معركة "مثلث الوسطى: البيضاء، إب، تعز"

  • تعز، الساحل الغربي، كتب/ عبدالسلام القيسي:
  • 10:09 2021/07/05

بدءاً من البيضاء، قبل عام ونصف، ارتكبت مليشيات الحوثي جرائم جمة، والقارئ المتمعن للحدث يكتشف أن تلكم الجرائم لم تكن أحداثاً عارضة، ولا كانت الصدفة ولا نزق المشرفين من أحدث الضجة تلك وارتكب الجرائم تلك، والأدلة كثيرة ووافرة، إلى اللحظة مروراً في إب وإلى حيمة تعز.
 
المثلث السني بنظر الحوثي
 
يرى الحوثي أنه لا يستطيع هضم المثلث السني، ويمكنه السيطرة عليه عسكرياً كما حدث، ولكنه مجتمعياً يفشل في أخذ لب المجتمع الممتد من البيضاء وإلى إب وتعز، وكانت القبيلة الرافد الوحيد لهذه المجتمعات ذات العقلية السنية التي كانت هي الغالب الدائم للشيعة في اليمن وفي المنطقة، ولذا بدأ بالبيضاء، وما فعله بقتل جهاد الأصبحي كانت بداية فقط لزرع الخوف والرعب المميتين للعقلية السنية وللقبلية السنية، واكتشاف مكامن الخطر لدى القبائل، وهكذا في إب وتعز..
،، أن يخفي ضعفه الذي ظهر ويظهر ويخاف الدخول بمعركة والقبائل خلفه فتثور عليه، ولذا يهيكلهن وكذلك يعيد ترتيب البيت السني المؤرق الوحيد الذي يشغله فالجغرافيا والطبوغرافيا تينك الممتدتين من البيضاء إلى تعز سنية ولا يمكن إحلال أي مذهب أو أية دعوة ويمكنه ترتيبهن بالرعب وسحق سطوة القبيلة وذلك بالتعرض والنيل من النساء كما حدث بسنة منصرمة وإهانات. 
لدى الحوثي الدراية الكاملة بأقدس الأقداس وهن النساء خاصة لدى القبيلة اليمنية، ولسوف يجرب معهم هل ما زالت لديهم كرامة أم نخوة أم شرف، فأمر مشرفه بقتل جهاد الأصبحي، وأعلن ياسر العواضي النكف، وصمتت أغلب القبائل، وأثخنت المليشيات بآخر قيادة قبلية يمكنها الوقوف بوجههم، والدلالة على أن الجريمة كانت مجرد قياس نبض هو رفض المليشيات تسليم المشرف القاتل لأنهم من أمروه بذلك وأصبحت الجريمة جريمتين: قتل جهاد بتلك الطريقة، وجعل بنات الناس مادة للاختبار.
 
وإلى إب.. للحوثي طغيانه
 
إب التي ترزح تحت طغيان الجماعة، وهي أكثر مدينة منهوبة ومسلوبة من الحوثي، أراضيَ وعقاراتٍ وإيراداتٍ، وتجبر مفزع ولكن لا بد من قياس نبض أبناء إب هل وصلوا إلى مرحلة التسليم الكامل للمليشيات ولو على حساب الشرف، وهنا ذهب المشرف الحوثي إلى عمق القبيلة وقام بقتل ختام العشاري بالطريقة المعلومة ولم تكن الحادثة وسط المدينة وكذلك في البيضاء بل وسط القبيلة وحيث المشيخ المذل من المليشيات الحوثية، وكانت النتيجة آن للحوثي أن يفعل ما يشاء فلا أحد سيأخذ بالثأر ولا قبيلة ستعلن النكف ليجعلها الحوثي عبرة كياسر العواضي.
 
ليس انتقاصاً من إب، يعاقب الحوثي إب التي هي كل جبهة الوطن، الساحل الغربي برمته من إب، هو يعاقبهم، ذات مرة كان العميد طارق يسأل حراسه وأنت من وين؟ من إب، وأنت من وين؟ من إب، مرات ومرات، وكانت إب هي الغالب برجال المشتركة فما كان من العميد طارق إلا أن قال: وأنا طارق محمد صالح من إب.
 
بل توضيحاً لمراد الحوثي من قتله للنساء وكما فعل بالبيضاء رفض تسليم القاتل لو أن القاتل قتلها بحادث عرضي، ولكنه قام بفعل ذلك بأمر منهم.
 
