يا بغسوساه!

01:56 2021/07/25

منذ نحو أسبوع، والإعلام العربي والعالمي، مشغول ببرنامج بيغاسوس الإسرائيلي، واستخدامه من  قبل عشر دول استخداما يتنافى مع احترام حقوق الإنسان وفاقا للمزاعم التي تتردد على الرغم من إنكار تلك الدول.. بيغاسوس، هذه التكنولوجيا المتطورة جدا تصنعها وتبيعها شركة إن أس أو، وهي إسرائيلية.. إسرائيل تصنع للهند منظومة الدفاع الصاروخي  باراك0 8.. وإسرائيل تبيع لأذربيجان نظام الإشعاع الحديدي لاصطياد الصواريخ المعادية.. إسرائيل هي مبتكرة القبة الحديدية، التي يسخر منها العجزة.. وإسرائيل ابتكرت وصنعت السهم 1، السهم 2،  والسهم 2.. وهي التي ابتكرت منظومة مقلاع داوود، المقلاع الذي  يوازي  صاروخ باتريوت.. وقبل أمس فاخر وزير الدفاع بالنخبة العسكرية في شركة رفائيل، و شركة الصناعات الجوية والفضائية، ونحن مستسلمين لأسطورة زائفة تقول إن العقل يهودي، والمال عربي، وكأن العقل والمال لا يجتمعان!
 
مشروع بيغاسوس تحقيق استقصائي شارك فيه أكثر من ثمانين صحفيا في سبعة عشرة مؤسسة صحافيّة حول العالم، بتنسيق من منظمة فوربيدن ستوريز في باريس، ومساعدة تقنيّة من منظمة العفو الدولية.
 
موضوع التحقيق، إن شركة إن أس أو الإسرائيلية باعت برنامج بيغاسوس لعشر دول من بينها الإمارات، السعودية، المغرب، والبحرين، فتم استخدامه للتنصت على هواتف سياسيين،  وصحافيين معارضين،  وأن المغرب استخدم البرنامج للتجسس على هاتف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لكن المغرب نفت، وادعت أنها ستلجأ إلى القضاء للدفاع عن سمعتها، على الرغم من أن الفرنسيين تعاملوا بجديدة مع الخبر، وشرعوا في إجراء تحقيق جنائي.. وفي الجزائر شرع النائب العام قبل يومين إجراء تحقيق حول تعرض هواتف قيادات جزائرية مرموقة مدنية وعسكرية للتجسس، من خلال تلك التكنلوجيا الإسرائيلية، وزعم معدو التحقيق أن الإمارات تجسست على وزراء في حكومة هادي في السعودية، وبعض قيادات الجماعة الحوثية في صعدة وصنعاء من بينهم عبد الملك الحوثي.
 
قالوا إن برنامج بيغاسوس استخدم في مراقبة خمسين ألف هاتف تعود لصحافيين ونشطاء وقادة سياسيين حول العالم، بينما قال المحلل المشهور في  بي بي سي  جو تايدي، إن هناك نحو 200 صحافيا من 21 دولة ضمت القائمة أرقام هواتفهم، ويكتنف الغموض كثيرا من تلك المزاعم، بما في ذلك مصدر تلك القائمة وعدد الهواتف التي تم اختراقها بالفعل.. على أن التحقيق  لم يذكر مصادره، كما لم يذكر سوى أسماء نحو عشرين مستهدفا من بين الخمسين ألف، وقالت الشركة المصنعة إن التحقيق مليء  بفرضيات خاطئة ونظريات غير موثقة.
  الإمارات نفت ما نسب إليها، ونفت ذلك السعودية، كما أنكرت الحكومة المغربية التجسس على هاتف الرئيس الفرنسي، أما الحكومة الإسرائيلية فلم تذكر أسم أي دولة، وقال وزير الدفاع إن الوزارة لا تمنح تراخيص تصدير المنتجات الإلكترونية إلا لأغراض أمنية، أو لمنع الجريمة فقط... شركة إن إس أو، صاحبة البيغاسوس ، أكدت مرارا أن برنامجها لم يبع لزبائن يقومون بانتهاك الخصوصية، وإنه صمم لاستهداف المجرمين والإرهابيين، وإنه لا يقدَّم لغير المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية وتلك المعنية بإنفاذ القانون في دول ذات سجلات جيدة في مجال حقوق الإنسان.. ويبقى السؤال عن سبب إلقاء أضواء التجسس ومراقبة المعارضين وانتهاك خصوصيات الأفراد، على دول عربية دون غيرها؟ هل لعدم احترامها لحقوق الإنسان، وخصومتها للديمقراطية؟ وإلى حين تتأكد صحة التحقيق المذكور، أو يثبت عكس ذلك، فأن الأمر المثير لانتباهنا في هذه اللحظة، هو كيف تمكنت دولة من تحقيق هذا التقدم التكنولوجي، في غضون عقود قليلة؟ لتصبح الدول الأقدم منها بعشرة عقود مجرد زبائن!