كنوز المضيق نقلت سفينة القرصان من القرن الأفريقي إلى الحديدة

  • توفيق علي | independentarabia
  • 01:28 2022/01/06

استطاعت القطع الحربية الدولية وضع حد للهجمات القادمة من القارة السمراء على المركبات التجارية إلا أن الميليشيات الحوثية أعادتها من جديد.
 
يبدو أن منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب ستظل محط توتر دولي، فما أن تعالج من جانب حتى يعود واحد من أهم الممرات المائية والتجارية في العالم للالتهاب مجدداً، ولكن هذه المرة من الضفة الشرقية بعد أن كانت ضفة القرن الأفريقي هي مصدر الخطر الدائم. 
 
فعقب نحو عقد ونصف من الجهود الدولية المشتركة التي نجحت في كبح جماح القرصنة البحرية القادمة من شواطئ القرن الأفريقي التي كانت قواربها الملأى بحمَلة الكلاشنكوف والـ"آر بي جي" تتسابق نحو نهب السفن العابرة المحملة بالمؤن والنفائس، ها هو خطر آخر يكبر من ضفاف السواحل الغربية اليمنية المطلة على طريق التجارة العالمية على يد ميليشيات الحوثي، كان آخرها ما أعلن بالأمس عن احتجاز سفينة الشحن الإماراتية "روابي" في تصعيد ينبئ عن تطورات داهمة من هذا النوع ستكون المياه الدولية مسرح عملياته في قادم الأيام.
 
 
أهمية الحادثة أنها تطور جديد وجريء في ممر دولي يكتسب مع خليج عدن أهمية كبرى، ويرتبط بالأمن الاقتصادي العالمي، ونقطة عبور إلزامية تربط أوروبا بشرق آسيا ودول الخليج العربي وأستراليا، تعبر منه أكثر من ستين سفينة تجارية عملاقة يومياً.
 
هرمز والمندب… السلاح النووي
 
على الرغم من توالي الحوادث الحوثية في المياه الإقليمية الدولية منذ سيطرتهم على السواحل الغربية اليمنية نهاية عام 2014 إلا أن حادثة اليوم تذكر بحديث مبكر للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي قال في لقاء جماهيري مطلع عام 2013، إن إيران تستخدم أذرعها في اليمن (في إشارة ضمنية حينها للحوثيين) للسيطرة على مضيق باب المندب "خدمة لمشاريعها التوسعية والطائفية".
 
 
وفي لقاء متلفز عام 2015 أضاف في تكثيف لإيضاح المساعي الإيرانية في بلاده أن "من يسيطر على مضيق باب المندب إضافة إلى هرمز، لن يحتاج إلى سلاح نووي"، أي أن التحكم بخطوط الملاحة الدولية عبر هذين المضيقين سيمثل ورقة ضغط تقوم مقام امتلاك السلاح النووي، متهماً إيران بالسعي الحثيث لتحقيق تلك الغاية عبر ذراعهم الحوثية. 
 
"سافيز" ترابط هناك
 
الممر الدولي الذي يبلغ طوله نحو 2.250 كلم وأقصى عرض له 398 كلم، كان مسرحاً لتواجد العديد من القطع البحرية وحاملات الطائرات التي تجوب مياهه لتأمينه نظراً لأهميته الجيوسياسية وحماية مصالحها هناك، إلا أن إيران تمكنت منذ عام 2016 من التواجد بواسطة السفينة "سافيز" التي ترابط قبالة السواحل اليمنية.
 
ونشر التحالف العربي بياناً يُظهر رجالاً على متن السفينة يرتدون بزات مموهة وقوارب صغيرة قيل إنها قادرة على نقل شحنات أسلحة إلى السواحل اليمنية.
 
ووفقاً لاتهامات سابقة للحكومة اليمنية، فقد اُستخدمت السفينة "سافيز" قاعدةً لجمع المعلومات الاستخباراتية ومخزن أسلحة للحرس الثوري الإيراني، وبقيت تتلقى إمداداتها وتستبدل طواقمها عبر سفن إيرانية أخرى كانت تعبر المنطقة. 
 
 
واستقرت "سافيز" قبالة السواحل اليمنية الغربية منذ عام 2016، وقامت بحسب الخارجية الإيرانية بنفيذ دوريات بالقرب من مضيق باب المندب. إلا أنها نفت التهم بلعب دور في حرب اليمنية، مؤكدةً أن السفينة "توفر الأمن البحري وتحمي سفنها من القراصنة".ومنذ تواجد "سافيز" شهد ممر البحر الأحمر توترات ملحوظة، إذ شن الحوثيون عدة هجمات استهدفت السفن الحربية في مضيق باب المندب أو بالقرب منه. 
 
