حال "القَرْدَعي"

08:50 2021/06/17

قصيدة تَصَوُّريّة لحال أسطورة الأحرار الشيخ ناصر القردعي،- رحمه الله- وذلك بعد فراره مِن سجن الكهنوت الإمامي، 
 
أَوِّبي يا قِمَمَ القَفْرِ مَعي 
ومِن الأرضِ إليَّ ارْتَفِعي 
 
لتَرَيْ للأرْضِ مِن حيثُ أنا 
هارِبًا مِنها، وكَيْ تَطَّلِعي….
 
وتَقُولي وهُرُوبي  خَشْيةَ الذُّلِ 
ما أَسْمَى هُروبَ "القَرْدَعي"!
 
وأشْهدي أنَّ غِنائي وَجَعٌ 
فاضَ، لولا كِبرياءُ الوَجَعِ 
 
وأشْهدي أنَّ الذي يُجْبرُني  
أنْ أُغَنَّي هُوَ شُحُّ الأدْمُعِ
 
وشُعُوري رَغْمَ ما بي، أنّني
لمْ تَعُدْ في كَفِّ "يَحيى" أَضْلُعي  
 
شاردًا في القَفْرِ، إلّا أنَّ لا
أحَدًا، يُكْرِهُني ألّا أَعي  
 
ليسَ في الأيّامِ أَدَنى راحَةً
مِن شُرودي بخُطَى المُقْتَنِعِ 
 
وجَبِينُ الأشْعَثِ الحُرِّ ضُحَىً 
يُغْلِقُ الدُّنيا على كُلِّ دَعي 
 
إنَّ "يَحْيى" ليسَ بالقادِرِ أنْ  
يَبْلَغُ الرَّأسَ مِن المُمْتَنِعِ 
 
وإذا كانَ لهُ سَيْفٌ فما 
هُوَ سَيْفُ الشَّعْبِ إنْ لمْ يَقْطَعِ؟!
 
إنّهُ لا سَيْفَ للبَغْي سِوى 
ذُلِّ مَن يَخْشى سُمُوَّ المَصْرَعِ  
 
وإنِ الأرْضُ لمَن يَطْغَى بها 
فالسَّماواتُ لمَن لمْ يَخْضَعِ 
 
شاسِعٌ ما بينَ إمْلاقِ الحَصَى
وثراءِ السّاطِعِ المُرْتَفِعِ 
 
وقَبيحٌ ذلكَ الجُرْحُ الذي 
يَتَحَلّى بالسُّكُوتِ المُوجِعِ
 
أيّها القَفْرُ لَكمْ يُحْزِنُني 
أنَّ في "صَنْعا" سُكُونَ البَلْقَعِ!
 
وعلى "صَنْعا" سِياطُ الجَورِ، مِن
قَلْبِها تَطْلُبُ أقْصَى البُقَعِ 
 
ويدُ السَّطْوِ نهارًا، ودُجًى 
شَبَحُ السَّطْوِ، ولَوْنُ الهَلَعِ 
 
أيّها القَفْرُ جَميلٌ أنتَ إذ
لا أرى فيكَ زِحامَ الخُنَّعِ 
 
ما أَلَذَّ السَّيرَ واللّيلَ هُنا 
وعُوَاءَ الذِّئبِ، مِلَءَ المَسْمَعِ 
 
وجُنونَ الرِّيحِ، والرَّهْبَة في 
صدْرِ هذا الضَّيّقِ المُتّسِعِ  
 
وَحْشَةُ القَفْرِ، أنَيسٌ لكَ يا
شارِدًا مِن  ذِلَّةِ المُجْتَمَعِ 
 
وصدِيقٌ لكَ ذاكَ النَّجْمُ يا 
أيّها الإنسانُ، ما لمْ تَقَعِ 
 
هشام باشا 2021/6/16 
 
ملاحظة 
ما ألهمني لكتابة هذه الابيات هو قصة فراره -رحمه الله- من سجن الكهنوت وقوله المشهور
 
يا ذي الشوامخ ذي بديتِ 
هل شي على الشارد ملامة 
 
قولي ليحيى بنْ محمدْ 
بانلتقي يومْ القيامة.