مسجلة جدتي في كرنفال الوحدة

09:10 2021/05/21

أين أنت يا عقيل الصريمي؟
كنت أيها المسجى بالموت صوت الوحدة.. 
كنت أنت لا سواك ترتب تشريع هذه البلاد صباحات هذه الذكرى، وكان أحدهم في إذاعة تعز عندما ينطق اسم الرئيس يقول: علي عبدُالله بضم وتفخيم، صالح.
 
أتذكر ونحن بطريق العودة من المدرسة كان زميلي عبدالناصر يقلد عقيل الصريمي في طريق (هوب الضاحة) المؤدية إلى قريتي العالية ثم قريته، كان يفخمها مثله، أيااام.
 
لديّ ذكرياتي الخاصة مع الوحدة، دارنا ومسجلة جدتي، وجدتي، وقات (قطين الولي) وتخزينة منذ الصباح في النافذة التي ترى كل شيء في الأسفل، قُرى وطرقات.
 
كانت أول صلتي الحقيقية بعبدالله مهيوب الذي جمعتنا سنوات كثيرات فيما بعد هذه الذكرى، فهو شاب القرية ومركز الشباب وجامعهم الوحيد بطريقته المعهودة إلى الآن.
 
ذات مرة، كالعادة، ليلة الوحدة، ومسجلة جدتي، الكبيرة، تغني أعلى سطح دارنا الكبير المنيف على القرية العليا والسفلى، ونام الناس ولم ينم عبدالله الذي ينام بسطح منزلهم في قرية الضجعرة السفلى من شدة الحر، وصاح: عيب عليك، خلنا نرقد، أطفئ المسجلة.
 
رفضت، كنت صغيراً، أنتشي من المنجز الوحدوي الكبير، وظللت حتى الصباح أغني.
 
بعدها التقيت به وتحدثنا وتعمقنا أكثر، رغم كونه من عائلتي لكن القرابة غير الصداقة، ولقد كان قريبي من قبل ومن ثم أصبح صديقي.
 
مسجلة جدتي لها حكاية، اشترتها لتسمع أحد قراء القرآن من مكة يشبه صوته، كما قالت، صوت جدي الشيخ عبدالجليل، كانت كلما سمعته من إذاعة ما تبكي، ثم قررت تشتري مسجلة وتشتري شريط القارئ ذاته وفعلت وكانت تبكي كلما سمعت صوته، تتذكر جدي.
 
لا يمكن لجدتي القديسة أن تسمح لمسجلة خاصة بالقرآن أن تغني، إلا لي، وأغانٍ يخصن الوحدة، هن فقط، تعطينيها في كل ذكرى وحدة وثورة ومنجز، كانت تحب الرئيس الذي قالت عندما تولى الحكم أنهى الحروب ولم تعد تخاف على أولادها وقرباها مثل السابق، وهذه لجدتي تكفي، يكفي أن تشعر بسلامة الأهل والولد.
 
كنت -آنذاك- أكتب الشعر، وأخفيه خوفاً أن يقرأوه، وبدأت كتابة المقالات، آنذاك، في المناسبات الوطنية، وأعد الكلمة الصباحية للمدرسة، أطول أطول أطول، بشكل كبير ويستمع لي الطلاب، عليهم أن يعذروني.
 
لا أستطيع نسيان هذه الذكريات التي شكلتني، بل شكلها علي عبدالله صالح الذي سوف نظل نتذكره ما بقي للكون حياة..
 
لقد شحنتنا الإذاعات أكثر من كل هذه الوسائل بالوطن والجمهورية والوحدة، فمسجلة جدتي وعقيل الصريمي وأنيسة محمد سعيد وأروى محمد مسعد، وصوت أمل عرفة وأوبريت توحدنا، ووطن كان يشبه الجنة، جنات.