وفي الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2016، ألحقت صواريخ كروز المضادة للسفن التي أُطلقت من السواحل اليمنية التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية أضراراً بالغة بسفينة الإنزال الإماراتية "سويفت". 
 
كما نشر مركز الأبحاث الاستراتيجية "CSIS" المتخصص في قضايا الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، تقريراً جاء فيه أن الحرس الثوري الإيراني زود الحوثيين بزوارق حربية من طراز "بيكاب1"، و"بيكاب2" وزوارق مسلحة "A2.Ad" وأنظمة هجومية من طراز "UMVS" وألغام بحرية ومنظومات متطورة للقيام بمهام تعزز النفوذ الإيراني في البحر الأحمر.
 
محاولات وتصدٍ
 
المغامرات الحوثية في المياه الدولية تواترت عقب سيطرتهم على الحديدة المطلة على سواحل البحر الأحمر عام 2014 بجملة من الحوادث التي تنوعت بين القرصنة ونشر الألغام البحرية والاعتداء المباشر، إلا أن تحالف دعم الشرعية تمكن في عمليات استباقية من إحباط الكثير منها. إذ عادة ما يُعلن عن إفشال تلك المحاولات في مراحلها الأولى، باستثناء حوادث قليلة لم تعق إبحار السفن التجارية المستهدفة.
 
ففي الـ23 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نشر التحالف العربي صوراً استطلاعية لـ4 زوارق بحرية مفخخة دمرها بمعسكر الدفاع الساحلي بمنطقة "الجبانة" شمال مدينة الحديدة (غرب) قبل تنفيذ هجمات وشيكة. 
 
كما أعلن عن استهدافه موقعاً لتجميع الزوارق المفخخة تابعة للجماعة المدعومة من إيران. 
 
حادثة تدمير الزوارق جاءت عقب أيام في الشهر ذاته لعملية مماثلة للتحالف استهدفت موقعاً لتجميع وتفخيخ وإطلاق الزوارق في منطقة "اللُحية" بمحافظة الحديدة.
 
فرصة ستوكهولم 
 
ووفقاً لرواية التحالف، فإن موقع اللُحية المستهدف كان يشرف على إدارته خبراء إيرانيون، ويستخدم لنشر الألغام البحرية التي بلغ عدد ما تم تفكيكه من قبل قوات التحالف العربي خلال الأشهر الأخيرة إلى 200 لغم بحري إيراني الصنع من نوع "صدف" في جنوب البحر الأحمر، بحسب ما قالته قيادة التحالف بالرياض.
 
تبعها بأسبوعين اتهام من الحكومة اليمنية للحوثيين "بالاستمرار في تهديد خطوط الملاحة الدولية عبر مواصلة تفخيخ الزوارق المسيرة عن بُعد".
 
وحينها قال وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني، إن ميليشيات الحوثي تستخدم موانئ ومدينة الحديدة المشمولة بتهدئة أممية (وفقاً لاتفاق ستوكهولم الموقع بين الحكومة الشرعية والحوثيين 2018) بمثابة موقع لتجميع وتفخيخ الزوارق ومنطلق لتهديد السفن التجارية في خطوط الملاحة الدولية، وتهديد المصالح الدولية تنفيذاً للأجندة الإيرانية.
 
لولا البحر
 
 
وفي ظل النفي الحوثي عن عدم تبعيتهم لإيران وتنفيذ أجندتها، جاء التسجيل المرئي الذي نشره التحالف العربي قبل أسبوع ليكشف عن وجود خبراء من "حزب الله" يتولون إطلاق الطائرات والصواريخ الباليستية من السواحل الغربية للبلاد، وتأكيد الضابط التابع لحزب الله اللبناني، الذي ظهر في الفيديو أنه "لولا الأمم المتحدة لكانوا خسروا الحديدة والبحر وخسروا تدفق الأسلحة والمقاتلين"، وهو ما قالت الميليشيات إن تسرّباً عن طريق برامج تجسس استخدمها التحالف ضد هواتف القيادات.
 
رداً على بيحان 
 
المحلل العسكري عبد العزيز الهداشي قال إن الضربات التي حققتها قوات العمالقة في شبوة المدربة والمدعومة من دولة الإمارات أوجعت الحوثيين وإيران، ما دفعهما للجوء للقرصنة واختطاف السفينة الإماراتية. 
 
 
وأضاف "هذا الفعل يقع ضمن توسيع مسرح العمليات بين إيران والمجتمع الدولي ويمكن القول إن حرب اختطاف السفن بين إيران من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى بدأت منذ ثلاث سنوات باختطاف الإيرانيين سفينة بريطانية رداً على عملية مماثلة قامت بها الأخيرة في مضيق جبل طارق".
 

 

ذات صلة