حيمة تعز أيضاً 
 
أنهى الحوثي اختباراته في محافظتي البيضاء وإب ونكل بمن نكف ضدهم في البيضاء وتأمل أن إب أصبحت مسلمة أمرها لقياد الرعب وبقيت تعز وفي تعز المدينة الوحيدة التي يعاملها الحوثي بحذر تام، لأن هناك جبهة ولأنه يخشى قبائل تعز وحاول مجانبة الولوج بالقضايا الكبيرة، ولكنه حان حين الاختبار ليعلم نية تعز للوقوف معه أو الخروج ضده وهل تأصلت رهبة الحوثي لديهم أم ما زالت نخوة القبيلة تزمهم، ثم اتجه نحو الحيمة التي أسقطها سابقا، قتل النساء والرجال، وهدم عشرات المنازل، ونهب المنازل، وذهب الزوجات، أخذ الأطفال كرهائن بل وداس الرجال بمدرعاته حتى الموت. 
 
لم يدس الحيمة، بل داس كل تعز، داس الجيش، وداس كل القبائل وفخخ قلوبهم بالخوف ويخشى أحد الوقوف بوجههم مجددا خوفا من مصير الحيمة دون علمهم أنه الضعف فقط.
 
يريد الحوثي المكاسب الثلاثة 
 
أن يخفي ضعفه الذي ظهر ويظهر ويخاف الدخول بمعركة والقبائل خلفه فتثور عليه، ولذا يهيكلهن وكذلك يعيد ترتيب البيت السني المؤرق الوحيد الذي يشغله فالجغرافيا والطبوغرافيا تينك الممتدتين من البيضاء إلى تعز سنية ولا يمكن إحلال أي مذهب أو أية دعوة ويمكنه ترتيبهن بالرعب وسحق سطوة القبيلة وذلك بالتعرض والنيل من النساء كما حدث بسنة منصرمة وإهانات. 
 
قبل عامين كان الحوثي يوقع مواثيق شرف مع قبائل شمال تعز في مخلاف وشرعب بعدم التعرض له كما بعدم التوغل الحوثي للريف الشمالي، لا تهجموا من مخلاف إلى الستين، ولن نهجم على مخلاف، ولكن بالآونة الأخيرة بعد حوادث البيضاء وإب والحيمة في تعز أصبح للحوثي يد في تشكيل كل شيء بريف تعز الشمالي القبلي إلى درجة تجنيد الزينبيات وإرسال خطب الجمعة إلى كل جامع بالريف، وبات لا يخشى المقاومة التي تبعد عن مخلاف خمسة كيلوهات فقط، لا يخشى أحدا.
 
ثم يتجه إلى مأرب 
 
إلى مأرب، خلف زامل عيسى الليث منشد المليشيات تزحف المليشيات حسب قولها لإخراج مأرب من عبادة الشمس حسب الرمزية الحضارية قبل الإسلام إلى عبادة الله الذي نعبده قبل بني هاشم، وهذا اتهام صريح وواضح وبيّن بالكفر لكل مأرب.
 
أنجبت مأرب ابن المكشوح، قاتل رستم بمعركة القادسية وهي من أخمدت نار المجوس في العقود الأولى للفتح، لذلك يراها الحوثي، يد المجوس، في اليمن كافرة بدين الساساني ويسعى لتدين بثانوية زرادشت.
 
ماذا لو نجح الحوثي؟
 
يتمثل نجاح الحوثي بإسقاط القبيلة التي هي الغريم التاريخي للسلالة وقد فعلها في المدن الخاضعة له تحت سردية مزيفة تتمثل بمواجهة العدوان وهو الآن يسعى لإسقاط السردية الثانية للمدن الأربع بتعز وإب والبيضاء ومأرب كأهل سنة، وإذا غادرت القبيلة من محتواهن وغادرت نوعية السنة فمعناه نجح الحوثي بمعركته. 
 
تعز وإب وحدهما تمثلان ثلث البلاد من السكان، ضف إلى ذلك البيضاء ومأرب، وكل معركة لا تحافظ على الوعي الجمعي والقبلي والمذهبي لهذه المدن معركة خاسرة فلربما يربح الحوثي بالحفاظ على التركيبة المذهبية له في شمال الشمال ولكنه سيكون قد مزق نسيج المدن هذه ولا يمكنهن العودة لاسترداد عرش البلاد المغدورة.
 
لذا.. معركة البيضاء مصيرية لهذه المناطق الوسطى وعقب تحرك المعارك هناك منذ أيام قام الحوثي بدعوة مشايخ المحافظات الوسطى تحت يافطة من أسماهم الحكماء خوفا من هذه المعركة الأخيرة، وكما بدأ كسر عنفوان القبيلة في البيضاء يخشى أن يبدأ الخسران الحوثي من البيضاء إلى إب وتعز خاصة مع فشله في مأرب..

ذات صلة