«شردنا الحوثيون وأًصيب الأب بالجنون»

  • تعز، الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي:
  • 08:46 2022/07/01

- انقطاع مرتب زوجي كان بوابة لجنونه
- غادر المنزل ولم يعد، يقال إنه هائم في الحوبان
- بات من مشردي الشوارع، مجنونًا"
 
كانت القذائف الحوثية تتساقط بكثافة على أحياء المدينة، وكان حي الروضة شرقي المدينة أكثر الأحياء عرضة لتلك القذائف التي أثارت الرعب والهلع في نفوس أهالي الحي من المدنيين العُزّل.
 
في مايو 2015، كثفت مليشيا الحوثي قصفها العشوائي على الأحياء السكنية في مدينة تعز بشكل عام، وحي الروضة على وجه الخصوص. 
 
الطفلة هيفاء محمد علي (10 سنوات) إحدى ضحايا القصف الهستيري الذي شنته المليشيا على حي الروضة، حيث كانت تقيم هيفاء وأسرتها، فقد سقطت قذيفة هاون جوار منزلها، فكانت فاجعتها الأولى التي تضاعفت آثارها في جسد هيفاء دون أن ينتبه إليها أحد من الأسرة المكونة من خمسة أفراد، لا سيما وأن الأسرة كانت تبحث عن ملاذ آمن من الموت الذي يحاصر المدينة من كل الاتجاهات. 
 
أماني.. كيف يمكن تلخيص الفاجعة؟
 
أماني عبدالوهاب، والدة الطفلة هيفاء، في حديثها لـ"الساحل الغربي" تروي ما خلفته مليشيا الحوثي بحياة أسرتها، وكيف أضحت مهددة بالضياع، قائلةً: "القذائف التى لم تصب طفلتي، أصابتها أصوات انفجاراتها بمرض يرافقها طيلة حياتها".
 
انتقلت هيفاء وأسرتها إلى منزل أحد أقاربها وسط المدينة، هربًا من القذائف التي تنهال على الحي بشكل يومي. 
 
كان عمر هيفاء، حينها، لم يتجاوز أربع سنوات حتى تطور مرضها وبدأت تبرز عليها الأعراض ونوبات عصبية "صرع" تراودها من وقت لآخر. 
 
 
نجت الأسرة من الموت، لكن الطفلة هيفاء لم تنجُ من مرضها المزمن، حيث تعاني من شحنات كهربائية في دماغها (صرع) نتيجة الفجائع المتكررة من تساقط قذائف المليشيا الحوثية على الأحياء التي كانت تسكن فيها. 
 
تقول أماني: "كلما تسمع هيفاء أصوات القذائف تغلق أذنها خوفًا من أصواتها وتصرخ بأعلى صوتها، وتكرر تلك الصرخات في المنام". 
 
بقلب يعتصره الألم، وصوت كله حزن ومعاناة، تصف أماني حال طفلتها: " كانت هيفاء تفقد وعيها لساعات فيصيبني وإخوانها الصغار حالة من الرعب والخوف والقلق".
 
تضيف: "كنت أفتقدها أحياناً، فأبحث عنها فأجدها مرمية بإحدى زوايا غرف المنزل، مغمى عليها".
 
بذلت والدة هيفاء كل الجهود في سبيل علاج طفلتها، لكن الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها الأسرة حالت بين هيفاء وعلاجها. 
 
تقول والدتها: "عرضتُ هيفاء على طبيب مختص بالأمراض العصبية، فقال لنا إن هيفاء بحاجة إلى زيارات متتالية ومتابعة العلاجات اللازمة، لكن أزمة انقطاع المرتبات كانت فاصلاً بيننا ومركز الأمراض العصبية في المدينة بعد أن نزحنا إلى منزل شعبي في مديرية شرعب السلام في ريف تعز الشمالي، بسبب عجزنا عن تحمل تكاليف العيش في المدينة". 
 
 
الأم.. أم وأب !
 
المصائب لا تأتي منفردة، هكذا يقول حال الأسرة التي لم تتجاوز مأساتها الأولى، لتخوض معاناة أخرى أشد منها، حيث أصيب رب الأسرة وعائلها الوحيد (محمد علي) بالجنون، بسبب انقطاع المرتبات وتراكم متطلبات الحياة وظروف العيش المزرية في زمن حرب فرضتها مليشيا الحوثي الكهنوتية. 
 
تحملت أماني، في عقدها الثالث من العمر، مسؤولية إعالة أربعة أطفال، أكبرهم لم يتجاوز عمره (12 عامًا)، ولا يزال منقطعًا عن المدرسة، بسبب انشغاله بالعمل بالأجر اليومي يساند به أسرته في توفير قوتها الضروري. 
 
أما الأم، فتعمل بمنهة الأعمال اليدوية، لإعالة أطفالها ودفع تكاليف علاج الطفلة هيفاء، بعد ستة أعوام من إصابتها، لكن لا جدوى من علاج متقطع، نتيجة عجز دفع تكاليف زيارة الأطباء وارتفاع أسعار الأدوية. 
 
"طفلتي بحاجة لعلاج مستمر، ما لم، فسيؤدي ذلك إلى تطور خطير قد يسبب لها إعاقة دائمة أو ضمور بالدماغ حسب قول الأطباء، ولو كان والدها بخير لوفر تكاليف ذلك، لكني أجد نفسي عاجزة على القيام بذلك بمفردي" بهذه العبارات اختتمت أماني كلامها بصوت مثقل بالألم المركب على طفلتها وزوجها والحسرة التي تنتابها في التفكير بمستقل أطفالها المشردين. 
 
مناشدة فاعلي الخير بتبني علاج طفلتها وتقديم المساعدة لها وإنقاذ أطفالها من الضياع.

ذات صلة