هُنا والآن.. صنعاء والثعابين: إلى علي عبدالله صالح

01:23 2020/12/02

ننام على المخاوف ونستيقظ على الألم وسط أجواء مرعبة حصار وغلاء وجوع وأمنيات بريئة تسحق كل يوم على مرأى الجميع وفي ظل صمت رهيب.
 
قلتها ذات خطاب جمهوري صادق: "أنا أحكم اليمن على روؤس الثعابين". أكاد أجزم أن الترجمة الدقيقة للجملة التي قلتها تعني "لن ترى الدنيا على أرضي وصيا"، لكننا _ للأسف_ يا سيدي لم نفهم وآذاننا الصماء لم تع ما قلت ولم تسترجع صدى ما قلته طلبا للفهم والنجاة ولو كنا سمعنا حينذاك ما أكدت عليه لما كنا اليوم في العذاب والهوان الأليم ولو علم الله فينا خيرا حين قلتها لأسمعنا لكننا كالعادة صم بكم عمي فلا نحن سمعنا فحيح الثعابين التي أخبرتنا عنها ولا نحن تهيأنا لحصد روؤسها حتى غرزت أنيابها في أجسادنا ونشرت سمومها فأطاحت بنا أجمعين. 
 
حين قلتها بالضغط على "روؤس الثعابين" كانت تقاسيم وجهك تنبئ عن مخاوف حقيقية وتحيل بذكاء على مؤامرات دنيئة تحاك ضدنا وضد الوطن ويا لله كم أشرت إلينا من طرف خفي "صالح صمام أمان اليمن" لكننا لم نكن صالحين بما يكفي لإصلاح ذات بيننا ولم نكن على استعداد لإقامة جدار وطن يريد أن ينقض ولم نفهم أن ثمة مستعمرا سريا يتربص للإيقاع بنا لكم كنا غافلين عنك حين كنت صمام الأمان المؤكد لنا..
 
غفلنا حينها ولم نستأنس بدفء حكمتك فآذنتنا السماء بالحرب وصبت فوق رؤوسنا كل لعنات الدنيا. 
 
أيها الزعيم الصالح..
 
لقد كنا على ما يرام في عهدك، وكانت لحياتنا قيمة ومعنى، ننام ملء عيوننا ثمة طمأنينة تحيط بنا لا تعترينا المخاوف نقول ما نريد وكيفما نريد وبفضل حكمتك اليمانية، كان الراكب فينا يسير من صنعاء إلى حضرموت ومن عدن إلى صعدة لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، علمتنا أن نعشق النهار وأن نحب قيم الأنوار ولم تتنصل من واجبك في الاعتناء بنا وإيجاد الفرص التي تتلاءم مع إنسانيتنا. كان الناس على عهدك لا يموتون إلا عندما يتعبون من الحياة... أما اليوم ومع خروج الثعابين التي أخبرتنا عنها أصبحنا عجولين جدا لمغادرة الحياة.. تخيل "الثعابين" لم تترك لنا حتى حق الحلم مجرد أن نحلم..
 
حتى الحلم تخيل أصبحنا لا نملكه الآن نحن موتى مع إيقاف التنفيذ..!!!
 
كنا نعيش على عهدك في وطن آمن مطمئن يأتينا رزقنا رغدا من كل مكان، الهناء يحيط بنا، والأمان والاطمئنان لا يغادرنا... أثر النعيم باد على تقاسيم وجوهنا.. ثمة أمور أخرى وتفاصيل شتى لا حصر لها كانت توحي بدفء العلاقة بين الحاكم والمحكوم.. ولكننا الآن وهنا غادرنا كل شيء لم يعد للأمان والاطمئنان أي وجود ننام على المخاوف ونستيقظ على الألم وسط أجواء مرعبة حصار وغلاء وجوع وأمنيات بريئة تسحق كل يوم على مرأى الجميع وفي ظل صمت رهيب.
 
الأوضاع هنا أكثر من سيئة.. مظاهر الحياة كلها متوقفة كالشلل الرباعي، لا مؤسسات تعمل ولا أسواق ولا حياة.. فقط ضجيج يلقن العابرين الكراهية وثمة دماء تسيل وخيبة تتدلى.
 
الحياة "هنا والآن" عنف وإعلام مزيف، عتمة وظلام، أشلاء ودماء، توجس ومخاوف، كل شيء من حولنا يصرخ ويئن وجعا ويدوي بالحنين والفقد أصبحت المدن اليمنية اليوم لا تتقن غير أكل أبنائها، وكأنما كتب على هذا الوطن أيها الملك الحميري أن يكون وسادة مريحة للحروب والظلم والجهل والموت..
 
الفوضى والقتل المجاني ورائحة البارود ومخابئ الحشيش والممنوعات وأمور أخرى بشعة نعيشها وتعيشها صنعاء.. صنعاء التي لم يعد أهلها أهلي ولا جيرانها جيراني.. هذه التفاصيل وغيرها تجعلنا في حنين دائم إليك فالسلام عليك/ السلام عليك/ السلام على النور في مقلتيك يوم ولدت ويوم تبعث حيا، وبين ولادتك وبعثك مثلك يا سيدي لن يموت.
 
أما عن الثعابين التي لطالما أكدت مخاوفك منها فإنها اليوم تسرح وتمرح ثعابين تدمر البلاد وتقتل النفس الزكية وتقود فلذات أكبادنا إلى الجحيم، "ثعابين" كاذبة خاطئة فحينا تقول: "نموت ويحيا الوطن".. وحينا تردد "يد تبني ويد تحمي"، بينما على امتداد اليدين نحن فقط من يموت قهرا وكمدا..
 
لكم هو سيء هذا الإحساس بالعجز.. ولكم هو سيء وجود هذه "الثعابين" بيننا إلى حد اللعنة.