عبدالله اللَّقِيَّة.. النسرُ الجمهوري
- كتب: فتحي أبو النصر
- 03:35 2021/09/14
الصنديد.. مَن أطلق أعز الرصاصات اليمنية في جسد الإمام التافه.. غير أن هذا النسر الجمهوري الذي ما يزال قبرُهُ مجهولًا إلى اليوم أكَلَت لحمَه أسودُ “أحمد يا جِنّاه”.
*
كم هي مثيرة حياة الملازم البطل (عبدالله اللقية) ابن همدان الذي ولد في العام 1930 في صنعاء القديمة، وعاش في خضم ثلاثة أحداث جسام شهدتها بلادنا خلال الربع الثاني من القرن الماضي على الرغم من أنه رحل عن عمر 31 عاماً فقط.
شارك في الحركة الدستورية العام 1948 ضد الإمام يحيى وكان عمره حينها 18 عاماً، حيث كان في الجيش، وأثرت فيه شخصية جمال جميل كثيراً، كما اعتقل وتعرض للتعذيب، وبعد خروجه من السجن فُصل من الجيش كعقاب له. عقبها عمل لسنوات في قسم الكشافة في مستشفى تعز، ثم عاد إلى الجيش بتذليل ووساطة من رفيقه الثلايا.
ولئن اعتقل في سجن حجة على إثر حركة الثلايا، فقد نجا من الموت و أفرج عنه مع بعض المعتقلين السياسيين.. ويعد اللقية بشكل خاص من أنضج الضباط الشباب في الجيش حينها وأشجعهم.
التحق بمدرسة الأسلحة العسكرية وتخرج منها عام 1959 كما عمل مدرباً عسكرياً في (فوج البدر) الفوج الذي تأسس من ضباط عصريين ليكون بشكل متقدم عن كل تشكيلات الإمامة العسكرية السابقة وكان قائده السلال.
الأرجح أن اللقية كان على صلة بتنظيم وطني ذي هموم تحررية ألا وهو تنظيم الضباط الأحرار. وتفيد عديد مؤشرات أنه كان وثيق الصلة بحمود الجائفي وعبد السلام صبرة وعلي عبد المغني وجزيلان.
فوق ذلك تزعم -رفقة الشهيد العلفي كما هو معروف- الخلية التي أطلقت الرصاص على الطاغية أحمد بن يحيى حميد الدين في مستشفى الحديدة وكان حينها معيناً كضابط في الميناء العام 1961.. ثم إثر العملية تم اعتقاله وترحيله إلى تعز و إيداعه قفص الأسد، وبالتالي تعرضه للتعذيب الشديد حتى «أُدمِي جسمه وخاس جسده» إلى قبل يوم من إعدامه بشهادة الأستاذ محمد اليازلي الذي كان في ذات السجن حينها.
ولقد ذكر العميد محمد علي الأكوع أيضاً أن ولي العهد محمد البدر، كان يطعن جسد اللقية بالسيف ليدلي بأسماء زملائه، لكنه استمر في اعترافه الوحيد، كونه المسؤول الأول والأخير عن العملية حتى وهو في ساحة الإعدام.
واضحٌ أن حياته السريعة مليئة بالدلالات الثورية المتأججة، كما يحق للتاريخ أن يستجلبها دائماً وينصفها.
رحم الله اللقية الذي كان يلوذ بيمنيته كلما استشرت المكائد. اللقية الغريب. اللقية المغامر. اللقية المبرمج على احترام كينونة الشعب. اللقية الذي كان حراً واستثنائياً وعاشقاً صارماً وحقيقياً لهذا الوطن.
ترى من يصدق أن جثة الشهيد عبدالله اللقية ما تزال حتى اليوم مجهولة القبر!
– اللوحة بريشة الشاعر يحيى الحمادي