بيت القصيد في معادلة السلم والحرب

02:06 2021/08/24

هل تفضل أن تكون مواطناً أم "متسيداً"؟ 
الجواب: إذا كنت تفضل أن تكون مواطناً، فهذا يعني أنك مستعد للتفاهم مع بقية المجتمع على بناء دولة المواطنة بالاستناد إلى قاعدة المساواة أمام القانون. يعني أنك مستعد لإغلاق ملف الحرب والصراعات الدموية، وأن كل ما تطمح إليه هو سلام يتيح لك الحياة والأمن والعدل واحترام حقوقك في العمل والترقي والحكم واختيار أسلوب حياتك، وربما طريقة موتك.
 
أما إذا كنت تصر على أن ترى نفسك "متسيداً"، على أي نحو كان، فهذا يعني أنك مصمم على أن تغرق هذا البلد في الحروب والصراعات، وأن السلام بالنسبة لك هو أن يقبل بك المجتمع "متسيداً"، وأن المجتمع بالنسبة لك هو حشد من الرعية، وأن الدولة هي صولجان السلطة والتسلط، وأن القانون هو ما يصدر عنك من تعليمات.. أي أنك باختصار مشروع حرب دائم. 
 
الذين تقمصوا "التسيد" من مواقع مختلفة ومن منطلقات متنوعة، كانوا وسيظلون دعاة حرب، ينتصرون تارة، ويهزمون تارة أخرى. والبلد الذي يتقلب في رداء "التسيد"، ولا يستطيع الانتقال إلى قيم المواطنة لا يمكن له أن يستقر وينعم بالسلام، لأن هذا النظام الاجتماعي لا يعترف بالحقوق الطبيعية والسياسية للإنسان، وتحميه قوى غاشمة، تتفق على حمايته وتختلف وتتصارع على الظفر بقيادته.
 
التاريخ السياسي لليمن في جانب كبير منه هو صراع "التسيد" للظفر بقيادة المجتمع: سلالات بدم أزرق ترى أنها متميزة عن غيرها من الشعب بالحسب والنسب والأحقية في الحكم، وجاهات اجتماعية فشلوا في أن يكونوا سادة أنفسهم فتورطوا في" تسيد" مجتمعاتهم عبر حروب أفسدوا بسببها قيام الدولة، وغيرهم ممن قادوا الثورات عبر الانقلابات العسكرية لم يستوعبوا حقيقة أن بناء الدولة يبدأ بإنشاء نظام صحيح للمواطنة فاتجهوا نحو "التسيد" بالمعنى الذي جعل منهم مجرد مقلدين لأسوأ نماذج "التسيد" التي أنتجتها التجارب التاريخية لهذه المجتمعات.
 
هذا السؤال هو ما يجب أن تكون الإجابة عليه واضحة لنعرف ما إذا كنا قريبين من السلام الذي يحقق الاستقرار الدائم لبلدنا.
 
سؤال بسيط، لكن الإجابة عليه معقد بقدر ما في تاريخنا من حكايات.
 
ومع ذلك فإن الإجابة عليه هي بيت القصيد في معادلة السلم والحرب.
 
#فيسبوك