قصيدة العبور

08:08 2021/10/07

(مهداة الى أبطال ملحمة العبور في مصر – 6 أكتوبر 1973)
 
لا الليلُ في الضفة الأخرى ولا النُذرُ
ولا الدمــاءُ -كمـا الأنهارِ- تنهمرُ
 
ولا الذئـاب وقد أقعــتْ على حذرٍ
وحولهـــا تـــزأر النيـــران والحُفَرُ
 
لا هذه سوف تثنينــــــــــا ولا خطرٌ
يصد جيشـــاً دعـــاه الثــأر والظفرُ
 
جيشاً تمرَّدَ صبراً، فـــي مواقعــه
وكــــاد فــــي الانتظــار المرِّ ينفجرُ
 
مضى ليثأر مـــــن أعدائه ومضت
في رَكبــه الشمسُ والتـاريخُ والقدَرُ
 
يا عابر البحر، كان البحر أغنيــــةً
والشط عاشقـــــة تومــــــي وتنتظرُ
 
ترنو إليك بــــأجفــــــانٍ مقرَّحـــةٍ
وقـــــد عبــرتْ إليها، وانتهى السهرُ
 
هبطتَ سينا -على اسم الله- منتصراً
فضوأت، واشتوى في نــارها الخطرُ
 
سيناءُ مـن قلب مصر كيف يفصلها
جان؟ وعـن روحها تنبو وتختصرُ
 
ويل المطامع كم أدمـت وكم قتلــت،
رجالــها العور، كم بيعوا، وكم عوروا
 
أحلامهم تحت وجه الشمس عارية
اجسادهم فوق وجـه الرمل ما قبروا
 
ظنوكِ -سينـاء- للأغرابِ مزرعـةً
وفي رمـــالك يزكو المـــــــاء والثمرُ
 
تسللوا عبـــر ليلٍ لا نجـــومَ بـــه
وأصبحوا وهم السُمّــــــــــار والسمرُ
 
لكنهم حصدوا موتـاً وعاصفـــــةً
وفوقهم تقصـفُ الأشجـــــار والمطرُ
 
تقهقروا خلفهم رعبـــــاً بلا أمــل
وقيل لــــن يقهروا يوماً وقــــد قُهروا
 
تساقطوا كفراشـــــاتٍ ملوثـــــةٍ
في الرمل واحترقوا في النار أو أُسروا
 
يا عابر البحر ما أبقى العبور لنا
وما عسى تصنع الأشعــــــار والصورُ
 
أبطالنـــا عبروا مـــأســـاة أمتهم
ونحـن في كفـــنِ الألفــــاظ نحتضرُ
 
تقدموا عبر ليلِ الموتِ ضــــاحكةً
وجوههم، وخطـــــوط النـــــار تستعرُ
 
وأشعلوا في الدجى أعمارهم لهباً
للنصر واحترقــــوا فيــــــه لينتصروا
 
عبورهم أذهل الدنيــــا ومــوقفهم
تسمَّــــــــرتْ عنده الأقــــــلام والسِيَرُ
 
وددتُ لو كنتُ يومــاً في مواكبهم
أو ليتني كنــــت جسراً حينمـــا عبروا