونًا". 
 
تحملت أماني، في عقدها الثالث من العمر، مسؤولية إعالة أربعة أطفال، أكبرهم لم يتجاوز عمره (12 عامًا)، ولا يزال منقطعًا عن المدرسة، بسبب انشغاله بالعمل بالأجر اليومي يساند به أسرته في توفير قوتها الضروري. 
 
أما الأم، فتعمل بمنهة الأعمال اليدوية، لإعالة أطفالها ودفع تكاليف علاج الطفلة هيفاء، بعد ستة أعوام من إصابتها، لكن لا جدوى من علاج متقطع، نتيجة عجز دفع تكاليف زيارة الأطباء وارتفاع أسعار الأدوية. 
 
"طفلتي بحاجة لعلاج مستمر، ما لم، فسيؤدي ذلك إلى تطور خطير قد يسبب لها إعاقة دائمة أو ضمور بالدماغ حسب قول الأطباء، ولو كان والدها بخير لوفر تكاليف ذلك، لكني أجد نفسي عاجزة على القيام بذلك بمفردي" بهذه العبارات اختتمت أماني كلامها بصوت مثقل بالألم المركب على طفلتها وزوجها والحسرة التي تنتابها في التفكير بمستقل أطفالها المشردين. 
 
مناشدة فاعلي الخير بتبني علاج طفلتها وتقديم المساعدة لها وإنقاذ أطفالها من الضياع.

ذات صلة