سلامات سامي غالب
- رياض الأحمدي
- 05:18 2021/08/27
منذ صباح الخميس، أعيش وجعاً بل أوجاعاً، مع أسوأ ما حملت الحوادث، إذ أبلغني صديق أن الأستاذ سامي غالب، أصيب بجلطة نقل على إثرها إلى المستشفى، في ظل تواجدي قسرياً بعيداً عن الانترنت، بظروف لم أتمكن فيها من المتابعة.
الأستاذ سامي غالب، هو قامة صحفية سامقة، يتفرد بمجموعة من الصفات، قل ما يمكن أن تتوفر في أي كاتب أو رمز ثقافي تنويري. إذ يمثل مدرسة صحفية وشخصية، غاية في النبل والنزاهة والوفاء وعزة النفس، وربما لا يعرف كثيرون أن سامي غالب، يدفع الكثير نظير نزاهته ورفضه الانخراط في أي شبهات.
الكثيرون كتبوا عن الأستاذ سامي، وصفحات أغلب الزملاء والسياسيين تعج حول سامي ودوره في صحيفة النداء، ولكن شخصياً، سأركز على العقد الأخير، منذ توقف صحيفة النداء قسراً في العام 2011، ظل سامي غالب كاتباً يواكب في صفحته الشخصية على فيسبوك، وهو يتحفظ على النشر أو التصريح في كثير من الوسائل الإعلامية محلية وخارجية، حتى لا يحسب ضمن أي صف، وبدلاً عن ذلك، فإنه يتيح لمن يريد إعادة نشر ما يكتب، مع الإشارة إلى مصدره في صفحته الشخصية.
أياً كان ما قرأتم من كتابات، ستجدون أن سامي غالب واحد من أولئك الكبار جداً، في لغته وتعابيره، إنه ككاتب، يشعرك أنه يتربع في مجال رفيع لا يمكنك أن تبلغه، ما لم يكن لك قلب وقلم وروح ونزاهة سامي غالب.
ويكاد يكون الأكثر بصيرة، الذي تنبه إلى خطورة المسار الذي يقود إليه "التبشيريون" في المرحلة "الانتقالية" والقوى السياسية التي غدرت قياداتها باليمنيين وأحلامهم. لقد سخر غالب بأسلوبه البديع ولغته التي ينتحها بالتوصيفات السياسية الدقيقة، من كل التنظيرات السطحية التي كانت تسوّق الأوهام لملايين اليمنيين، وهو من وصفه الفيدرالية والأقاليم بأنه "حشيش" و"أفيون" يتناوله سياسيو الأحزاب والقوى الردئية التي أوصلت اليمن إلى ما وصل إليه.
سامي غالب، الذي أحبه وأشعر أنني مهما كتبت ما زلت بعيداً عن القدرة على رص الحروف والكلمات التي تفي حقه، كأحد الكبار جداً في هذه البلاد وفي تاريخ الصحافة والإعلام عموماً. وكأشجع وأصدق من كتب وأروع في المرحلة التي تابعته فيها على الأقل منذ أقل من عقد. أياً تكن تختلف مع جزئية أو رأي لديه، فإنك لا تمتلك إلا أن تزيداً أكباراً له، وهو النزيه الصادق، المحترف فيما يكتب.
في السنوات الأخيرة، يعيش سامي غالب، وجع ما آلت إليه البلاد.. ومن يعرفه سامي، يدرك أن رجلاً وقلباً مثله، لا يمكن أن تمر أوجاع البلاد منه مرور الكرام، بل إنه كل مأساة يمني، وكل ضحية، يؤثر في سامي، وهو اليوم، يواجه تدهوراً صحياً خطيراً، لطالما كان عرضة له، مع مطالعته كل خبر مؤسف يصعد من اليمن.
أنا وسامي وموقع صحيفة النداء
بدأ تواصلي مع الأستاذ سامي منذ سنوات غير قليلة، وبالذات مع اقتراب رأينا كثيراً في زمن مؤتمر الحوار وما رافقه من ترويج للأوهام التبشيرية بـ"الفردوس" الاتحادي. الحرب والأوضاع القهرية أسكتت الأقلام. وقبل أكثر من عام، كتب الأستاذ سامي منشوراً عن كون موقع صحيفة النداء، أصبح مفقوداً من شبكة الانترنت منذ 2014، فتواصلت معه كفني إدارة وتطوير مواقع، طوعت خبراتي في المجال الفني، لإعادة إرشيف النداء إلى النور. وهو أمر كتب حوله الأستاذ سامي أكثر من مرة.
الأستاذ سامي هو أيضاً من وضع عليّ العديد من الأفكار الاستراتيجية التي عملت عليها، وكان من بينها موقع البردوني رحمه الله.
هناك أخبار جيدة عن استقرار حالته.. ونسأل الله له الشفاء.
حقٌ على قلمٍ وقلبٍ ورجل عظيم مثل الأستاذ سامي غالب، أن تقف معه هذه البلاد، وسيقوم بسلامة الله وحفظه إن شاءالله.. اللهم لطفك يا رب بسامي.